استقبل الفلسطينيون اليوم الأول من شهر رمضان على أشلاء أبناء غزة, إثر القصف الجوي والمدفعي للاحتلال الصهيوني الذي يمضي في عدوانه الوحشي للشهر الخامس على التوالي, وسط أزمة إنسانية خانقة ومساجد مدمرة في القطاع وتضييقات على الأقصى المبارك للحيلولة دون أداء صلاة التراويح فيه. ومع تعثر محادثات وقف إطلاق النار في غزة وتبخر آمال "هدنة رمضان", يتواصل صيام فلسطينيي القطاع الذي فرض عليهم من قبل الكيان الصهيوني عن طريق التجويع منذ 7 أكتوبر الماضي, ليتقاطع مع الشهر الفضيل, في ظل تجدد تهديدات مسؤولي الاحتلال الصهيوني بهجوم عسكري بري على مدينة رفح, جنوبي القطاع, التي تعد آخر ملاذ ل7ر1 مليون نازح فلسطيني, حسب آخر تقديرات للأمم المتحدة. ورغم تدمير الاحتلال الصهيوني ما لا يقل عن 1000 من أصل 1200 مسجد واستشهاد أكثر من 100 داعية من العلماء والوعاظ والخطباء والأئمة والمؤذنين والمحفضين في القطاع, حسب وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة, إلا أن المصلين افترشوا الرماد والركام لأداء أول صلاة تراويح من شهر رمضان. في المقابل, وفي ظل التضييقات المشددة لقوات الاحتلال الصهيوني على الأقصى المبارك, أعلنت حملة "مسير الأقصى 3" عن استعدادها لتسيير حافلات من جميع محافظاتالضفة الغربيةالمحتلة باتجاه المسجد الأقصى, ضمن حملتها السنوية لإعماره وصد أي محاولات تهويدية تستهدفه خاصة خلال شهر رمضان. ودعت حملة "مسير الأقصى" أهالي الضفة الغربية والداخل المحتل إلى شد الرحال تجاه المسجد الأقصى المبارك, فجر الجمعة الأولى لشهر رمضان, من كافة مساجد الضفة الغربيةالمحتلة, من أجل الاعتكاف والرباط فيه وإعماره وإحياء أيام الشهر الفضيل في باحاته, تأكيدا على هويته العربية والإسلامية. اقرأ أيضا : فلسطين: اعتقال أزيد من 7500 فلسطينيا منذ بدء العدوان الصهيوني يشار إلى أن قوات الاحتلال الصهيوني شددت من اجراءاتها العسكرية ونشرت بموجبها 23 كتيبة في أنحاء الضفة الغربية بما فيها القدسالمحتلة, بالتزامن مع حلول الشهر الفضيل, أعاقت أمس الأحد, دخول مئات المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك لأداء صلاة التراويح, وقامت باحتجازهم على أبوابه وفرضت قيودا على دخول الشباب, مع العلم أنها تفرض حصارا مشددا على المسجد الأقصى, منذ خمسة أشهر وتمنع الدخول إليه, مع إصدار عشرات أوامر الإبعاد بحق مقدسيين, من أجل منعهم من الصلاة خلال شهر رمضان. دخول الشهر الفضيل على وقع خطر المجاعة وشح المساعدات ويدخل العدوان يومه ال157 على التوالي, مخلفا في حصيلة غير نهائية, 31.112 شهيدا و72.760 جريحا, حسب السلطات الصحية في غزة وآلاف الشهداء الذين ما زالوا تحت الركام وفي الطرقات, حيث يمنع الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني إليهم, في وقت يمضي المجتمع الدولي في تعبئته لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في القطاع, خاصة مع بدء شهر رمضان في القطاع المحاصر, مطالبا بوقف فوري لإطلاق النار لدواعي إنسانية. وفي ظل انعدام مقومات الحياة والشح الشديد في المواد الغذائية بالقطاع, بلغ عدد ضحايا سوء التغذية والجفاف إلى 27 شهيدا, مع العلم أن 2ر2 مليون من أصل 4ر2 مليون غزاوي يعانون بين تشرد وجوع يصل إلى حد خطر المجاعة, جراء مواصلة الاحتلال الصهيوني عدوانه المدمر رغم مثوله أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية" في حق الفلسطينيين. ويصر الاحتلال الصهيوني على استخدام "التجويع" سلاحا لتعميق المأساة الإنسانية بغزة, في انتهاك صارخ لكافة القوانين الإنسانية والإرادة الدولية وقرارات مجلس الأمن ولمقررات محكمة العدل الدولية, حيث أكد منسق الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينيةالمحتلة, جيمي ماكغولدريك, أن الغزاويين يعيشون جميعا في ظروف "مروعة" وأن الجوع وصل إلى مستويات كارثية خاصة شمال القطاع. وفي هذا الشأن, قال مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة أن هذا الأخير "يعيش حرب تجويع من قبل الكيان الصهيوني, حيث تعاني 120 ألف أسرة من مجاعة حقيقية شمال القطاع ولم تدخل أي مساعدات إلى هناك, حيث يتعمد الاحتلال ذلك في إطار سياسة التطهير العرقي". وبخصوص المساعدات الإنسانية التي أنزلت جوا, أبرز المكتب أنها "غير كافية" وأن الاحتلال الصهيوني "يعوق إدخال المساعدات الأمر الذي يستوجب تفعيل عمل معابر قطاع غزة". من جانبه, شدد المرصد الأورومتوسطي لحوق الإنسان على أن حالة التجويع التي وصلت إلى حد المجاعة وسوء التغذية الحاد وارتفاع أعداد الوفيات بسبب الجوع والجفاف وخاصة بين الأطفال والأطفال الرضع "تتطلب تحركات عاجلة من المجتمع الدولي لضمان الوقف الفوري لإطلاق النار والعدوان وإدخال المساعدات الإنسانية على نحو سريع وفعال, وتوفير رعاية صحية لائقة ومستعجلة خاصة للفئات الهشة". بدوره, أكد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا), فيليب لازاريني, أن الوكالة تواجه "مأساة والوضع يتجاوز كل الأوصاف ولم نره في أي أزمة سابقة", مضيفا أنه "يتعين السماح بدخول شاحنات المساعدات عبر معابر القطاع والإنزال الجوي لا يغني عن المساعدات البرية". ورغم النداءات الإنسانية المتوالية, تواصل آلة الكيان الصهيوني الحربية حصد الأرواح, رغم دخول شهر رمضان الفضيل, الذي أتى بوجه شاحب على الأمة الإسلامية, بعد أن استقبله الغزاويون على وقع القصف والدمار من جهة, وببطون خاوية يكابدون الجوع والعطش منذ أزيد من 5 أشهر, من جهة أخرى.