وجهت أحزاب سياسية وهيئة للمحامين في المغرب سهام انتقاداتها لمشروع قانون الاجراءات و اعتبرته "غير دستوري" ويشكل انتهاكا لمبادئ المحاكمة العادلة, معربة عن قلقها من تداعياته على حقوق المواطنين. وتلقى المشروع الجديد الذي صادق عليه البرلمان أمس الأول الاثنين سيلا من الانتقادات الحادة وجهتها المجموعات البرلمانية لأحزاب المعارضة للحكومة لما يتضمنه من مقتضيات "تمييزية تحمل تعسفا ومخالفة للدستور" و"تضرب حق الولوج للعدالة وحق المحاكمة العادلة". ونبه حزب "التقدم والاشتراكية" إلى أن المشروع "يمس بمبدأ التقاضي ويقلص الدور الرقابي لمحكمة النقض على بعض الأحكام التي يمكن أن تطالها خروقات, ما يعتبر تعسفا تشريعيا في تجاوز الدستور". كما سجل الحزب وجود مقتضيات "تمس بشروط المحاكمة العادلة وتتضمن حرمانا وتعسفا على ممارسة حق التقاضي والولوج إلى القضاء كسلطة مستقلة ضامنة للحقوق ولإنفاذ القانون". ومن جهتها, حذرت المجموعة النيابية لحزب "العدالة والتنمية" من أن مشروع قانون الاجراءات المدنية يتضمن "التضييق على مبدأي المساواة والحق في التقاضي وهذا لا يعتبر حيفا فقط ولكن ضربا ومساسا بحقوق الإنسان وحرمانا للمواطنين من الضمانات القانونية التي توفرها محكمة النقض والمحكمة". كما انتقدت المجموعة المشروع كونه يشكل "ضربا سافرا لمبدأ الحق في الولوج إلى القضاء", مشيرة إلى أنه "أسس أيضا لنوع من التمييز بين المواطن من جهة وبعض أشخاص القانون العام من جهة أخرى وتمييزا آخر بين المواطنين في حد ذاتهم. كما نص على عدة قواعد جديدة ستحد من حق المواطن في الولوج للعدالة و أنه يخالف المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب". وأعربت ذات المجموعة البرلمانية عن استغرابها ل"هذه السرعة وهذه العجلة" في مناقشة و المصادقة على المشروع "خاصة وأن وزارة العدل مرتبطة بمجموعة من الالتزامات لم يتم الوفاء بها بعد بحيث أنها لم تحسم بعد في العديد من القضايا التنظيمية ذات الصلة بالمشروع". وترى فاطمة التامني, البرلمانية عن "فيدرالية اليسار", أن هذا المشروع "يضرب عرض الحائط الدستور وحقوق المواطنين والمحامين", مشيرة الى أن تحقيق نظام قضائي "عادل" يتطلب "ضمانات تشمل مختلف جوانب العملية القضائية ومنها ضمان استقلالية القضاء وضمان حق المحاكمة العادلة وضمان مساواة بين الأفراد وعدم التمييز لأي اعتبار, مع الالتزام بالشفافية وضمان الحق في الاستئناف والمراجعة والمساعدة القانونية المجانية وتعزيز دور المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان". وتأسفت التامني لكون أن هذا المشروع "لا يكرس هذه الضمانات وجاء بمنحى تراجعي ويقوض الحقوق ويضيق على حق الدفاع وبالتالي التضييق على الولوج للعدالة بالنسبة للمواطن وهو ما يجعله مشروعا يناقض تحقيق الأمن القضائي". من جهتها, سجلت نبيلة منيب, البرلمانية عن الحزب "الاشتراكي الموحد", "عدم احترام المشروع للحقوق الدستورية", مشيرة الى أن "رفع الغرامات وإلغاء مبدأ المجانية سيؤدي إلى تزايد الظلم وتخويف المواطنين من اللجوء للقضاء بما يتعارض مع مقتضيات الدستور وحقوق المتقاضين". ورفضا لهذا المشروع "المثير للجدل", دخل محامو المغرب منذ أمس الثلاثاء في اضراب عام يدوم ثلاثة أيام, حسبما أعلنته هيئة للمحامين بالمغرب, حيث اعتبرت تمريره "سيكون له آثار سلبية متعددة الأبعاد والنتائج". ويرى المحامون أن مشروع قانون الاجراءات المدنية الجديد يحمل في طياته "تغييرات تهدد مكانتهم وتقوض حقوق المتقاضين في الوصول إلى العدالة بإنصاف, ما يتنافى مع الأعراف والقوانين المتعلقة بحق المواطنين في التقاضي وفق الشروط المنصوص عليها دوليا".