شنت العشرات من التنظيمات النقابية بالمغرب, على رأسها الاتحاد المغربي للشغل (المركزية النقابية), اليوم الأربعاء, إضرابا وطنيا "انذاريا" في القطاعين العام والخاص ضد مشروع قانون الاضراب وتدهور الوضع المعيشي, ولمواجهة الهجوم المخزني على الحقوق والحريات. ووفق تقارير اعلامية, فإن شوارع المملكة وعلى غير العادة كانت خالية من زحمة الموظفين المتجهين إلى أماكن عملهم, في حين دخلت المدارس والمستشفيات والمصالح الحكومية في حالة شبه شلل للحركة, كما توقفت وسائل النقل في المدن الكبرى بشكل شبه تام. ويأتي هذا الإضراب "الإنذاري" كاحتجاج على تمرير مشروع قانون الإضراب المثير للجدل, وكذلك كرد فعل على ما تصفه النقابات ب"السياسات الحكومية غير العادلة" التي تزيد من تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين, وذلك في سياق تصاعد غضب العمال والرأي العام المغربي من ارتفاع الأسعار, وتآكل القدرة الشرائية وعدم استجابة الحكومة لمطالب النقابات والعمال. وقالت ذات المصادر أن "صمت هذا اليوم يكشف عن هدير صوت مجتمع يعبر عن سخطه من خلال هذا الاحتجاج الذي كان يعد إلى وقت قريب شكلا من أشكال +العصيان المدني+, والذي يظل آخر أسلحة العمال في مواجهة تجاهل الحكومة لمطالبهم". وتلجأ النقابات إلى الإضراب العام كخيار أخير عندما تفشل جميع الوسائل الأخرى في تحقيق مطالبها, خاصة عندما ترفض الحكومة الإنصات لمطالب النقابات, و أيضا في حالات ارتفاع الأسعار أو انخفاض الأجور أو تفشي البطالة, أو عند الاحتجاج على سياسات اقتصادية والدفاع عن الحقوق الأساسية. وأكدت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ان قرار الإضراب العام "ليس قرارا منعزلا أو لحظة ظرفية" بل هو نتيجة "تراكم نضالي أعقب عدة احتجاجات ضاغطة", مؤكدة أن قانون الإضراب "يمس كل مكونات المجتمع وهو ما دفع النقابات إلى إخراج القضية إلى الرأي العام". وأوضحت النقابة ذاتها أن إضراب اليوم يأتي في إطار نضال مستمر للحركة النقابية منذ عقود "والتي تخوض إضرابات عامة لمواجهة السياسات التي تمس الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمواطنين", مشيرة إلى أن الحكومة تحاول "إغلاق مرحلة الصراع و أدوات الاحتجاج, لتهيئ لقضايا أخرى تمس مكتسبات الطبقة العاملة". هذا و ارتبط الإضراب العام بالمغرب بأحداث كبرى, وكان ينظر إليه من قبل السلطات على أنه شكل من أشكال العصيان المدني, مما أدى إلى مواجهات قوية بين الدولة والمحتجين بلغت حد ارتكاب اعتداءات دامية. ولعل من أبرز هذه المحطات أحداث يونيو 1981 أو ما يسمى ب"انتفاضة الدار البيضاء", التي جاءت في سياق أزمة اقتصادية خانقة و ارتفاع أسعار المواد الأساسية و اختبار قوة بين السلطة السياسية والمعارضة اليسارية آنذاك, إذ دعا الاتحاد المغربي للشغل حينها إلى إضراب عام تحول إلى مواجهات دامية بين المحتجين وقوات الأمن.