السيد زروقي يبرز "الدور الريادي" للجزائر في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى إفريقيا    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48397 شهيدا و 111824 إصابة    مائدة مستديرة بموسكو تؤكد على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال    وزير الخارجية يتحادث مع نظيره الإيطالي    السيرة النضالية للبطل العربي بن مهيدي محور ندوة تاريخية بالعاصمة    ملاكمة: الاتحادية الجزائرية تعتمد الاوزان الجديدة للاتحاد الدولي "وورلد بوكسينغ"    اليوم العربي للتراث الثقافي بقسنطينة : إبراز أهمية توظيف التراث في تحقيق تنمية مستدامة    الذكرى ال 31 لاغتيال الفنان عبد القادر علولة..سهرة ثقافية حول مسرح علولة والبحث العلمي    المدية: وحدة المضادات الحيوية لمجمع "صيدال" تشرع في الإنتاج يونيو المقبل    الهلال الأحمر الجزائري يطلق برنامجه التضامني الخاص بشهر رمضان    هزة أرضية ب3.1 درجات بولاية باتنة    ترقب سقوط أمطار على عدة ولايات غرب البلاد يوم الثلاثاء    وزارة الثقافة تكشف عن برنامجها خلال شهر رمضان    فتاوى : المرض المرجو برؤه لا يسقط وجوب القضاء    تبسة.. فتح خمسة مساجد جديدة بمناسبة حلول شهر رمضان    وزارة الثقافة والفنون: برنامج ثقافي وفني وطني بمناسبة شهر رمضان    عرقاب يستقبل وفداً من شركة إيني الإيطالية    بلمهدي : المساجد تلعب دورًا كبيرًا في نشر الخطاب البناء والأخلاقي    العرباوي يتحادث مع نظيره الموريتاني    كرة القدم داخل القاعة (دورة الصحافة): إعطاء إشارة انطلاق الطبعة الرابعة سهرة اليوم بالقاعة البيضوية بالعاصمة    "التصوف, جوهر الدين ومقام الإحسان" موضوع الطبعة ال17 للدروس المحمدية بالزاوية البلقايدية    جيجل: ضمان الخدمة على مدار 24 ساعة بميناء جن جن    العاب القوى: العداءة الجزائرية لبنى بن حاجة تحسن رقمها القياسي الوطني بفرجينيا الأمريكية    الحكومة الفلسطينية تحذر من مجاعة في غزة بعد إغلاق الاحتلال الصهيوني لكافة المعابر    تجارة إلكترونية: ضرورة اتخاذ تدابيرلضمان سرية وسلامة أمن المعالجات في عمليات التسويق    مليونًا و24 ألف مكتتب من المواطنين في برنامج عدل 3    يخص الطورين من التعليم المتوسط والثانوي    بمشاركة أكثر من 50 عارضا    حسب بيان صادر عن الصندوق الوطني للتقاعد    خنشلة تزامنا و شهر رمضان المبارك    رأي في الإصلاح التربوي.!؟    كانت تعمل بيومية الجمهورية بوهران    وزارة الشؤون الدينية تطلق خدمة الفتوى    تبادل الخبرات في مجال السياسات الاقتصادية    تدابير إضافية لمضاعفة الصادرات خارج المحروقات    روتايو.. الحقد على الجزائر عنوان حساباته السياسية    أوغندا : تسجل ثاني وفاة بفيروس "إيبولا"    إثراء المحتوى الاقتصادي للشراكة الاستراتيجية الشاملة    المجمّع الجزائري للنقل البحري يرفع رأسماله    السياسة العقابية الوطنية مبنية على التعليم والتشغيل    شهر الفرح والتكافل والعبادة    الطلبة يحسّسون بأخطار المخدرات    شوربة "المقطّفة" و"القطايف" لاستقبال الضيف الكريم    عبد الباسط بن خليفة سعيد بمشاركته في "معاوية"    عسلي وحدوش في "الرباعة"    "واش كاين بين لكناين"    تراجع مقلق لمستوى حاج موسى قبل قمّتي بوتسوانا والموزمبيق    صلاة التراويح    غربال وقاموح في تربص تحكيمي في كوت ديفوار    قندوسي جاهز لتعويض زروقي في المنتخب الوطني    كيف تحارب المعصية بالصيام؟    مولودية الجزائر تعزّز صدارتها    ذهب الظمأ وابتلت العروق    بحث سبل تعزيز ولوج الأسواق الإفريقية    شهر رمضان.. وهذه فضائله ومزاياه (*)    صناعة صيدلانية: بحث سبل تعزيز ولوج المنتجين الجزائريين للأسواق الافريقية    العنف يتغوّل بملاعب الجزائر    التوقيع على ملحق اتفاقية حول إدراج الأعمال التدخّلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الكريولة" في الوادي ... الوجه التقليدي للنقل بين الأزقة و الأحياء العتيقة

لا يمكن لأحد المكوث في مدينة الوادي أو حتى المرور بين شوارعها و أزقتها وأحيائها العتيقة دون أن يلفت انتباهه مرور عربات نقل تقليدية تجرها الخيول في الغالب و تصنع ديكورا موغلا في التقاليد.
وعادة ما تستعمل هذه العربات التقليدية المعروفة بين السكان باسم "الكريولات" في نقل مواد البناء أو حتى تسويق الخضر والفواكه ضمن مسافات قريبة وبأسعار مدهشة حيث يلجأ إليها السوفيون للإيفاء بمتطلباتهم في مجال النقل العمومي من باب تفادي الأسعار الملتهبة لأصحاب الشاحنات أو من باب الإستعانة بمركبة صغيرة وذات مرونة يمكنها "اختراق" الأزقة الضيقة أو الأماكن الرملية. وبالنسبة لمالكي و سائقي "الكريولات " التي قد يصل عددها إلى المئات عبر مختلف بلديات الولاية فإن البحث عن الأصل اللغوي لتسمية "الكريولة " يعتبر أخر اهتماماتهم وقد يكون كافيا بالنسبة لهم أن يتم اعتماد كلمة "الكريولة " في أدبياتهم كبديل لغوي فضفاض لكلمة "عربة" لكن الأهم في نظرهم يبقى كون هذه العربة هي بالدرجة الأولى وسيلة نقل ممتازة تكفل لهم الاسترزاق.
ويعتبر السيد عبد الحفيظ . ق البالغ من العمر 37 سنة والقاطن بمدينة الوادي أحد هؤلاء الذين يجعلون يوميا من "الكريولة " وسيلة استرزاق داخل المدينة لا سيما بين أزقتها وشوارعها الجانبية حيث يتسنى له تفادي عرقلة حركة المرور ... ومع حلول الساعات الأولى للصباح يتخذ عبد الحفيظ مكانا له أمام محلات مواد البناء بالمدينة مثل الكثيرين من محترفي المهنة وينتظر دوره للظفر برحلة نقل عمومي قصيرة يدفع الزبون مقابلا ماليا لها يصل حسب عبد الحفيظ في المتوسط إلى 200 دينار.
و الحديث هنا عن رحلة نقل عمومي قصيرة يتضمن السير عل مسافة شارع أو شارعين داخل المدينة حيث يشير عبد الحفيظ إلى أن السعر قد يتغير حسب المسافة المقطوعة وحسب ثقل وكمية الحمولة أيضا ... وعلى هذا الأساس فإن الرحلة التي تتضمن نقل 10 قناطير مثلا من الحمولة ولمسافة 10 كلم سيصل ثمنها إلى 500 دينار جزائري. وفي الواقع فإن " الصرامة " التي يبديها أصحاب "الكريولات" أحيانا في تحديد الأسعار للزبائن راجعة لكون الحصول على " كريولة " متكاملة المواصفات ويمكن الاعتماد عليها يتطلب رأسمال معتبر ويتعين تحيينه باستمرار .. وهذا بالضبط ما يشير إليه عبد الحفيظ عندما يقول أن "ثمن الكريولة بجميع تجهيزاتها يصل إجمالا إلى حدود 100 ألف دينار".
وحسب ذات المتحدث فإن الجزء الأكبر من هذا الثمن يذهب لشراء حصان قوي يكون في متوسط عمره حيث لا يقل ثمنه في السوق - عن 60 ألف دينار في حين أن بقية الثمن الإجمالي يخصص لشراء العربة المصنوعة من الحديد وباقي المستلزمات الني تشمل السرج وعددا من الأربطة و الأحزمة. و لا يتوقف الأمر عند هذا الحد من جانب المصاريف وتكاليف الحفاظ على " كريولة " جيدة يجرها حصان قوي وذلك على اعتبار أن غالبية الأحصنة المستعملة في هذا النوع من العربات يتم استبدالها بعد عامين أو ثلاثة من شرائها بأخرى أصغر سنا وقادرة على تحمل مشاق النقل وأعبائه الجسدية.
وهناك انطباع عام لدى سكان الوادي يشير إلى أن ممارسي هذه المهنة التقليدية لا يملكون أية رخص مكتوبة من جانب السلطات البلدية باعتبارها الجهات المخولة من هذه الناحية - لمزاولة هذا النشاط الذي عرف في السنوات الأخيرة حركية غير عادية بفعل تزايد بناء المساكن الفردية ونمو تجارة الخضر والفواكه في المدينة خصوصا. ولا يجد السيد "سليم .ح" البالغ من العمر 35 سنة وصاحب " كريولة " أخر بمدينة الوادي أي حرج في إبراز هذه الحقيقة عندما يشير إلى أن الذين يمارسون مهنة النقل بالكريولة لا يملكون أية رخص قانونية وعموما فإن هذا الممارس لنشاط النقل بواسطة "الكريولة" منذ حوالي 20 عاما اقتداء بوالده المتوفى يبدو مبتهجا بعمل يوفر له قدرا من الحرية ويزيح عنه كما يقول أعباء الضرائب. ويشير السيد " سليم " إلى أن بقائه في المهنة لمدة طويلة أكسبه شهرة غير محدودة بمدينة الوادي فهو لا يحتاج كما يقول إلى التنقل إلى محلات مواد البناء من أجل الظفر بزبون يدر عليه مئات الدنانير بل إن الزبائن هم الذين يبحثون عنه ويطلبون منه يوميا تقريبا نقل مواد بناء يشترونها من هذه المحلات أو حتى أكياس الجبس - المستعمل بكثرة بالوادي من أحد مخازن الضواحي نحو وسط المدينة. ويبدو ذات المتحدث واثقا من نفسه عندما يتحدث عن معرفته الجيدة لشوارع و أزقة مدينة الوادي الأمر الذي يساعده كما يقول على ممارسة هذا العمل بجدارة و اقتدار لكون المعرفة الجيدة بجغرافية المدينة تسهل له اختصار المسافات وتفادي عرقلة حركة المرور خشية التعرض إلى العقوبات القانونية - والولوج بسهولة داخل الممرات الضيقة والأحياء العتيقة داخل المدينة . وفي الواقع فإن القرارات البلدية تمنع حسب السيد مدني قتال رئيس مصلحة الأمن العمومي والمكلف بخلية الإعلام والاتصال بالأمن الولائي سير هذا النوع من العربات في الطرق الرئيسية التي توجد بها كثافة مرورية كبيرة حتى يتم تفادي إعاقة حركة السير وإضرار فضلات الحيوانات بالصحة العمومية.
ويشير ذات الضابط إلى أن المرسوم التنفيذي رقم 04 381 المحدد لقواعد حركة المرور عبر الطرق أعطى بابا للعربات المجرورة بحيوان باعتبارها عربات تخضع لقانون المرور و يسمح لها بالسير وفق شروط معينة تشمل - حسب ذات المتحدث عدم قيادة القصر لهذه العربات على نحو ما هو موجود "أحيانا بالوادي " وأن تكون لهذه العربات أضواء خلفية وأخرى أمامية ونظام فرملة يدوية. وفضلا عن ذلك تمت الإشارة إلى ضرورة أن تتضمن العربة منبه صوتي تقليدي زيادة على وجود كيس واق للفضلات خاص بالحيوان الذي يجر العربة.
ولا يبدو أن جميع ممارسي نشاط النقل بالكريولات في الوادي يقومون إلى حد الآن باحترام هذه الشروط وكذا القواعد المرورية والقرارات البلدية المعمول بها بدليل أن السيد مدني قتال يؤكد أن الحملات الأخيرة التي قامت بها مصالح الشرطة بالوادي سمحت بإدخال حوالي 70 من هذه "الكريولات " إلى الحظيرة البلدية وهي "الكريولات " التي لا تحتوي حسب ذات المصدر على شروط السلامة وتخالف القواعد المرورية والقرارات البلدية. ورغم كل ذلك فلا يبدو أن سكان الوادي مقبلون على رؤية نهاية قصة "الكريولات" في مدنهم و أريافهم بعد حين على اعتبار أن هذه العربات التي تشكل أحيانا فرجة للأطفال والسياح - تجاوزت كونها مجرد وسائل نقل تقليدية إلى كونها أصبحت جزءا من الديكور المحلي وموروثا غارقا في القدم يمتد إلى مئات السنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.