غالباً ما يأتي التطوير الذي يطال الأزياء التقليدية ملبّياً إما لرغبة إبداعية، أو لغيرة على منتج يُراد تطويره في سبيل المحافظة عليه، ولذلك استدعى الذكاء التسويقي أن تتجه عيون الحرفيين والصناع في المغرب العربي إلى إرضاء كل الأذواق، مغاربية كانت أم عربية وغربية، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه لمزج الخيال بالابتكار والاقتباس، سعياً نحو هامش إضافي للتسويق والربح، وجذباً لأسواق جديدة تفتح المنتج التقليدي على آفاق متعددة من الانتشار، وتقيه "شر" التهميش والنسيان· وليس أدل على هذا من التطويرات التي أدخلت على "الشربيل"، و"البلغة"، اللذين يعتبران من أهم علامات الملابس التقليدية الوطنية، من جهة مرافقتهما لها في كل المناسبات· ومن المعروف أن المغاربة يُطلقون تعريف "الشربيل" و"البلغة" على النعل التقليدي، الذي ينتشر في المدن والقرى المغربية، حيث يتم عرضها بطريقة متناسقة، وتتباين أسعارها بحسب جودة صنعها والمواد المستعملة فيها، وهكذا قد نعثر على "شربيل" بسعر 5 دولارات، كما قد نعثر على آخر بسعر 50 دولاراً· وإذا كان "الشربيل" نعلا تقليدياً خاصاً بالنساء، فإن "البلغة" توحد بين الرجال والنساء، غير أنها، في صيغتها الرجالية، ظلت لسنوات طويلة حبيسة ألوان وأشكال بعينها، هي الأصفر والرمادي والأبيض، فيما كان يمكن ل"البلغة" النسائية أن تتألق في ألوان وأشكال تراعي أنوثة المرأة وأناقتها، حتى إن البعض يتذكر كيف أن جمال المرأة في الماضي، كان يُحكَم عليه انطلاقاً من مشيتها واختيالها في "الشربيل" الذي تتمشى به بين الأزقة وفي الشارع· وكما يُرجع المؤرخون أصول القفطان التقليدي المغربي إلى زرياب الأندلسي، الذي يذكرون له شهرته وإبداعه الموسيقي وأناقته بلباسه، فإن هناك من يرجع أصل كلمة "شربيل" إلى أيام الأندلس أيضاً، ربما تماشياً مع التناسق المطلوب بين القفطان والنعل الذي يلائمه، وبالتالي فلا بد أن يكون لهما الأصل الجغرافي والزمني نفسه· وظلت قيمة "الشربيل" ورمزيته لدى المرأة المغربية، تتأتى من واقع أن تقاليد البلد ما زالت تقتضي أن يبعث العريس لعروسه، في سياق التهيئة للعرس، عدداً معلوماً من الأحذية التقليدية، والتي غالباً ما يكون "الشربيل" الفاخر أساسها وعنوانها· ومن المعروف أن "الشربيل" شكل في الماضي حذاءَ المرأة الوحيد الذي كانت تنتعله في المنزل أو خارجه، ولكن ضرورات التطور والمستجدات المرتبطة بخروج المرأة إلى ميدان العمل، جعل الأشكال الأخرى من الأحذية العصرية تزاحم "الشربيل" وتؤثر في مستوى الحاجة إليه· ولأن لكل جديد "دهشة" أو "صدمة"، فإن المرأة المغربية ما لبثت أن اقتنعت بحاجتها المستمرة إلى هذه القطعة حتى تحافظ على دفء الحضارة وتكتسب لمسة جمال وأنوثة تميز البيئة التي تعيش فيها وتميزها عن بقية نساء العالم· وإذا كان يُحسب ل"الشربيل" و"البلغة" محافظتهما على أشكالهما الجميلة، التي ظلت ترتفع بهما من الصنعة إلى مستوى الإتقان الفني، فإن الحرفيين عملوا جهدهم وخيالهم من أجل إغراء شرائح جديدة من الزبائن، بحيث لم يعودوا يكتفون بفنيّات التصنيع والجودة، واهتموا بصياغة أشكال متجددة تراعي تطور الموضة وتواكب توقعات الراغبين في لباس تقليدي يرقص على إيقاعات عصرية· يقول حميد، وهو تاجر يملك مجموعة محلات صغيرة متخصصة في بيع الأحذية والمفروشات التقليدية ، والذي يشارك باستمرار في معارض للصناعة التقليدية، تنظم في الداخل والخارج، "إن إقبال النساء على الأحذية التقليدية، لا يزال كبيراً مقارنة بالرجال"· ولاحظ حميد أن السياح لا يفضلون، في الغالب، "الشربيل" أو "البلغة"، اللذين تم تطوير شكلهما، من حيث الألوان والأشكال، ويفضلون "البلغة" التي تصَنّع بجلد بسيط ومن دون تفنن زائد·