تميز الأسبوع الأول من فعاليات الطبعة الخامسة من سلسلة الدروس المحمدية التي تحتضنها وهران بإبراز معالم و أوجه الإعجاز العلمي في القرآن الكريم و الرسالة المحمدية بشكل عام. و قد حرص الكثير من المشايخ و الفقهاء الذين قدموا محاضرات متنوعة في إطار هذه التظاهرة التي تنظمها الزاوية البلقايدية الهبرية بوهران حول محور "العلم" على تبيان مظاهر الإعجاز العلمي في القرآن و السنة و احتواءهما على مقاصد علمية تتوافق مع المنطق الإنساني و تنفع البشر. ومن جهته، يرى المفكر الجزائري الدكتور مصطفى الشريف أن العلوم التي جاء بها الإسلام مكنت البشرية من تحصيل الفهم الصحيح للكون و المهام المنوطة بالإنسان في الحياة الدنيا. وتطرق خلال تقديمه لمحاضرة عنوانها "رهانات العلم" الى الرعاية التي تحظى بها العلوم في الشريعة الإسلامية التي تدعو الى التفكير و استخدام العقل لحل المشكلات الإنسانية و الإجتماعية المطروحة و التدبر في إبداعات الخالق للتقرب منه و تعظيمه". وبينما يعتبر الفقيه اللبناني الدكتور أسامة عبد الرزاق الرفاعي في محاضرة تحت عنوان "الإجتهاد و شروطه بين التشدد و التساهل" أن العلم هو الطريق الأكبر للتوحيد و يتيح للعابد العرفان و اليقين بالوحدانية. و أما الشيخ جاد بدر الدين محمد عبد الرحيم من مصر فقد وصف العلم بأكبر العبادات التي تقرب من المولى عز و جل و تزيد من خشيته. وقال الفقيه المصري في مداخلة عنوانها "تكريم بني أدم بالعلم استمدادا من قوله تعالى : و علم أدم الأسماء كلها" أن الله شرف البشر بالعقل و العلم على سائر المخلوقات مبينا أن الرسالة المحمدية تحث على العلم مستدلا بالأية القرأنية الكريمة "و هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون". و ركز الدكتور احسان قاسم من تركيا في محاضرة قدمها تحت عنوان "العلوم محاريب إيمان و عرفان" على مظاهر خشية العلماء للخالق من خلال تأملاتهم و ملاحظاتهم و تفكيرهم العلمي السليم البعيد عن المناهج و الرؤى السادجة. و فيما سلط الفقيه اللبناني أحمد السعيد اللدن الضوء على مكانة علم التوحيد و إرتباطه بباقي علوم الشريعة الإسلامية قدم الباحث الجزائري في التصوف الدكتور محمد بن بريكة رؤى المتصوفين و منظورهم في مقدار العلوم و مراتبها في الاسلام و اسهامات العلماء المسلمين في ترشيد العلوم و جعلها في خدمة البشرية و المجتمع الإنساني عوض العلوم التي تغذي الشرور و الحروب و الفتن و السحر. وتم أيضا التركيز على دور الفتوحات في تبليغ الرسالة النبوية التي تضم في طياتها توجيها علميا سديدا ينبذ العصبية و الحقد و الغلو و يحول دون علوم الخرافة و الأساطير. وقد شهد الأسبوع الأول من هذا الملتقى الدولي الذي ينظم تحت شعار الأية الكريمة "و إنما يخشى الله من عباده العلماء" تقديم سلسلة من المحاضرات تجتمع حول المحور الرئيسي لهذه الطبعة على غرار محاضرة الشيخ عبد الله بينو من فرنسا تحت عنوان "الحضارة الغربية و استفادتها من العلوم الإسلامية" و "العلماء بين الحقيقة و المرتجى" من القاء المفكر الأردني خالد محمد ملكاوي و "العلم و تزكية النفوس" للفقيه اليمني الحبيب علي زين العابدين الجفري. ويذكر أن هذه الطبعة من سلسلة الدروس المحمدية التي تنظمها الزاوية البلقايدية الهبرية الكائن مقرها ببلدة سيدي معروف (شرق وهران) سنويا و بمناسبة شهر رمضان الفضيل تشهد مشاركة علماء و باحثين في الفقه الإسلامي من 11 دولة عربية و أوروبية منها تركيا و إيطاليا في أول مشاركة لهما. ويتواصل هذا اللقاء الفكري الى غاية يوم 23 من رمضان القادم.