نشرت المنظمة الأمريكية هيومن رايتس واتش يوم الجمعة تقريرا حول هجوم القوات المغربية على مخيم اكديم ايزيك بالقرب من مدينة العيون بعد إجراء تحقيق حول انتهاكات حقوق الإنسان قبل و بعد تفكيك هذا المخيم. و ذكرت سارا ويتسن المكلفة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بهيومن رايتس واتش أن الصحراويين نصبوا حوالي 6500 خيمة في أوائل أكتوبر احتجاجا على أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية في الصحراء الغربية الخاضعة للاحتلال المغربي. واندلعت مواجهات عنيفة بين السكان المدنيين و القوات المغربية اثر الهجوم العسكري المغربي. و اثر هذه المواجهات العنيفة التي تميزت حسب هيومن رايتس واتش ب"فوارق" الوسائل المستعملة من قبل الطرفين ب"هيمنة القوات المغربية ضد الصحراويين العزل" أشارت ويتسن إلى أن القوات المغربية و مدنيين مغربيين قاموا "بالهجوم" على المدنيين الصحراويين و المباني مع منع الجرحى من تلقي العلاج. وقالت هيومن رايتس ووتش أن "مثل هذا السلوك و العنف الممارس على الصحراويين المحتجزين لا يمكن اعتباره استخداما شرعيا للقوة لمنع أو وقف المتظاهرين الذين لجؤوا إلى الرشق بالحجارة". و بخصوص تقييد الوصول إلى المعلومات أشارت المنظمة إلى انه بعد أن تم تفكيك المخيم "قيدت السلطات المغربية بإحكام الوصول" إلى العيون و سمحت "لقلة من الصحفيين أو ممثلي المنظمات غير الحكومية بالوصول إلى المدينة وأعادت العديد من الذين حاولوا الوصول إليها". و في نفس السياق أكد تقرير المنظمة أنه تم منع ممثلها مرتين من الصعود إلى طائرة في اتجاه العيون في 11 نوفمبر قبل أن يسمح له بالسفر في اليوم الموالي حيث تمكن من مقابلة بعض الجرحى و المدنيين في المنازل والمستشفيات. و اعتبرت ويتسن أنه "إذا كنا نرحب بكون المغرب قد غير توجهه بالسماح لهيومن رايتس ووتش بإجراء تحقيق في العيون إلا أنه ينبغي على الحكومة التي تقول مرارا أنه ليس لديها ما تخفيه أن تثبت ذلك من خلال السماح لجميع وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية بالذهاب وجمع المعلومات دون عقبات". من جهة أخرى ذكرت المنظمة غير الحكومية بأنها أخبرت وزارة الداخلية المغربية بأنها تتوفر على "الأدلة التي تثبت بأن قوات الأمن المغربية فتحت النار في مدينة العيون و شنت هجمات عنيفة ضد الصحراويين" و أضافت أن "الحكومة المغربية أعلنت استنادا إلى تقرير هيومن رايتس ووتش أن الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف في العيون قد فتح تحقيقا". و قالت هيومن رايتس واتش في هذا الصدد أنها "تعتزم مراقبة أي تحقيق رسمي إضافة إلى رصد المعاملة التي يتلقاها ضحايا الاعتداء الذين تقدموا بشكاوى". وعن قوات الأمن المغربية المشاركة في القمع أشارت نفس المنظمة إلى الدرك و القوات المساعدة و قوات الشرطة و وحدات من قوات مكافحة الشغب الخاصة (قوات التدخل السريع). كما ذكرت هيومن رايتس واتش بخر وقات القوات المغربية مضيفة أن "بعض الصحراويين الذين تقدموا بشهاداتهم طلبوا بحجب أسمائهم خوفا من الانتقام". و بخصوص تعذيب المحتجزين أشارت المنظمة التي استجوبت سبعة صحراويين اعتقلوا اثر أحداث 8 نوفمبر و أطلق سراحهم أن هؤلاء قد تعرضوا لسوء المعاملة من قبل الشرطة و الدرك خلال اعتقالهم. و قالت أن "البعض تعرضوا للضرب إلى غاية فقدانهم الوعي في حين تعرض البعض للاغتصاب. وقال محامون يمثلون أولئك الذين ما يزالون رهن الاحتجاز لهيومن رايتس ووتش أن معتقلا واحدا على الأقل أكد لقاضي التحقيق انه تعرض للاغتصاب خلال الحجز". و أشار التقرير أن "شهود عيان قابلتهم هيومن رايتس ووتش تبدو عليهم كدمات شديدة وجروح جديدة أخرى تشير إلى أنهم تعرضوا للضرب خلال الحجز". وقال أفراد أسر المعتقلين ل هيومن رايتس ووتش أن السلطات المغربية لم تخبرهم بالاحتجاز لعدة أيام وأنه إلى غاية 23 نوفمبر لم تسمح لهم بزيارة أقاربهم المحتجزين منذ عدة أسابيع. و حسب التقرير "بات من الصعب على الكثير من العائلات أن تعرف مكان وجود الأشخاص المفقودين أو الحصول على معلومات حول معاملتهم في الاعتقال". ودعت هيومن رايتس ووتش السلطات المغربية إلى "إبلاغ أقارب كل شخص يعد تحت النظر على الفور كما تقتضي بذلك المادة 67 من قانون الإجراءات الجزائية المغربي". ويجري التحقيق مع الصحراويين المحتجزين في سجن العيون على أساس تهم باطلة مثل "تشكيل عصابة إجرامية بهدف ارتكاب جرائم ضد الأشخاص والممتلكات وحيازة أسلحة وتدمير ممتلكات عامة و المشاركة في أخذ الرهائن واحتجاز الأشخاص و في إشعال النار في المباني و في استخدام العنف ضد أفراد القوات العمومية مما أدى إلى إصابات و وفيات وتجمعات مسلحة". وقال أحمد سالم جداهلو 34 سنة ل هيومن رايتس ووتش إنه وصل إلى مخيم كديم إزيك الاحتجاجي مساء 7 نوفمبر بعد أن قطع مسافة طويلة حيث قدم من إسبانيا. وقال أنه اعتقل من قبل الدرك في المخيم صبيحة يوم الهجوم وقيدوا يديه ثم ضربوه بعد ذلك وركلوه بأحذيتهم حتى فقد وعيه. و أضاف "كنا حوالي ثلاثين أو أربعين من الذين وضعوا في الجزء الخلفي من شاحنة الدرك. وكنا جميعا مكبلي الأيدي إلى الوراء. وألقوا بنا داخل الشاحنة كالأنعام وكان البعض منا يحمل جروحا على الرأس وكنا جميعا ننزف. وكنا مستلقين الواحد على الآخر وتركونا على تلك الحال لمدة ساعة أو ساعتين وطلبوا منا أن نبقى منحنيي الرؤوس". وقال جداهلو أنه عندما وصلت الشاحنة إلى مدينة العيون "تم سحب الرجال من أقدامهم و توجيههم إلى مركز الدرك بينما يتم لكمهم وركلهم حيث تم وضعهم في غرفة ضمت 72 معتقلا". و صرح السالك لعسيري البالغ من العمر 38 سنة ل هيومن رايتس ووتش أن الشرطة اعتقلته في منزله في حي كولومينا نويبا حوالي منتصف يوم 9 نوفمبر مضيفا "أنه تم نقله إلى مركز الشرطة في المدينة حيث تعرض هناك للضرب بالعصي الخشبية والهراوات طيلة خمس ساعات مما أدى إلى فقدانه الوعي مرتين. وأعادته الشرطة إلى وعيه بصب الماء عليه. وقال إنه كان يسمع صراخ معتقلين آخرين قريبين منه يصرخون من الألم و اقتيد إلى الاستجواب حيث ظل يتعرض للضرب على رأسه وظهره ومنطقة الكلى بالهراوات" حسب ذات المصدر. و أشار السالك ل هيومن رايتس ووتش إلى أن الشرطة أجبرت المعتقلين على ترديد النشيد الوطني المغربي. و أوضحت ليلى الليلي وهي ناشطة صحراوية تبلغ من العمر 36 عاما ل هيومن رايتس ووتش أنها اعتقلت خارج بيت أبيها بالقرب من شارع السمارة في حي الحشيشة يوم 9 نوفمبر من قبل الشرطة لعدة ساعات ليتم نقلها إلى مقر الشرطة حيث بدأوا بضربها بالعصي على رأسها وظهرها و أمروها بترديد شعارات مؤيدة للمغرب مثل "عاش الملك" وقول "إني مغربية". و أشارت هيومن رايتس ووتش أن ممثلوها زاروا أحياء السلام وكولومينا نويبا حيث تعرضت العديد من منازل الصحراويين و تجهيزاتهم إلى هجمات من طرف جماعات شملت أفراد قوات الأمن وبعضهم يبدو أنهم مدنيون مغاربة و قاموا بسرقة أجهزة كمبيوتر ومجوهرات. من جهة أخرى أفادت هيومن رايتس ووتش أن الشرطة قامت بضرب مساعد هيومن رايتس ووتش المقيم بالعيون إبراهيم الأنصاري في أحد شوارع العيون عندما كان في رفقة جون ثورن مراسل الصحيفة اليومية "ذا ناشينل" The National بالرباط التي تصدر من أبو ظبي وهي صحيفة ناطقة باللغة الانجليزية.