كشف لنا ياسين أوعابد خلال الحوار ل ''الجزائر نيوز'' عن تسجيله لأكثر من 200 قصيدة من التراث الشعبي لأكبر شيوخ هذا الفن، واعتبر بأن تكريم الفنانين يكون جميلا وقيما عندما يكون الفنان على قيد الحياة، وأضاف بأن الشباب عاد إلى تراثه الأصيل خصوصا بعد مقاطعته للأغاني المصرية· ما رأيك في التكريم الذي سيخصص لفنان الشعبي الراحل الحاج مريزق؟ الحاج مريزق يعتبر رمزا من رموز الشعبي، وأحد قواعد الفن الشعبي في الجزائر، لديه أسلوب خاص لا يمكن مقارنته مع أي فنان، وقد تمنيت لو عشت في الفترة التي عاش فيها مريزق وغيره من كبار هذا الفن الأصيل، وددت لو عاشوا إلى يومنا هذا حتى نستفيد منهم، والتكريم هو أقل شيء يمكن تقديمه لمثل هؤلاء لأن ما قدمه لا يمكن أن يختفي أو يزول في يوم من الأيام· ما رأيك في التكريمات التي تخصص لبعض الفنانين الذين رحلوا عن الساحة الفنية الجزائرية؟ وما الذي يمكن أن تقدمه؟ لقد خصصت للكثير من الفنانين بعض التكريمات لما قدموه خلال مسيرتهم الفنية، لكن أغلب التكريمات تأتي دائما بعد رحيل الفنان، ولكن الأجدر أن يكون تكريم الفنان وهو على قيد الحياة، فهنا يكون التكريم جميلا وعزيزا وهذه طريقة لإعادة الاعتبار له والرفع من معنوياته والتذكير بما قدمه، أما بالنسبة للحاج مريزق مثلا، فقد غادرنا قبل الاستقلال، وفي الحالات المشابهة له، أي الشخصيات التي رحلت منذ زمن بعيد، لا يمكن اعتبار تكريمهم متأخرا بل عودة إلى الأصل، ومثل هذه التكريمات للترحم عليهم والتعريف بهم وبأعمالهم خصوصا للأجيال الجديدة التي تجهل الكثير عنهم، أما بالنسبة لكمال مسعودي مثلا فقد كان شابا مبدعا لم تعرف قيمته إلا بعد رحيله، لكن عائلته كرمت في العديد من المرات، كما أن اختيار الشخصية التي يجب تكريمها من أهم الأشياء التي يجب لفت الانتباه لها وذلك بالنظر إلى ما قدمته· كيف تنظر إلى واقع أغنية الشعبي في الجزائر خلال الفترة الأخيرة؟ وهل ترى أن هناك من الجيل الجديد من يمكن أن يواصل مسيرة السابقين؟ أعتقد أن الغناء الشعبي في الجزائر خلال الفترة الأخيرة قد عاد بقوة بالمقارنة بما كان عليه منذ سنوات، خصوصا وأن هذا الفن الذي ينتمي إلى تراثنا الغنائي أصبح يحظى بالاهتمام سواء من طرف الشباب الذين يهتمون بهذا الفن أو من خلال المهرجانات الخاصة بالشعبي أو المسابقات السنوية الخاصة باختيار أفضل الأصوات المبدعة في هذا المجال، وأنا شخصيا التقيت بشباب يملكون من القدرات الفنية ما يبهر وما يثير الإعجاب حقا وعلينا تشجيعهم والالتفات إليهم· وفيما يتعلق بالخلف لكبار الفن الشعبي، فأعتقد أن لا أحد يمكنه أن يعوض الآخر ولكل فترة مميزاتها، ولكن هناك من المبدعين من الجيل الجديد من يمكنهم مواصلة ما بدأه الأولون، وما يجب لفت الانتباه إليه هو أن الشعبي انقسم إلى جزئين، فهناك ما يمكن تصنيفه ضمن التراث مثل ''القصيد'' وهناك ما يمكن تصنيفه ضمن الجيل الجديد من الأغنية الشعبية، ولكل فترة زمنية مميزاتها· على ذكر القصائد، كيف تجد القصائد الجديدة التي تكتب في الفن الشعبي اليوم؟ ليس هناك مجال للمقارنة، فلكل فترة مميزاتها الخاصة بها، لكن ما يمكن قوله بأن كتابة قصائد الشعبي في الماضي كانت من طرف مختصين دينيين مثلا فيما يتعلق بالأغاني التي لها علاقة بالدين، أما في الفترة الحالية، فقد غطت الوسائل التكنولوجية من تلفزيون وأنترنت على اهتمام الشباب، ويكفي أن يأخذ أحدهم ورقة وقلما ليكتب قصيدة وينسبها إلى الشعبي، ولكن لا يجب إخفاء حقيقة أن هناك بعض القصائد الجيدة بالرغم من كل هذا· هل ترى أن الجيل الجديد مهتم كثيرا بالفن الشعبي؟ أظن أن الكثير من الشباب مهتم بالفن الشعبي وإن لم يكن من خلال أدائه، فهو يهتم بالاستماع إليه، وما يمكن تأكيده، أنه بعد الأزمة التي كانت مع مصر بعد تداعيات المقابلة التي جمعت بين فريقنا الوطني والمصري، فقد قوطعت جميع الأغاني المصرية في الجزائر سواء في الأعراس أو التلفزيون أو الأشرطة أو غيرها، وبهذا عاد الشباب إلى الاهتمام بتراثهم الثري خصوصا فيما يخص الشعبي وبهذه الطريقة نعود إلى الأصل ونحافظ عليه أيضا· وماذا عن مشاريعك الخاصة؟ لقد بدأت منذ فترة بالتعامل مع فرع التراث اللامادي من المركز الوطني للدراسات الإنسانية ودراسات ما قبل التاريخ، من أجل تسجيل أكبر عدد من قصائد التراث الشعبي لأكبر شيوخ هذا الفن، الذين تركوا أثارهم ضمن تراثنا اللامادي، وقد عدت مؤخرا إلى تسجيل بعض القصائد بعد أن توقفت لفترة بسبب مشاكل صحية، ولحد الآن سجلت أكثر من 200 قصيدة مختلفة من التراث الشعبي، وسأواصل عملي لتسجيل البقية، وأعتقد أن هذه المجموعة ستكون مرجعا لكل من يبحث في هذه القصائد التي يمكن حتى نشرها عبر الأنترنيت مثلا من أجل تعريف الجميع من المهتمين بها·