المسرح الإفريقي فن نقدي يحتاج إلى الديمقراطية، ولدى الأفارقة قدرات إبداعية، منذ فجر التاريخ كون الإنسان مارس المسرح وهو في الكهوف، والمسرح الإفريقي يعاني، حاليا، من نقص الإمكانيات، ولهذا يتوجب على الدول الإفريقية أن توجه اهتمامها إلى الثقافة والفن عموما، والمسرح خصوصا، كما أنه على الدول الإفريقية أن تمنح، المسرح، شيئا من الديمقراطية وحرية التعبير، وأن تتعاون فيما بينها في هذا المجال، وذلك بمد جسور التهاون وتبادل الخبرات، فالأفارقة متفائلون بمستقبله· هذه مجموعة من النتائج التي توصلت إليها ''الجزائر نيوز'' في أعقاب الندوة التي أدارتها، بين مختصين في المسرح حيث تحدثوا عن مشاكل المسرح الإفريقي والحلول التي يمكن أن تنهض بهذا الفن العريق، وكذا رؤية المختصين لمستقبل أب الفنون في القارة السمراء· لخضر منصوري (أستاذ ومخرج مسرحي من الجزائر) لا أرى أن المسرح الإفريقي يعاني من مشاكل، فهو خزان لكل الفنون المسرحية العالمية، ولكن يمكن القول أن المسرح الإفريقي يعيش حالة مخاض من أجل أن يولد من جديد· وما يتعين على الدول الإفريقية القيام به من أجل النهوض بأب الفنون في إفريقيا، هو إعادة النظر في ميكانيزمات الموروث الثقافي الإفريقي الذي تجسد فيه الحكايات الشعبية، واستعمال الأقنعة وغيرها، وهي العناصر التي يمكن أن تكون مسرحا خاصا بإفريقيا، فبالرغم من أن هذا الفن ليس مسرحا، بمفهومه العالمي، إلا أن عناصره تؤهله لأن يكون متميزا· ويجب الإشارة إلى أن نقص التواصل الفني والثقافي بين البلدان الإفريقية ساعد على تأخر المسرح الإفريقي، فليس هناك تبادل بين المسارح الإفريقية فقد كان ضيوف المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني يجهلون الكثير عن الجزائر، ليكتشفوا ثراءها الثقافي والمسرحي في هذا اللقاء الافريقي· ولذلك، يجب على هذه المسارح أن تسعى إلى التعاون فيما بينها بإنشاء شبكة للتواصل، واللقاء والقيام بأعمال مشتركة· ''كما يجب على المسؤولين الأفارقة، عموما، والإتحاد الإفريقي خصوصا، دعم الحركة الثقافية الإفريقية، وتشجيع مبدعيها، والإستفادة من ثراء موروثها الثقافي، وإنشاء فرقة إفريقية تروج لهذه الثقافة في العالم· وعن مستقبل هذا المسرح، فأنا متقائل لأن إفريقيا ستبقى، دائما، خزانا للإرث الإنساني، فالأفارقة هم من صنعوا أمريكا· سيديكي باباكا (ممثل ومخرج من كوت ديفوار) يمكن اعتبار المسرح فنًا نقديا، والنقد يحتاج إلى الديقراطية وحرية التعبير، فإفريقيا مازالت ''تعرج'' فالمسؤولون الأفارقة يتحدثون عن وجود الديمقراطية والحرية، ولكن أظن أن الديمقراطية لم تنضج بعد في إفريقيا، ولا تدرك، حتى اليوم، ''إن كانت السلطة في يد الإنسان أو الإنسان في يد السلطة''، ويمكنني إعطاء مثال رئيسنا الذي يعتبر رجلا مثقفا، وقد كتب للمسرح وهو مقتنع بما يمكن لهذا الفن أن يضيفه، ولكن من يحيط به ليس مقتنعا بذلك· والمسرح في إفريقيا يعاني من نقص الدعم المادي بالرغم من احتوائها على موروث ثقافي وإبداعات كثيرة يمكنها النهوض بمسرح إفريقي عالمي ثري، فمعظم الدول لا تخصص إلا نسبا قليلة جدا من أموالها كميزانية للحركة الثقافية، وهناك دول لا تتجاوز ميزانيتها المخصصة للثقافة 1,0 بالمئة، ولهذا، يجب تشجيع الإبداعات الشابة ودعمها ماديا، وترقية التبادل والتعاون بين الدول الإفريقية ومضاعفة مثل هذه المهرجانات التي تجمع كل الأفارقة، ويجب، في نفس الوقت، ألا ننتظر مثل هذه المناسبات لكي نتحرك، وأنا متفائل جدا بمستقبل المسرح الإفريقي إذا أخذت هذه الحلول بعين الإعتبار· مو مبواتي ليومبا (ممثل ومخرج مسرحي من الكونغو) المسرح الإفريقي يعاني عدة مشاكل تقف عائقا أمام تطوره وبروزه عبر العالم، بالرغم من ثرائه الكبير على مستوى الموروث الثقافي، وعلى مستوى مبدعيه أيضا، فهناك إمكانيات بشرية وثقافية هائلة، ينقصها دعم واهتمام المسؤولين بهذا القطاع الحي· كما أن عمل كل دولة إفريقية على حدى، تسبب في هذا التأخر ولهذا، فإنه مفروض على هذه الدول أن تمد جسور التبادل والتعاون فيما بينها من أجل إنتاج أعمال مشتركة، تضيف الكثير لهذه الدول بصفة خاصة ولإفرقيا بصفة عامة· وبالرغم من أن هناك إبداعات كثيرة في المسرح، يبقى مشكل التكوين يطرح نفسه، فنحن نحتاج إلى التكوين في هذا المجال لكي نصل إلى مقاييس المسرح العالمي الذي نتميز عنه بثرائنا التراثي· والحلول التي يمكن أن تصحح هذه المشاكل، تتمثل في إيلاء المسؤولون اهتماما لهذا القطاع من خلال تخصيص ميزانيات ملائمة، وإنشاء مدارس تعليمية وتكوينية في هذا المجال، إلى جانب تخصيص أماكن للعرض التي تفتقر لها معظم الدول الإفريقية· وفيما يتعلق بمستقبل المسرح الإفريقي، فأنا متفائل في هذا الجانب، فالمسرح ظهر مع الإنسان، وهو في الكهف، كغيره من الفنون التي مارسها، وهو يعيش حياة بدائية، فكان يمثل ويرسم ويغني أيضا، وبما أن إفريقيا هي مهد الإنسانية، فالمسرح ظهر فيها منذ فجر التاريخ، ولهذا، فأنا أرى أن مستقبل المسرح الإفريقي، سيكون مزدهرا في الألفية الثالثة إذا ما تم الإهتمام بتطوير موروثنا الثقافي، ونظرنا إلى رهانات هذا المسرح التي يمكن أن تغير واقعه ومصيره· بابيلا ندوسي ريشيلفي برونيل (ممثل مسرحي من فرقة ''زنغا زنغا'' من الكونغو) يعاني المسرح الإفريقي من مشاكل مادية ومشاكل تقنية كذلك، فبالرغم من ثرائنا الثقافي إلا أن دولنا لا تدعم هذا القطاع الحساس، كما لا تشجع المبدعين الذين لا يجدون اهتماما بفنهم إلا إذا سافروا إلى الدول الأرووبية· فالمسرح الإفريقي ثري جدا بكل ما هو حكايات شعبية وأقنعة وماريونات، وهي الأشياء التي لا نجدها في باقي المسارح العالمية، وإذا تم تكوين المبدعين الأفارقة بمقاييس عالمية سنصنع، لأنفسنا، مسرحا خاصا بنا، ينافس غيره· ولا يجب، أبدا، أن نتخلى عن ثقافتنا الثرية، ولهذا، يتعين على الدول الإفريقية أن تتبادل الخبرات فيما بينها وتتعاون من أجل تكوين مسرحي إفريقي يمثل القارة السمراء في العالم، بدعم من الجهات السياسية والمسؤولين الذي لا يهتمون بهذا القطاع· أما فيما يخص مستقبل المسرح، فأنا أنظر إلى الأشياء من جانها الإيجابي إذا ما قام المسؤولون بمسؤوليتم تجاه الثقافة والفن الإفريقي لأنه السبيل إلى إبراز هويتهم الإفريقية· عبد العظيم أحمد عبد القادر (ممثل ومخرج مسرحي من السودان) أعتبر عدم التلاقح بين الدول الإفريقية هو الإشكال الكبير بالنسبة للمسرح الإفريقي، فليس هناك تبادل وتعاون بين المسارح الإفريقية، وغياب هذا العامل، تسبب في تأخر هذا المسرح مقارنة ببقية المسارح العالمية· كما أن إشكالية المسرح الإفريقي تتأثر كثيرا بصعوبات مادية بحتة، فالمسؤولون الأفارقة لا يشجعون العمل المسرحي والثقافي عموما· ويمكن اعتبار مثل هذا المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني، مناسبة مهمة للتعاون فيما بيننا من أجل النهوض بمسرح إفريقي قوي، ووضع أسس لبناء مسرح خاص بنا، يملك ما لا تملكه المسارح الأخرى من موروث ثقافي وشعبي يميزنا عن غيرنا· وأنا متفائل جدا بمستقبل المسرح الإفريقي إذا ما تم تمويله من طرف الدول الإفريقية وخصصت له مدارس ومنشآت للعروض إلى جانب ضرورة تبادل الخبرات وتكرار المهرجانات التي تلتقي فيها هذه الدول لإنشاء مسرح إفريقي موحد·