أحببت أن أخصص افتتاحية هذا العدد للروائي الراحل الطيب صالح، الذي غادرنا في ال18فيفري من السنة المنصرمة، وكنت قد راسلت بعضهم لنعد ملفا خاصا بمناسبة الذكرى الأولى لرحيله، إلا أنني وبعد طول انتظار لم يصلني أي مقال، رغم أنني قمت بمراسلتهم قبل أسبوعين· لن أتحدث بالطبع عن كسل بعض المثقفين عندنا، وإن كان الموضوع يستحق أكثر من افتتاحية، لأنني كما قلت أحب أن أقف عند صاحب ''موسم الهجرة إلى الشمال''، هذه الرواية التي جعلت الرواية العربية تخرج من قمقم نجيب محفوظ، إلى فضاء أرحب وأعمق، والتي مكنت الرواية العربية الجديدة أن تتصدر بعدة عناوين قائمة الروايات العالمية، ولعل نص الطيب صالح هذا ورائعة محمود المسعدي '' تحدث أبو هريرة قال··''، ما جعلنا نؤمن من جديد بعبقرية الرواية العربية وخصوبتها، ونؤمن أكثرب''اللامتوقع'' فيها· الطيب صالح دليل حي،رغم موته، أن ''لا مستحيل'' في العملية الإبداعية، وأن التجديد لا علاقة له بأي تنظير أو استشراف·· يكفي الإيمان بمكنة التجديد ليكون، حتى أن لا علاقة له حتى بالبلد المنتمى إليه، فوقت صدرت ''موسم الهجرة إلى الشمال''، كانت الرواية صناعة تحتكرها مصر على وجه الخصوص، حتى لا يكاد يظهر أي نص جيد إلا وتكهنا أنه لمصري أو لبناني على الأقل، إلا أن هذا الطيب صالح وغيره قلبوا هذه النظرية السخيفة، فلم يكتبوا نصوصا جيدة فحسب، بل وضعوا نصوصا تتجاوز الجيد وتعانق العبقرية والعالمية في آن·