يشهد، سوق الجملة للخضر والفواكه المتواجد ببلدية ''تادميت'' الواقعة على بعد 17 كلم غرب مدينة تيزي وزو، تدهورا بيئيا كبيرا بسبب الفوضى العارمة والغياب التام للنظافة نتيجة انتشار الأوساخ وتراكم النفايات في كل مكان حيث تحول هذا السوق في الآونة الأخيرة إلى ما يشبه ''مفرغة عمومية''· يحدث هذا دون تدخل الجهات المعنية بما فيها السلطات المحلية لتنظيفه أو تنظيمه بالرغم من أنه يعود بمداخيل ضخمة على خزينة الولاية، ويقصده عدد هائل من الزبائن، كما يعتبر أهم موقع حيث يتميز بحركة تجارية كثيفة على مستوى الولاية· أول ما شد انتباهنا خلال الزيارة الاستطلاعية التي قادتنا إلى سوق الجملة للخضر والفواكه بتادميت هو الكميات الهائلة من الأوساخ المنتشرة بطريقة عشوائية في كل زوايا هذا السوق، حيث وجدنا بقايا الخضر والفواكه من بقايا الطماطم، البطاطا، البصل، الفلفل، البرتقال، وعلب الكارتون والأكياس البلاستيكية والصناديق المكسرة وغيرها من النفايات مبعثرة بصفة عشوائية· ناهيك عن الروائح الكريهة التي لا تحتمل، والتي تنبعث من الأوساخ والنفايات المتراكمة· هذا المشهد يوحي للزائر الذي لا يعرف المنطقة بأن هذا السوق مفرغة عمومية· فحسب تصريحات بعض التجار، فإن هذه النفايات تبقى في مكانها على مدار أسبوع في هذا السوق دون أن يتحرك المسؤولون لإزالتها بالرغم من أن السوق يحقق مداخيل مالية كبيرة، كون التجار يدفعون نفقات عرض سلعهم· وأكثر من ذلك وجدنا بعض التجار قد تجرأوا على عرض سلعهم وسط الأوساخ والقاذورات، ويتجاهلون مقاييس التجارة المعمول بها لحفاظ صحة المستهلك· هذا الوضع أثار سخط وتذمر الزبائن الذين يقصدون هذا السوق من كل مناطق ولاية تيزي وزو ومن الولايات المجاورة على غرار بومرداس والبويرة· كما وقفنا خلال زيارتنا التي تزامنت مع تساقط كميات من الأمطار، على أوضاع ومزرية، تؤكد المعاناة التي يعيشها المرتادون على هذا السوق، الدي أصبح عباة عن برك مائية وأوحال منتشرة في كل مكان، حيث اختلطت الأتربة ببقايا الخضر والفواكه مع مياه الأمطار، وصنعت صور مؤسفة شوهت المنظر البيئي· آراء متضاربة عن المتسبب في انتشار النفايات في هذا السوق ·· والتجار في قفص الإتهام إكتشفنا، حسب الشهادات التي استقيناها من السوق والتي أدلى بها بعض التجار والزبائن، وبعض السكان والعمال والحمالين الذين التقينا بهم في عين المكان، أن السبب الرئيسي لتردي الحالة البيئية لهذا السوق يعود بالدرجة الأولى إلى إهمال التجار لواجباتهم حيث لا يحترمون شروط التفريغ ورمي الأوساخ، حيث اتهموهم بالإهمال واللامبالاة ''هدفهم الرئيسي هو ربح المال، والدليل على ذلك هو عدم اهتمامهم بصحة المستهلك كون العديد منهم يعرضون سلعهم وسط الأوساخ والأوحال'' حسب تعبير أحد الزبائن· وفي هذا السياق، أجمع هؤلاء في تصريحاتهم ل ''الجزائرنيوز'' أن العديد من هؤلاء التجار يقدمون على رمي بقايا الخضر والفواكه بطريقة عشوائية ولا يكترثون بنظافة المكان في الفترات المسائية، مما أدى إلى تدهور أوضاع السوق، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالخضر والفواكه الفاسدة· وبعدما اقتربنا من بعض التجار لرصد آرائهم حول هذا الوضع، لمسنا آراء متضاربة ومختلفة، فكل تاجر يحاول إلقاء المسؤولية على تاجر آخر، فأحد التجار الذي رفض الكشف عن هويته إعترف بأن التجار هم السبب الأول والرئيسي في انتشار الأوساخ والنفايات حيث يقول ''مسؤولية تردي أوضاع هذا السوق يتحملها التجار، لأن هذا المكان في وقت سابق كان نظيفا وجميلا إلا أنه بعد تحوله إلى سوق للجملة أصبح أشبه بمفرغة عمومية''، وهذا ما أكده تاجر آخر بقوله ''لو حرص كل تاجر على عدم رمي بقايا سلعه بطرق عشوائية لما انتشرت هذه الأوساخ عوض نقلها إلى الأماكن الخاصة بها''· وفي نفس السياق، حاول بعض التجار الذين يمارسون تجارتهم بصفة دائمة في هذا السوق إلقاء المسؤولية على التجار الذين يعرضون سلعهم في سوق الجملة للخضر والفواكه ببلدية ثالة عثمان المتواجد حوالي 10 كلم شرق مدينة تيزي وزو، الذين يأتون، حسبهم، ويبيعون سلعهم في سوق تادميت لتشويه سمعته وتلطيخ منظره البيئي، بهدف إبعاد الزبائن منه واستقطابهم إلى سوق ثالة عثمان، وفي هذا الصدد يقول أحد التجار ''معظم التجار الذين تسببوا في انتشار هذه النفايات هم التجار القادمين من سوق الجملة بثالة عثمان وهؤلاء يقصدون هذا السوق عندما يعرف سوق ثالة عثمان انخفاضا في الطلب وتراجعا في عدد الزبائن المتوافد عليه نظرا لبعده عن عاصمة الولاية، وكذا عن مناطق الجهة الجنوبية والغربية لولاية تيزي وزو، وهؤلاء يتعمدون على تشويه المكان برمي بقايا الخضر والفواكه بطريقة عشوائية قصد إبعاد الزبائن من هذا السوق''· بعض التجار يتبرأون ويحملون السلطات المحلية المسؤولية إذا كان العديد من التجار الذين تحدثنا إليهم يحاولون تقاذف المسؤولية فيما بينهم، إلا أن هناك بعض التجار اتهموا السلطات المحلية بما فيها بلدية تادميت بالتواطؤ في هذه القضية، حيث حملوها مسؤولية تردي أوضاع هذا السوق، جيث لم تسهر، حسبهم، على نظافة السوق ولا على تنظيمه، وقد أكد هؤلاء التجار أن السلطات المحلية تكتفي فقط بالاستفادة من المنافع المادية بجمع الأموال، وفي هذا الإطار يقول أحد التجار ''السلطات المحلية هي المسؤولة عن الوضع المحزن، فهي من تتحمل المسؤولية كونها لم تتخذ أدنى مبادرة من شأنها تنظيم وتنظيف السوق، ولم تتدخل إطلاقا''· ويضيف تاجر آخر ''التجار ليسوا سبب هذه الكارثة التي آل إليها السوق، لأن طبيعة تجارتنا تفرض علينا ذلك، فالخضر والفواكه سريعة التلف وتتولد عنها بقايا كثيرة وبصفة سريعة ودائمة، فبالرغم من أننا نحرص على عدم انتشار الأوساخ إلا أننا لا نتحكم في الأمر خاصة مع الإقبال الهائل للزبائن على هذا السوق''· ويتدخل تاجر آخر حيث يقول ''السلطات المحلية لم تخصص أي مكان لرمي الأوساخ في هذا السوق، فالتجار سئموا من حملها ورميها في واد سيباو''· سوق تادميت أصبح مرتعا للخرفان والماعز والكلاب المتشردة لمسنا خلال تجولنا في السوق تواجد قطعان عديدة من الخرفان والماعز التي يأتي بها بعض الفلاحين إلى لتقتات من بقايا الخضر والفواكه، وهي الوضعية التي تسببت في تذمر وسخط التجار، خصوصا أن بعض هذه المواشي تتجول بكل حرية في السوق وتقتات من بعض الخضر التي يعرضها التجار، مما يضطرهم لحراسة سلعهم بالعصي لطرد المواشي التي تقترب من سلعهم· كما شاهدنا كذلك العشرات من الكلاب المتشردة تصول وتجول في السوق بحثا عن الأكل بين أكوام الأوساخ المبعثرة حيث تحتك بين الحين والآخر بالخضر والفواكه المعروضة مما يهدد بأخطار وبائية· وبالرغم من أن زيارتنا تزامنت مع تساقط الأمطار، إلا أننا لاحظنا كذلك الفئران تنتشر بطريقة مكثفة في كل زوايا السوق· وحسب شهادات بعض التجار فإن هذه الأوضاع الكارثية تسببت في نفور عدد كبير من الزبائن من هذا السوق· المواطنون والزبائن يستنكرون الوضع ويتخوفون على صحتهم أبدى العديد من الزبائن والمواطنين الذين صادفناهم خلال زيارتنا الميدانية، تخوفهم من الوضع الكارثي الذي يعرفه هذا السوق جراء الانتشار الكبير للأوساخ والنفايات والروائح الكريهة والكلاب المتشردة والفئران، حيث تهدد من صحتهم· وقد أجمعوا في تصريحاتهم أن هذا السوق لم يعد يصلح لبيع المواد الاستهلاكية من خضر وفواكه ''وعلى السلطات المحلية أن تتخذ إجراءات لتحويل هذا السوق إلى مفرغة عمومية أفضل من أن يظل سوقا للخضر والفواكه''، حسب أحد المواطنين· أصحاب الأراضي الفلاحية المجاورة يهددون بغلق السوق هدد أصحاب الأراضي الفلاحية المجاورة بغلق السوق في حالة استمرار التجار في رمي الأوساخ في المنطقة بطريقة عشوائية، بسبب الزحف المتواصل للنفايات وخاصة الأكياس البلاستيكية وعلب الكارتون باتجاه أراضيهم، وفي هذا الصدد يقول أحد الفلاحين وهو صاحب إحدى المزارع الشاسعة قرب هذا السوق ''رفعنا عدة شكاوى للمتسببين وللسلطات المعنية وحذرناهم من الخطر الذي تسببه هذه الأوساخ لأراضينا وللقطاع الفلاحي بصفة عامة، لكن لا أحد تدخل، والمشكل يتفاقم من يوم لآخر''، ويضيف قائلا ''إتفقنا مؤخرا مع معظم أصحاب الأراضي الفلاحية على غلق هذا السوق في حالة استمرار هذه الكارثة''· متى تتدخل السلطات المحلية؟ هذا هو السؤال الذي طرحه العديد من التجار والزبائن والعمال وأصحاب الأراضي الفلاحية، حيث يناشدون السلطات المحلية التدخل العاجل لإيجاد حل لهذه الوضعية الخطيرة قبل حدوث كارثة وبائية من جهة، ومن جهة أخرى قصد الحفاظ على هذا السوق كونه يشهد حركة تجارية نشيطة وكثيفة ويوفر مناصب شغل لعشرات البطالين في المنطقة· هل مشروع إنجاز سوق الخضر والفواكه للجملة والتجزئة الأول من نوعه في تيزي وزو حقيقة أم كذبة؟ صرح تجار الخضر والفواكه بالجملة أن هناك غموض وشكوك تنتابهم حول الأخبار التي تسربت من بلدية تيزي وزو والتي تفيد بأنها استفادت من مشروع إنجاز سوق للجملة والتجزئة على مستوى الجهة الجنونية لعاصمة جرجرة، وأن المجلس الشعبي البلدي لتيزي وزو أعطى موافقته النهائية لإنجاز هذا المشروع لأحد الخواص الذي قام بإيداع طلب في هذا الشأن منذ 5 سنوات، وحسب المعلومات التي تتداول وسط التجار، فإن هذا المشروع يعتبر الأول من نوعه بولاية تيزي وزو، حيث سيتدعم بعدة مرافق حيوية منها مذابح، مخابر، محلات، أروقة تجارية، كما أنه سيتم تهيئته بأحدث التقنيات والأجهزة الحديثة التي من شأنها أن تسهل عمل التجار، وتضمن حسن استقبال المواطنين، لكن التجار أوضحوا أنهم لا يثقون في هذه المعلومات حيث سبق وأن وعدتهم الجهات المعنية منذ قرابة 10 سنوات بإنجاز هذا المشروع، لكن لا جديد ظهر، ما دفع بهم إلى التساؤل ''هل مشروع إنجاز سوق للخضر والفواكه بالجملة والتجزئة الأول من نوعه في تيزي وزو حقيقة أم كذبة؟