ما كشف عنه مؤخرا على صعيد إسرائيل، أن حكومة بنيامين نتانياهو، قررت مصادرة مئة وأربعين ألف دونم شرقي الضفة، تمتد من ''معاليه أدوميم'' إلى قرية ''سعير'' جنوب ''الخليل''، بمحاذاة البحر الميت، ليس سوى خطوة وإن كانت كبيرة في سياق طويل تقوم به إسرائيل، هدفه حرمان الدولة الفلسطينية من كل أراضيها، ومن أي فضاء بيئي لها، ومن تطور الحياة فيها، وتحويلها إلى مجموعة مدن مكتظة مخنوقة الأنفاس بزحامها، وليطلق العالم بعد ذلك على ما تبقى اسم الدولة الفلسطينية· إسرائيل، وخاصة في ظل حكومة نتانياهو، تعتبر نفسها وريثة الاحتلال البريطاني، فهي ما تزال تستخدم قوانين الطوارئ البريطانية حين يتطلب الأمر ذلك!!! وهي ماتزال تستخدم الخرائط البريطانية بخصوص الأرض والمياه، حين يتطلب الأمر ذلك، وهي تفعل ذلك بأثر رجعي، أي بخصوص ما قبل إنشاء دولة إسرائيل، أي أن إسرائيل هي الوريثة وليس للفلسطينيين شيء، تماما كما تقول إسرائيل عن خرافتها المعروفة بأرض الميعاد، أن الله وعدهم بفلسطين ولم يعد غيرهم، وهو أمر يرتكز إلى عربدة القوة، وجنون إغراء القوة، وليس إلى أي سند تاريخي أو أخلاقي أو سياسي مئة وأربعون ألف دونم شرقي الضفة، إذا، أين الدولة، لم يبق سوى الهواء بين السماء والأرض!!! ولم يبق سوى الكلام الذي يكرره العالم عن دولة فلسطينية حقيقية وقابلة للحياة، ولكن الدول لا تقام على أرض الكلام بل على أرض الواقع· والمراقب السياسي من حقه أن يتساءل، لماذا هذا التصعيد الإسرائيلي الآن، وفي هذه الأثناء، حيث يتم عرض أملاك الغائبين داخل الخط الأخضر في عكا وحيفا ويافا للبيع؟؟ ولماذا تصدر الأوامر بالاستيلاء على هذه القطع الكبيرة بل الهائلة من الأراضي، ولماذا نجري الموافقات على رخص البناء لمئات بل آلاف من الوحدات السكينة؟؟ بل لماذا هذا الإعلان ''لصاحبنا نتانياهو'' حول رفض موقف الاستيطان، ورفض عودة اللاجئين، والإصرار على يهودية الدولة الإسرائيلية؟؟ كل هذا يأتي بعد خطاب الرئيس أوباما، وبعد التقدم المصري الواعد بخصوص انجاز المصالحة الفلسطينية!!! اعتقد أن إسرائيل تخوض اختبار قوة مع طرفين في آن واحد، أولهما الفلسطينيون كجزء من النظام الإقليمي العربي!!! وثانيهما الولاياتالمتحدة الأميركية في ظل إدارتها الجديدة ورئيسها الجديد!!! وحتى هذه اللحظة، فإن الاختيارات الإسرائيلية لم تلق الرد المناسب، لا فلسطينيا ولا عربيا ولا أميركيا!!! وربما هذا هو الذي يشجع إسرائيل على الاستمرار في المقامرة الكبرى، فمن لا يجد رادعا من أي نوع يصده عن غيه، من حقه أن يعجب بنفسه ويواصل الاستهتار والعدوان·