كشف، السيد الشريف رحماني وزير السياحة والبيئة، عن أرقام أو بالأحرى عن رقم متعلق بعدد السياح الذين دخلوا التراب الوطني، حيث أكد أن عددهم بلغ حوالي مليوني سائح ·· هذا الرقم إعتبره الوزير رقما قياسيا منذ استقلال البلاد· في السياق ذاته، أشار إلى أن الهدف في غضون السنوات القليلة القادمة هو بلوغ حوالي 5·2 مليون سائح أجنبي ·· هذا الحديث الذي أجبرنا على مقارنة حديث الأرقام الذي تطرق له الوزير بلغة الأرقام التي تشير إلى أن الجزائر لا تزال في درجة الصفر في المجال السياحي، ولتتضح الرؤية لا بأس من إجراء مقارنة مع دول قريبة منا لا تختلف مقوماتها السياحية عما هو موجود عندنا، قد تزيد أو تنقص إلا أنها في مجملها نفس المعطيات الطبيعية ·· الأمر يتعلق بتونس والمغرب، بالأرقام دائما، الأولى تستقطب سنويا سبعة ملايين سائح، في الوقت الذي نجحت فيه المملكة في استقطاب ستة ملايين في السنة ·· أرقام تفسرها تلك البنيات التحتية والاستثمارات الضخمة التي قررت كل من تونس والمغرب ضخها في هذا القطاع، الذي بات أهم مصدر للعملة الصعبة، بل أكثر من ذلك، أضحى هذا القطاع المشغل الأول لليد العاملة ومحركا للإقتصاد الكلي ·· فقد ارتبطت السياحة في كلا البلدين بالعديد من الصناعات التقليدية، الغذائية، الثقافية ·· وغيرها ·· مع العلم أن الجزائر لن تتمكن، في الوقت القريب، من تدارك هذا التأخر، ليس فقط بسبب نقص البنيات التحتية المتعلقة بالقطاع السياحي، وإنما و هو الأهم بسبب العقلية السياحية الغائبة لدينا، على عكس ما هو حاصل في تونس على سبيل المثال، التي تحتل السياحة فيها منطق التفكير لدى أبسط مواطن ·· كل شيء مرتبط بالسائح وراحته ·· تماما مثل المغرب الذي أصبح يتزاحم سكانه مع الأجانب المستقرين فيه، بفضل العملة الصعبة لتي توفر لهم حياة البذخ ·· هكذا تحولت كل من تونس والمغرب إلى مناطق سياحة لمتقاعدي أوروبا يصرفون رواتبهم ويبتعدون عن برد القارة القديمة، ليجد سكان البلاد أنفسهم في خدمة هذا السائح ·· ولن نتحدث في هذا المقام عن مخاطر هذه السياحة، من قبيل السياحة الجنسية التي يدركها الجميع، ومع ذلك يتم التغاضي عنها، فقد يبدو مثل هذا الحديث أخلاقيا لا مكان له في عالم الاقتصاد· ومع ذلك، يحق لنا التساؤل عن هذا الهوس الذي يسعي بكل الطرق لاقتحام السياحة من خلال فتح الأبواب على مصراعيها، لسنا ضد تحسين نوعية الخدمات واستغلال الطبيعة الخلابة للبلاد بشكل عقلاني يحترم الخصوصية البيئية قبل باقي الخصوصيات الدينية والثقافية، والأهم أنه لا بد من وقفة مقارنة مع من هم أكثر منا تطورا، ما دمنا قد تعودنا على المقارنات ·· الدول المتقدمة تتقدم في كل المجالات وليس السياحة فقط، مثلما هو الحال مع باريس، أكبر عاصمة سياحية في العالم، لم يمنعها الإستفادة من معالمها السياحية من الحرص على النهوض بالإقتصاد الصناعي، أكثر من ذلك تنشيط السياحة الداخلية لفاءدة مواطنيها ليتعرفوا على وطنهم قبل الأجانب، حيث لا تؤخذ على أمها جرذ مهن مرتبطة بخدمة السياح ·· والفرق أن السياحة في الدول المتخلفة تتحول إلى نقمة في حين أنها في الدول المتطورة تجسد مفهوم النعمة·