يؤكد، عبد الله مولاي، رئيس الفرقة القومية للفنون الشعبية السودانية، دور المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني في تنمية وتطوير الثقافة الإفريقية، وكذا المحافظة على الموروث الثقافي الإفريقي، ويتطرق، كذلك، إلى واقع الرقص الفلكلوري في السودان ومدى اهتمام الشعب السوداني بالثقافة والفنون في ظل تفاقم الأزمات الداخلية والضغوطات الخارجية، منتقدا وبشدة قرار المحكمة الدولية التي أصدرت مذكرة توقيف في حق الرئيس عمر البشير، مؤكدا أن الشعب السوداني يساند رئيسه ظالما أو مظلوما· شاركتم منذ 40 عاما في الطبعة الأولى للمهرجان الثقافي الإفريقي بالجزائر، وتشاركون، اليوم، في طبعته الثانية، هل بإمكاننا أن نعرف الهدف من مشاركتكم؟ حقيقة، لقد كان لنا شرف المشاركة في المهرجان الإفريقي الأول بالجزائر، منذ 40 سنة، ومنذ ذلك الوقت، نحمل حقيقة في دواخلنا، فيها الكثير من الحب والود لإخواننا في الجزائر، ومشاركتنا في الطبعة الثانية للمهرجان الثقافي الإفريقي الثاني جاءت نتيجة للإمتداد والتواصل القديم الذي يربط بيننا، وسيبقى كذلك، بإذن الله، أما الهدف الرئيسي من مشاركة الفرقة القومية للفنون الشعبية السودانية في هذا المهرجان، فهو الحفاظ على التقاليد وإحياء التراث الذي يعبر، دائما، عن أصالة الشعب كما نعمل على تحقيق تبادل ثقافي مع الجزائر، ومع كل الدول المشاركة· ما هو الجديد الذي لمستموه في المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني؟ لمسنا الكثير في هذا المهرجان، فهناك تقارب كبير بين الشعوب الإفريقية والعربية، في المجال الثقافي، لم يكن موجودا من قبل، والأصل في ذلك، هو أن الأمة الإفريقية والعربية، أمة واحدة، وكثيرا من اللقاءات الثقافية نجدها متشابهة، تمتد من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، لكن هذا المهرجان استطاع أن يجمع عددا هائلا من البلدان العربية والإفريقية، بكل ما تزخر به من ثقافتة وتراث عريق·· بصراحة، أرى أن الجزائر كانت وفية للعهد، إذ قامت بمثل هذا العمل العظيم، وجمعت كل إفريقيا بأرض المليون ونصف المليون شهيد، وهذه حقيقة، نشكر، كثيرا، الإخوة في الجزائر على هذه المجهودات· ما هو انطباعكم حول تنظيم هذا المهرجان وهي تيزي وزو؟ صراحة، نحمل انطباعا جميلا جدا، حيث رأينا، عن قرب، كيف وقفت الجزائر، شعبا وحكومة، في تنظيم هذه التظاهرة الثقافية الكبيرة التي كنا نحلم بها منذ فترة طويلة، فالجزائر كانت البلد الوحيد الذي حقق أحلامنا، ونقول لها شكرا جزيلا على حسن الإستضافة وعلى هذا التنظيم الرائع والناجح في جميع النواحي، وأقول أن الجزائر شرفت العرب وإفريقيا بهذا المهرجان· وأريد الإشارة إلى أننا اكتشفنا أشياء كثيرة، هنا بتيزي وزو، مثل كرم سكان منطقة القبائل، وصراحة، تأثرنا كثيرا بحسن المعاملة والترحيب، والجمهور القبائلي، ساهم كثيرا في إنجاح هذه التظاهرة بحماسه الشديد، حيث كان متفاعلا مع جميع العروض التي قدمتها الفرق المشاركة· برأيكم ماذا يمكن أن يضيف هذا المهرجان للثقافة الإفريقية؟ أولا، هذا المهرجان عزز علاقات الدول المشاركة، وخلق احتكاكا قويا بينها، وساهم في تدعيم التبادل الثقافي، وأعتقد أن هذا المهرجان بإمكانه تجاوز الأهداف الثقافية، إلى حل بعض القضايا والخلافات السياسية، ويجب أن نعترف بأن الشعوب، عندما تشعر بالقهر والإستعمار، تلجأ إلى تراثها وتقاليدها، فمن خلالها نكتسب القوة والأصالة، ونعرف كيف أننا كنا شعبا أصيلا، وبالتالي، نتمكن من الوقوف في وجه كل الخلافات ومواجهة الضغوطات الخارجية بمختلف أشكالها· كيف هو واقع الرقص الفلكلوري في السودان؟ السودان، كما تعلمون، يضم أكثر من 560 قبيلة، تشكل فسيفساء قبلية، لكل قبيلة رقصات وإيقاعات وأزياء خاصة بها، والبيئة الثقافية في السودان متعددة، ونحن ليسنا منتجين لهذا التراث، بل هو موجود من قبل، ولعلمكم، فالشعب السوداني يولي أهمية كبيرة للرقص الفلكلوري، الذي يعتبر من الفنون الشعبية التي لا يستهان بها كونه يحتل مكانة مرموقة ضمن التقاليد والموروث الثقافي، وكون هذا التراث أصيل، نعمل على المحافظة عليه ونقله كما هو إلى الأمم الإفريقية· نقلت بعض الصحف السودانية، مؤخرا، أنباء عن تدهور القطاع الثقافي في السودان وتأثره بتفاقم المشاكل الاجتماعية والسياسية، ما هو رأيكم؟ أعتقد أن هناك بعض الإشكالات التي أعتبرها تنظيمية، بالدرجة الأولى، فحقيقة، نقص الإمكانيات والمشاكل الاجتماعية والسياسية التي تواجه السودان، تعرقل، نوعا ما، سيرورة القطاع الثقافي، والأمر يزداد حدة بالنسبة للكثير من الفرق الفنية الخاصة، لأن المواطن يبقى منشغلا بمعاناته اليومية، وهذا الوضع نجده، أيضا، في كل الدول التي تعيش نفس المشاكل، ولكن أقول أن الأفق واسع، وما علينا إلا العمل· ومثلا الفرقة القومية للفنون الشعبية هي ملك للدولة، ولها بعض الإمكانيات، ومشاركتنا في هذا المهرجان كانت فاعلة، ورغم هذه المشاكل، أقول أن الثقافة السودانية ثرية وغنية جدا بتقاليدها وبتراثها، ولا تستطيع فرقة واحدة، ولا حتى عشر فرق، أن تأتي بكل هذا المخزون الثقافي الثري· إلى أي مدى يهتم المواطن السوداني بالفنون والثقافة في ظل تعدد أشكال الأزمات الداخلية وتفاقم الضغوطات الخارجية؟ بالرغم من المشاكل المتعددة التي يعيشها السودان، إلا أن شعبها يهتم بالفنون والثقافة، لا سيما الفنون الشعبية التي تعتبر موروثا ثقافيا أصيلا عندنا، ونحن، الشعب السوداني، نقول أننا لنا القوة، ولنا كل الإرادة التي تمكننا من تحدي كل أنواع الصعوبات التي نواجهها، وهذا، بالطبع إذا اعتمدنا على أنفسنا وليس على الغير· كونكم شخصية فنية، ما هو رأيكم في إصدار المحكمة الدولية مذكرة توقيف في حق الرئيسي السوداني عمر البشير؟ أعتبر ذلك ظلما كبيرا، ليس للرئيس عمر البشير، بل للسودان ككل، فهي قضية دبرتها الدول الغربية وتسعى، من خلالها، للنيل من وحدة السودان ومن رمز السودان، ونحن، كشعب سوداني، عبرنا، بشدة، عن حبنا الكبير لقائدنا، بذلك الشكل الذي رأيتموهم عبر المحطات التلفزيونية العالمية، فنحن نسانده بالدم والروح حتى تتراجع المحكمة الدولية عن قرارها وتسحب مذكرة التوقيف في حق الرئيس عمر البشير، وأقول أنه رغم هذا التعسف، فنحن قادرون على الوقوف في وجهه وتجاوز هذه المحن والصعاب، بإذن الله· ألا تتوقعون أن تتفاقم الضغوطات الخارجية في ظل إصراركم على إلغاء مذكرة المحكمة الدولية؟ بالطبع لا، فنحن لا نخاف الدول الغربية ولا من سياستها الاضطهادية، فنحن موحدون، وأهدافنا واحدة، ومستعدون للدفاع عن حقنا، ولا نقبل بأي بلد مهما كانت قوته ولا أي هيئة مهما كان شكلها أن تمس كرامتنا، وأقول للدول الغربية التي تحاول النيل من وحدة السودان، نحن الشعب السوداني، مع عمر البشير ظالما أو مظلوما·