السودان البلد الأكبر مساحة والأكثر تنوّعا من حيث الثقافة بالتشكيل العربي الإفريقي المتوغّل في الحضارات كتوغّل واد النيل من المنبع إلى المصبّ، العمائم العربية البيضاء، الوجوه الإفريقية السمراء، القرى العريقة بين حراب الصيادين وطبول ورقصات الرعاة والمزارعين، الفرية الإغريقية بأسطورتها وبمخيّلاتها الشعبية تتجلّى كلّها في الأسبوع الثقافي السوداني الذي قدّم أوراق اعتماده لدى عاصمة الثقافة العربية وذلك إلى غاية الرابع عشر من نوفمبر الجاري· في إطار تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية" تحلّ الثقافة السودانية ضيفة على الجزائر بكلّ أطياف طبوعها، حيث احتضن قصر الثقافة "مفدي زكريا" مراسم افتتاح الأسبوع الثقافي السوداني الذي سجّل في انطلاقه برنامجا ثريا لجمهور الجزائر العاصمة، فاستهلّه بمعارض مكثّفة مسّت الفنون التشكيلية، الإصدارات، التراث، التصوير الفوتوغرافي، الحرف ولوحات أبدعتها ريشة الأطفال السودانيين، إضافة إلى حفل فني أحياه الفنان الكبير عبد الكريم الكابلي والفنان محمّد البدري حسن· وبهذه المناسبة أكّدت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي بأنّ السودان قلعة من قلاع الثقافة العربية تنوّعا وأصالة وانتماءً و"هي المنبع والرافد وعنوان المحافظة والتفرّد بتنوّع ثقافاتها عبر التاريخ والتي كانت مصدر قوّتها واتحادها رغم كلّ محاولات التشتيت والتفرقة إلاّ أنّ التعدّد أعطى للسودان ثراء الهوية"، مضيفة بأنّ السودان تزورنا بتنوّع نسيجها ليتكشف الجزائريون التشكيلة الثقافية السودانية المتباينة والمتجانسة في نفس الوقت، فهي ملتقى ثقافتين محوريتين هما الثقافة العربية الإسلامية والثقافة الإفريقية، فأعطى للثقافة العربية بعدها الإفريقي وأعطى للثقافة الإفريقية بعدها العربي· من جهته، أشار الأستاذ سيد هارون وزير الثقافة والإعلام لولاية الخرطوم إلى أنّ السودانيين ينحنون هاماتهم إجلالا للجزائر التي أعطت معنى الفداء، الصمود والتحرّر ومعنى أن تبقى الثقافة العربية صامدة رغم محاولات الطمس، مؤكّدا بأنّ العلاقات الاجتماعية والثقافية بين الجزائر والسودان ثابتة راسخة لتداخل الأعراق والثقافات، وأنّ لمبدعي الجزائر مكانة محفورة في الثقافة السودانية منذ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وصولا إلى المفكّر مالك بن نبي الذي كانت زيارته للسودان حدثا ثقافيا وفكريا كبيرا· الأيام الثقافية السودانية بالجزائر حملت معها عددا من المحاضرات واللقاءات، حيث قدّمت أمس بالمدرسة العليا للفنون الجميلة محاضرة حول "الفنون التشكيلية في السودان" على أن يحتضن اليوم المعهد العالي لفنون العرض ومهن السمعي البصري محاضرة بعنوان " ملامح المسرح السوداني"، كما يحتضن المعهد الوطني العالي للموسيقى محاضرة حول "ملامح من الغناء الشعبي السوداني"، أمّا غدا فستكون "الثورة الجزائرية في الشعر السوداني" وقراءات شعرية محور الأمسية السودانية التي يستضيفها متحف المجاهد، لينتقل الأستاذ عبد الكريم الكابلي إلى المدية رفقة الفنان محمّد البدري حسن إلى مدينة المدية ليبعث في أرجاء المدينة الباردة الدفء الوجداني وقبسات من الفن السوداني المتميّزّ.