(رمش العين) سمي هكذا لأنه يشف بطريقة جميلة كما لو كان نظارة شمسية ترى الدنيا من خلاله ربما سعت الكتابة الأدبية إلى توثيق الحالة التراثية المستمرة بوجود الكاتب في مجتمع / بيئة تتميز بخصوصيتها وتنفتح على مستويات الحكي التلقائية التي تسم تلك البيئة، وتستلهمها الكتابة من خلال المنمنمات الموروثة التي تتناقل من الجذر إلى الفروع المتورطة في متن هذه الحياة التي يختلط فيها القديم التراثي، بالجديد المكتسب أيضا من خلال هذا التراكم الموروث، لتتخذ رؤية الكتابة ملمحا جديدا تعبيريا وتفاعليا مع تلك البيئة؛ ما يسمح بإنتاج نص / علاقة جديدة من علاقات الكتابة السردية التي تصاحب تلك التيمات المتوارثة، والتي يظهر فيها الميثولوجي كوعاء من أوعية التاريخ، وكرابط بين الماضي بظلاله والحاضر بحركته المستمرة المنجذبة دوما إلى تلك الروح الفلكلورية العتيقة، ربما رغبة في التواصل وامتداد الجذور في الفروع في عملية تأصيلية وتنويرية في ذات الوقت، وهو ربما يكون ما راهنت عليه القاصة والتشكيلية آمال فرج العيادي، في تجربتها النصية الجديدة، والتي أطلقت عليها ارمش العينب1 ، وهو ما يثير الجدل بدايةً من كونه نصا لم تحدد الكاتبة هويته، سردا كان أم شعرا؛ لتطلقه على علاته، وهو ما ينضاف إلى الدهشة التي تثيرها دلالة العنوان، كعتبة نصية يرجى منها إطلاق ضوء، ولو كان في قدر ضوء سراج صغير نحاول به كشف أي ملامح للنص وعلاقاته؛ فرمش العين بمعناه اللفظي مدركٌ تماما ومعروف، لكن الدلالة المختبئة خلف العنوان، هي ما تحاول الكاتبة ممارسة اللعب عليه لاستدراج القاريء نحو متاهات صغيرة من متاهات الكتابة كما سوف نرى، بحيث تتجلى مفردات الواقع/ الحاضر / التراثي من خلال هذا الموروث لتثير في فضاء النص ذلك الجو الحميمي للحاضر المرتبط كليةً بهذا المد الميثولوجي؛ فتكشف بداية النص عن العلاقة بين الجد / الرمز الذكوري القوي الذي تستمد منه البيئة هذه القسوة والصرامة/ الجذر الذي ينقل إلى الفروع عبر علاقته الحاكمة بالمرأة / الجدة، والتي تنقل ذات الخبرات المتوارثة والمحفوظة والمجربة إلى الراوية التي تتقمص دور السارد الوحيد للنص لتنطلق من هذه العلاقة الثلاثية إلى جوهر ما تبتغيه من هذه الكتابة، فأول ما يواجه به النص قارئه هو سمة توليد الحكي التي تنطلق كمبتدأ من كون الجد ( لا يجلس إلا والسوط السوداني بمحاذاته )، ومن كون هذا السوط (جاءه هدية من السودان )، وهو السوط الذي ( دائما يدهنه بزيت الزيتون ····· )، وهكذا· لتثير في فضاء النص هذه الرهبة المحببة الناتجة من وجود الجد كمبعث للقوة والاطمئنان والأصل المرتكز فيه كجذر لشجرة لها أفرع وأغصان وأوراق، و··· ، وارتباط السوط بالخوف الدائم من العقاب الذي يميز هذا المجتمع الذكوري المحافظ والقاسي في ذات الوقت· وهي سمة التوليد المستمرة أيضا من خلال الجد الذي كان يصف وصفات العلاج من خلال ما يجلبه، فالجد أيضا هو من ( جاءته بيضة النعام هدية مع زهمها )، والزهم، كمعنى يكمن من خلال دواعي الاستخدام: ( كان جدي يصفه دهان للعظم الموجوع ولمن جبر كسره )، والكافور كبيان لدواعي استحضاره: ( يستعمله جدي دواءً للحروق)، وهو الكافور، كآلية تحضير واستخدام، فهو الذي (تسحقه جدتي في المهراس النحاسي مع عظم الدجاج المجلوب من مصر بعد تجفيفه هناك)، وهو الذي يؤدي إلى الوصول إلى مربط فرس الحكاية/ البوح، الحافظ للتراث المحفور في ذاكرة تقاوم النسيان والاندثار: ( تحرقها جدتي جيداً حتى تتفحم·· تسحقها·· تنخلها بقماشة رمش العين) يتبع