"كوب 29": التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغير المناخ    لبنان : ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني إلى 3670 شهيدا و 15413 مصابا    الغديوي: الجزائر ما تزال معقلا للثوار    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    جبهة المستقبل تحذّر من تكالب متزايد ومتواصل:"أبواق التاريخ الأليم لفرنسا يحاولون المساس بتاريخ وحاضر الجزائر"    الجزائر تحتضن الدورة الأولى ليوم الريف : جمهورية الريف تحوز الشرعية والمشروعية لاستعادة ما سلب منها    المحترف للتزييف وقع في شر أعماله : مسرحية فرنسية شريرة… وصنصال دمية مناسبة    تلمسان: تتويج فنانين من الجزائر وباكستان في المسابقة الدولية للمنمنمات وفن الزخرفة    مذكرات اعتقال مسؤولين صهاينة: هيومن رايتس ووتش تدعو المجتمع الدولي إلى دعم المحكمة الجنائية الدولية    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    قرار الجنائية الدولية سيعزل نتنياهو وغالانت دوليا    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفي محمد إسماعين    الجزائر محطة مهمة في كفاح ياسر عرفات من أجل فلسطين    الجزائر مستهدفة نتيجة مواقفها الثابتة    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    47 قتيلا و246 جريح خلال أسبوع    تعزيز روح المبادرة لدى الشباب لتجسيد مشاريع استثمارية    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    سيدات الجزائر ضمن مجموعة صعبة رفقة تونس    البطولة العربية للكانوي كاياك والباراكانوي: ابراهيم قندوز يمنح الجزائر الميدالية الذهبية التاسعة    4 أفلام جزائرية في الدورة 35    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    المحكمة الدستورية تقول كلمتها..    اللواء فضيل قائداً للناحية الثالثة    الأمين العام لوزارة الفلاحة : التمور الجزائرية تصدر نحو أزيد من 90 بلدا عبر القارات    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    مجلس حقوق الإنسان يُثمّن التزام الجزائر    مشاريع تنموية لفائدة دائرتي الشهبونية وعين بوسيف    السلطات تتحرّك لزيادة الصّادرات    بورصة الجزائر : إطلاق بوابة الكترونية ونافذة للسوق المالي في الجزائر    إلغاء رحلتين نحو باريس    الخضر مُطالبون بالفوز على تونس    دعوى قضائية ضد كمال داود    تيسمسيلت..اختتام فعاليات الطبعة الثالثة للمنتدى الوطني للريشة الذهبي    الشباب يهزم المولودية    البُنّ متوفر بكمّيات كافية.. وبالسعر المسقّف    سباق الأبطال البليدة-الشريعة: مشاركة أكثر من 600 متسابق من 27 ولاية ومن دول اجنبية    وزيرة التضامن ترافق الفرق المختصة في البحث والتكفل بالأشخاص دون مأوى    النعامة: ملتقى حول "دور المؤسسات ذات الاختصاص في النهوض باللغة العربية"    الذكرى 70 لاندلاع الثورة: تقديم العرض الأولي لمسرحية "تهاقرت .. ملحمة الرمال" بالجزائر العاصمة    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد بن تونس:إثارة قضية الرسوم محاولة لتشويه حقائق الكتاب
نشر في صوت الأحرار يوم 07 - 08 - 2009

*على الأزهر أن يقول رأيه في كتاب الصوفية بالحجج والبراهين وإلا فلن أقبله
*رفضت نشر صور تظهر ملامح الرسول في كتاب الصوفية تكريما لشخصه
*هناك الآلاف من المنمنمات عن الرسول وكل الآثار الإسلامية موجودة في متاحف الغرب
*لم أشكك في مشروعية الحجاب وإنما أعطيت رخصة للمغتربات بأوربا
*النجمة السداسية هي إرث للمسلمين قبل أن يتبناها اليهود رافع شيخ الطريقة العلوية خالد بن تونس عن كتابه الأخير »الصوفية..الإرث المشترك« ،وفي حديث خص به »صوت الأحرار« كشف عن عديد التفاصيل المتعلقة بإعداد هذا الكتاب الذي أثار ضجة إعلامية كبيرة وجدلا واسعا على مستوى علماء وفقهاء الأمة الإسلامية، بن تونس استنكر التهم التي وجهت له حول بعض القضايا كالحجاب واصفة، ورفض كل أنواع الهجومات التي طالت كتابه وقال إن ما حدث هو التهويل الهدف منه طمس الحقائق التي تضمنها كتابه عن الصوفية بعد تلك التساؤلات التي طرحها الباحث والمفكر حول قبور الصحابة وغيرها من الأماكن المقدسة التي لا تجد لها اليوم مكان، هذا الانجاز تضمن أكثر من 800 صورة ومخطوطة نادرة تعبر عن ثراء الإرث الإسلامي، بالإضافة إلى كثير من التفاصيل التاريخية.
حاوره: عزيز طواهر
*في البداية هل لكم أن تعرفوا لنا الطريقة العلوية؟
الطريقة العلوية هي من الطرق الصوفية المعروفة عن طريق الشاذلية الدرقوية العلوية للشيخ العلوي الذي ورث هذه الأمانة سنة 1909 تاريخ إنشاء الطريقة العلوية عن شيخه سيدي محمد البوزيدي المعروف بسيدي حمو الشيخ في مدنية مستغانم، هي من المدارس الروحية الموجودة في العالم الإسلامي وفي جميع أنحاء العالم، ولعل أهم ما يميز هذه الطريقة هو أن الشيخ العلوي رحمه الله كان من المجددين وكان من أهل التجديد، حيث أنه قاوم وجاهد بقلمه وكان أول شيخ صوفي يصدر مجلات وهي »مجلة لسان الدين« ثم من بعدها »مجلة البلاغ«.
الشيخ العلوي كانت له كتب عديدة في الفقه، التفسير، علم التصوف، الشريعة وكان من أذكى رجال ومفكري عصره في العالم الإسلامي إن لم نقل العالم، كما أنه كان من الأوائل في تبليغ رسالة الإسلام إلى أوربا، فقد ذهب إلى باريس في سنة 1926 بمناسبة افتتاح مسجد باريس الذي كان من الشخصيات المساهمة في تأسيسه كانت له أول صلاة في باريس سنة 1920 بنهج »سان جرمان« وأول من أدخل الإسلام عن طريق الجمعيات التي اعترفت بها السلطات الانجليزية آنذاك، وقد اهتدى عديد من الناس بل الآلاف على يده إلى الإسلام وبفضل هذا الرجل وفكره لازالت إلى يومنا هذا الطريقة العلوية موجودة في أسيا، أمريكا اللاتينية وتقريبا كل القارات، وخير دليل على ذلك هو الأجانب الذين حضروا إلى المؤتمر الخاص بمئوية الطريقة العلوية والذي انقضى منذ أسبوع تقريبا.
شيخ الطريقة هو جدي الثالث، لقد قدم الكثير وترك لنا هذا الإرث الذي يعتبر بمثابة الأمانة التي يجب أن نعمل من أجل التعريف بها، فحاليا كل كتبه تدرس في أشهر الجامعات في العالم، مثل الجامعة الإسلامية بجاكرتا وفي جامعات انجلترا وبجامعة التصوف بمصر وفي جميع أنحاء العالم وللأسف هي لا تدرس في الجزائر التي تعد البلد الأم الذي شهد ميلاد هذه الطريقة.
*وماذا عن شيخ الطريقة العلوية خالد بن تونس؟
خالد بن تونس هو باحث وشيخ طريقة، قمت بإصدار حوالي 20 كتاب، كونت الكشافة الإسلامية الأوربية ومنها الكشافة الفرنسية منذ 20 سنة، ثم كنت من مؤسسي المجلس الفرنسي للدين الإسلامي بفرنسا، وحاليا نسعى إلى إنشاء مسجد جديد بباريس وهو مسجد القرن الواحد والعشرين، كما أنشأنا مؤسسة جنة العارف في البيئة في مستغانم، ونسعى إلى إنجاز عديد المشاريع مثل تشجيع إعادة غرس شجرة الأرقان التي كانت موجودة عندنا ولم يبق منها إلا القليل وذلك في إطار التعاون مع وزارة البيئة، هذا كله من الأعمال التي نسعى إلى تحقيقها حسب اجتهادنا وطاقتنا من أجل مساعدة الآخرين وحتى لا تكون صلتنا مع الغير عدائية.
*أثار كتابكم الأخير حول الصوفية جدلا كبيرا حول المنمنمات التي تم نشرها والخاصة برسول الأمة الإسلامية محمد صلى الله عليه وسلم، ما رأيكم في ذلك؟
إن الحديث عن نشر المنمنمات الخاصة برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وجعلها حجر الأساس في كتابي الصادر تحت عنوان » الصوفية..الإرث المشترك« أمر غير معقول، ففي الوقت الذي تلقيت فيه انتقادات واسعة من عديد الشخصيات بالجزائر وكذا المؤسسات الإسلامية وغيرها من الأحزاب السياسية، هناك عديد من الجهات التي جاءت للمشاركة في مؤتمر الطريقة العلوية مثل البعثة لدينية مغربية المتكونة من 360 شخص، مشايخ من فلسطين ومن جامع الأزهر وهم أصحاب علم وفقه، لم يعترضوا ما نشر في الكتاب، كما أن علماء من الزيتونة ومن جامعة دمشق وجامعة حمص ومن الأردن ومن العراق بكركوك ومن الفلوجة اطلعوا على مضمون الكتاب ولم ينتقدوه، ففي رأيكم هل أخطأ كل هؤلاء وغيرهم على صواب.
*ما هو الهدف من وراء نشر منمنمات عن رسول الله في كتاب الصوفية؟
الإنسان يجب أن يبحث في هذه المنمنمات وأنا لم أخترع أي شيئ، لقد أخذت هذا من الميراث من الذاكرة الثقافية للمسلمين وأعدت نشره في كتاب الصوفية، هذا الكتاب الذي تضمن 842 وثيقة وصورة تطلب مني سنوات من البحث والعمل الشاق لأخرج بهذا المنتوج الفكري للعالم الإسلامي، وبالتالي فمن غير المعقول أن تقام الدنيا على صورة أو صورتين على أساس أن هناك اعتداء على الرسول الكريم، بل بالعكس أنا أرى أن هذه الصور إرث للمسلمين يجب أن يعود إلى أصحابه وأهله لأنه سلب منهم، فأغلب هذه المنمنمات موجودة حاليا في متاحف برلين، نيويورك.
ومن هنا لا يفوتني أن أشير إلى قضية جد مهمة وهو أن الأشخاص الذين اتهموني بنشر صور عن الرسول لم يقصدوا حقيقة الدفاع عن الرسول كما يزعمون، لأن ما حدث هو محاولة لطمس حقائق تاريخية ظهرت في هذا الكتاب وكشفت عنها من خلال التساؤلات التي طرحتها والصور النادرة التي نشرتها.
ومن بين هذه التساؤلات، أين هو ضريح أم المسلمين السيدة خديجة، أين هو مسجد وضريح شهداء أحد، أين هي مقابر شهداء بدر، أين هو المكان الذي التقى فيه الرسول مع البعثة التي جاءت من المدينة المنورة في بيعة العقبة المشهورة مع سيدنا عباس، أين هي العقبة وأين هو المكان الذي ألقى فيه الرسول خطبة حجة الوداع؟ أين هو منزل الرسول في مكة المكرمة؟ صورة لبيعة العقبة مأخوذة منذ أكثر من قرن، لا وجود لها الآن ومن ينتقدونني لم يروها قط في حياتهم.
هذه الإشكاليات طرحتها، هناك صور لها أكثر من قرن تحصلت عليها بعد عناء كبير، ومن ثم نتساءل لماذا هذه الأماكن غير موجودة اليوم ومن قام بهدمها، يجب أن نعلم أن هناك صور يظهر فيها جدي الشيخ عدة بن تونس في سنة 1939 لما حج وهو يضع يده أمام مسجد سيدنا حمزة والمسجد كله مهدوم، هذه هي الأمور التي لا يريدونها أن تظهر ومن ثم يسعون إلى مداراة الحقائق من خلال حديثهم عن الصور بهدف تحويل الأنظار وحتى لا نعيد النظر في التاريخ، يجب أن نعلم كذلك أن هذه الأماكن المقدسة هي من تراث جميع المسلمين وكل من يحج أو يعتمر اليوم لا يجد لها أثرا.
الشواهد الخاصة بقبور أهل بدر أين هي، بصعوبة كبيرة تحصلت على صورة لها، اليوم تجد الزائر للمدينة المنورة لا يكاد يلمح إلا من بعيد تلك الأماكن التي لا يعرف حقيقة ما هو موجود بداخلها، عند أهل بدر لا يتركوك تصل، هناك محو مقصود للآثار. في رأيي يجب علينا أن نفهم الماضي لنفرض وجودنا الآن ومن أراد غير ذلك فعليه أن يمحو ذاكرة المسلمين إن استطاع بطبيعة الحال، من غير المعقول أن نطرح الإشكال حول الصور في القرن الواحد ونمنع إحياء الذاكرة الشعبية الأصيلة.
*ما هي نوعية الصور والمخطوطات التي تضمنها الكتاب والتي تقولون أنها مميزة وغير موجودة الآن؟
الكتاب تضمن عدد كبير من الصور الخاصة بالأماكن المقدسة فعليه بالحجة والبيان لأن قولي قول يغني، لقد وضعت في كتابي صورة الحجر الأسود في 1816، هذه الصورة لا يريدون لها أن تظهر، صورها انكليزي خفية، هناك صور لغار حراء وغيرها من الصور. عندما تكلمت عن الرسول الكريم وعن مولده كان لا بد من الحديث عن الجزيرة العربية والخوض في تاريخ سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام، وغيرهم من الأنبياء والرسل، بالإضافة على الحديث عن ما جاء في الكتب الأولى، مثل التوراة والإنجيل، هو عمل ارتكز على البحث، كان ولا بد من التطرق إلى قضية إسماعيل وهاجر وذهابهم إلى مكة المكرمة وكيف كان المكان، كل هذه المسائل التاريخية مهمة لأنها تشير إلى سياق عام يحدثنا عن الجزيرة العربية ومن ثم ميلاد الرسول الكريم وفي أي ظروف ولد الرسول وغيرها من المعطيات.
تضمن الكتاب صورة للسيدة أمينة أم الرسول وهي تقدمه لعائلته، كما تضمن صورة لأبراهم عندما جاء بالفيل لهدم الكعبة وكيف كيف سجد الفيل للكعبة، كما أتيت بصور فريدة من نوعها مثل صورة للاحتفالات بالمولد النبوي الشريف الذي يرى المتشددون أنه بدعة، فهناك صورة لخليفة المسلمين في اسطنبول في القرن الثامن عشر توضح كيف كانت تجري الاحتفالات، في رأيكم هل كان الخليفة يقترف حراما؟
كيف سيعرف غير المسلمين الرسول، من الصين إلى باريس وإلى كل أنحاء العالم، يجب التعريف بالرسول، أنا شخصيا حضرت لاحتفالات بالمولد النبوي الشريف بباريس والذي تحول فيما بعد إلى مهرجان سنوي الهدف منه التعريف بالرسول الكريم لشبابنا والأجيال القادمة والجالية الإسلامية الموجودة في الخارج.
وقد تكلمت في كتابي هذا عن قضية الفتوة، أي الفروسية التي كانت موجودة قبل الإسلام وجئت بصورة لعنتر بن شداد الذي يعد رمزا من رموز الفتوة في العصر الجاهلي، هذه الصورة بدورها انتقدت من طرف عديد الجهات، لكن هدفي الرئيسي هو توضيح أن الرسول لم يولد في صحراء خاوية بل كانت صحراء تحمل حضارة بأتم معنى الكلمة، ومن ثم تكلمت عن سيرة الرسول وهو شاب وكيف قدمه عمه إلى الفتوة باعتبار أنه فتى فاضل ومن خيرة شباب مكة المكرمة.
*هناك من العلماء من يحرمون رسم الرسول ونشر صور خاصة به تكريما له وتشريفا لجسده الطاهر؟
أنا أولا لم أرسم رسول الله وكل ما فعلته هو أنني نشرت ثلاث صور عن النبي الكريم كانت موجودة فيما سبق، فهي تنتمي إلى الثقافة الشعبية للأمة الإسلامية وهي إرث مشترك لجميع المسلمين أما الحديث عن الصور فكما قلت سابقا فهو تضليل بهدف ترك الأمة دون معرفة وطمس تاريخها، في رأيكم كيف سنواجه اليوم المجتمع الإسلامي ثقافيا وأدبيا ودينيا إذا لم نعرف التاريخ، وهذا دليل أن المقصود ليس الصور وإنما الحقائق التاريخية.
وأؤكد لكم أنني كنت لأملك صور ومنمنمات تظهر وجه الرسول لكنني تفاديت ورفضت نشرها تشريف وتكريما للرسول، فهل إظهار صورة الرسول دون ملامح الوجه تعد معصية، هناك صور للحريري والنووي موجودة منذ القرن 13 وتظهر فيها ملامح الوجه وهي الآن على مستوى متحف باريس في »اللوفر« ولم أكن لأنشرها تكريما للرسول كما قلت، هي صور من رسم الخيال تبين كيف كان مجلسه وكيف كانت العيون تنظر إليه خاشعة ولو نظروا لكتابي عن الصوفية لما وجدوا ذلك.
من المؤسف أن كان التركيز على صورة الرسول، في رأيكم هل ظهر وصفا للوجه أو ظهر هناك وصف بطريقة مخلة للأدب أو الاحترام، الصور موجودة في قصص الأطفال يتناقلونها، كل ما قمنا به هو جمع شتات لوثائق موجودة في العالم حتى تكون وسيلة للدعوة إلى الله ولتحسين صورة الإسلام في أذهان غير المسلمين. أما إذا كان هناك نقدا فيجب أن يكون بناء والأولى أن يكون هناك لقاء وديا يناقش من خلاله الوضع وجها لوجه بدل التشهير والهجوم ، احترموا اللقاء والجنسيات المتعددة التي جاءت للجزائر وجاءوا لقول لا إله إلا الله على أرض الجزائر، واعلموا أن الانتقادات خدمت الكتاب ليس إلا.
*إلى أي عهد يعود تاريخ المنمنمات الخاصة بالرسول الكريم وكيف تم التعامل معها عبر مختلف العصور؟
تاريخ المنمنمات يعود إلى عهد الأمويين، فالحريري رسمها في سنة 1054 أي منذ 10 قرون ، الواسطي من العراق وكما سبق وأن أشرت فإن أول تصميم للصور قام به الأمويون وأكبر دليل على ذلك الجامع الأموي المعروف بدمشق الذي يتضمن مئات الصور.
ويبقى أن هناك من رفض تصميم هذه المنمنمات ونشرها حتى في تلك الفترات، واليوم هناك من يعترض نشرها لكنه يبقى مجرد رأي ولماذا نفرضه على غيرنا، بالله عليكم في ماذا تؤذي هذه الصور الرسول؟ ولماذا لم يحدث للمسلمين قبلنا تحديات العصر نحن في عصر العلم، لماذا في عهد العباسيين والأمويين كانت الصور مسألة عادية عند المسلمين، في وقت يجب أن نعلم فيه أن الإسلام دخل إلى أسيا الوسطى والهند عن طريق هذه الصور التي لعبت دورا أساسيا في ذلك العصر لتبليغ الرسالة لأهل تلك المنطقة.
كيف نغير صورة المسلمين اليوم إذا لم نفتح الباب للحوار ونظهر هذا التراث لأبنائنا ولغير المسلمين حتى يعرفوه، هو تراث غني من الهندسة وكل ما أتى به الإسلام من حضارة، ويجب أن نعلم أن أكبر مدرسة للرسوم الإسلامية هي مدرسة أفغانستان وليس الفرس، لأنها بدأت مع الأمويين، العراق، أفغانستان، الفرس ثم الأتراك.
ولا نرى من العلماء من رفضوا تلك الصور عبر مختلف العصور، إلا المتشددين الذين كانوا في ذلك العصر ورفضوا بطبيعة الحال رسم الرسول، هي صور موجودة في ساحة مسجد الأمويين، في الأندلس، الحمراء في غرناطة وغيرها من بقاع الأرض، ماذا حل بنا حتى وصلنا إلى هذا الفكر الضيق في الدين والأسلوب الذي نتحاور به والذي لا يتطابق مع عاداتنا ولا مع إسلامنا، العجيب في الأمر هو أنه يوم كان المسلمون يرسمون هذه المنمنمات كان المسيحيون والبيزنطينيون في القسطنطينية اسطنبول يمنعونها واليوم انقلبت الآية، والنتيجة أنني أصبحت أشبه بسلمان رشدي ويقولون إن كتابي عن الصوفية كتاب شيطاني أساء إلى الرسول.
*نشرتم صورا عن الملك جبريل عليه السلام وانتقدوكم على ذلك، ما هو موقفكم من هذا؟
ما يجب أن نعلمه هو أن هذه المنمنمات والصور التي ينتقدها الجميع هي صور شعبية موجودة في الأسواق، صحيح أنني نشرت صورة لجبريل وهو بجناحين في الوقت الذي يقول الرسول أنه بست مئة جناح، لكن هل هناك من رأى جبريل بغير الرسول ، أكيد لا أحد، في رأيي هي معنويات تكلم عنها الرسول لتقريب المعنى لأناس معينين في تلك الفترة التاريخية التي كانت تتميز ببساطة الفكر، فكما يقول الرسول خاطبوا الناس على حسب عقولهم، فمعرفتهم كانت محدودة، والذي ينتقدوننا اليوم يريدون العودة بنا إلى عصر الجاهلية.
مثال ذلك البراق، هل كان حقيقة نصفه حيوان والنصف الآخر ملك، في اعتقادي هذا غير ممكن لأنها كانت صفات لتقريب المعنى، ليس أكثر، لأن الحديث عن البراق هو إشارة إلى سرعة البرق وهي سرعة الضوء التي اكتشفها العلم في عصرنا الحالي بعد أن تكلم عنها الرسول الكريم منذ 15 قرن.
أنا نقلت الصورة المتعلقة بجبريل والرسول محمد صلى الله عليه وسلم كذكرى للإسراء والمعراج، هي رسومات نابعة من الثقافة الشعبية للمسلمين، تذكرنا بتاريخنا وبأهم الأحداث ، فالإنسان له حاسة وعاطفة وعامة الناس بحاجة إلى رموز تذكرهم بما كان، لتبقى دائما تلك الصلة مع الرسالة المحمدية ملموسة ومحسوسة، لذلك فإن هذه الصور الشعبية تم رسمها بهذا الهدف وليس من أجل عبادتها، فمن منا سيسجد لسيدنا جبرائيل في رأيكم؟
الرسوم تقاليد إنسانية، فالإنسان الحجري ترك لنا رسوما ولولاها لما عرفنا كيف عاش، لقد ترك لنا أثرا على وجوده، هل سنقول إنها حرام ونهدمها ، لماذا المصريين لم يهدموا الأهرامات؟
صورة غار ثور مثلا توضح كيف أن العنكبوت غطت مدخل الغار وكيف نجا الرسول من مطاردة قريش له، هذه كذلك صورة شعبية تذكر بهجرة الرسول الكريم من مكة إلى المدينة بعد أن حاولت قريش قتله.
للأسف لا توجد أي متاحف في الجزائر أو حتى في العالم الإسلامي باستثناء بعض الدول تحمل هذه الآثار، يجب أن نبحث عنها في الدول الغربية التي تحافظ على كل حجرة وكل ما له صلة بذاكرة الشعوب، أما نحن فقد طمسنا الأثر وبذلك طمست الذاكرة ومن هنا تصاب ثقافة الإنسان وأصالته بالوهن وإذا نزعنا منه ثقافته يبقى جسدا بلا روح يساق كما تساق الإبل، هل هذا هو ذنب الشيخ بن تونس الذي أحيا الذاكرة الشعبية؟
*وماذا عن ظهور النجمة السداسية في كتابكم عن الصوفية..الإرث المشترك؟
النجمة السداسية كانت خاتما لجميع ملوك المسلمين منذ قديم الزمان وبقيت خاتما في الصرف المغربي والعرش العلوي حتى سنة 1958، ولعل نشرها راجع إلى رغبة مؤلف الكتاب الخاص بحياة الأمير عبد القادر وعلاقته بالماسونية وذلك بهدف التعريف بكتابه الذي صدر منذ سنتين وهو يحمل صورة الأمير محاطا بالنجمة السداسية، هو كتاب يهدى من طرف الرئاسة لجميع الملوك والزوار والأمراء الذين يحلون بالجزائر وهو موجود في متحف الأمير عبد القادر في مقام الشهيد، فلماذا لم يتكلم عليه أحد في السابق؟
النجمة السداسية أخذها الإسرائيليون وجعلوها رمزا من رموزهم في حين هي موجودة في خاتم سليمان وتعبر عن الملك الدنيوي والملك الرباني لأن سليمان كان ملكا ونبيا واقتدى به الملوك والأمراء وحتى طابع الأمير عبد القادر شخصيا فيه النجمة السداسية.
هذه النجمة هي من ثقافتنا نحن المسلمون فإسرائيل لم توجد إلا فبعد سنة 1948، ستجدون النجمة السداسية في القصبة العتيقة وفي المساجد الإسلامية بالجزائر وخارجها، في دمشق وفي حلب هي موجودة في كل بقاع الدول المسلمة، حتى صلاح الدين الأيوبي كانت موجودة في طابعه، من ينتقدونني هدفهم أن نبقى الأمة في جهل الذي هو أمر فظيع.
*تضمن كتاب الصوفية عددا من رجال الأمة الإسلامية، ما هو القصد من إبراز هذه الشخصيات؟
إن الكتاب يسعى إلى إعادة النظر في التاريخ من أدم عليه السلام إلى يومنا هذا ولعل أهم إشكالية طرحت في الكتاب تتعلق بهؤلاء الرجال، حسن البصري، جعفر الصادق، المحاسبي، الجني من هم هؤلاء الرجال، أهل الأندلس، أبو حامد الغزالي، في المغرب مولاي إدريس،لقد عرضت صور عن أضرحتهم، صور عن تعذيب الحلاج وتصليبه، هذه الصورة التي لا تقاس بمال، فكلهم من أهل الله، كما تطرقت إلى مختلف المدارس الصوفية في التاريخ الإسلامي، من أسس مدرسة المدينة المنورة، مدرسة مكة، مدرسة البصرة، من أسس مدرسة خرسان، مدرسة مصر، مدرسة شمال إفريقيا، مدرسة الأندلس وغيرها من المدارس.
كما خصصت جزء من الكتاب للحديث عن الطرق والزوايا، ولم أغفل في كتابي الشخصيات النسائية مثل، رابعة العدوية ، بنت طلحة ، نفيسة بنت الحسن وكل من لعبوا دور في التاريخ، والدليل أني وضعت الصورة الخاصة بمكان حجة الوداع في الجزء الخاص بهؤلاء النسوة لأن أخر ما جاء في خطبة الوداع هو وصية الرسول بالنساء.
تكلمت كذلك عن معروف الخذقي، ضريح بن تشفين، الأطلس، وعرضت صورا لبغداد عندما كانت تسمى دار السلام توضح كيف كانت مبنية وكيف أن أحد الصالحين الذي هو من أهل الله قال لإمامها ضع عصاك هنا وابني عاصمة المسلمين وكان أول ما بني بها هو المسجد.
في كتابي ستجد التاريخ من أدم عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثم الخلفاء الراشدين، علماء الأمة الإسلامية، تاريخ الأمير عبد القادر ، لالة زينب التي هي من مشايخ الطرق في الجزائر، لالة فاطمة نسومر مجاهدة في الطريقة الرحمانية، الشيخ بلقاسم وغيرهم.
*ما هي أهم المراجع التي اعتمدتم عليها لإنجاز بحثكم هذا عن الصوفية؟
اعتمدت في بحثي هذا على 120 مرجع، انطلاقا من الإرث القديم، كما استندت إلى القرآن الكريم، العطار، البصري، البساتني، البخاري، الدرقاوي، ابن العربي، ابن عطاء الله، ابن عشير وغيرهم من الكتاب، في رأيكم ألا يستحق هذا الكتاب عن الصوفية بعد كل هذا العناء أن يدخل يدرس في المدارس والجامعات أم سيقتصرون على تحريض الناس رجمي بالحجر.
والأدهى والأمر هو أن هناك بعض الوسائل الإعلامية التي تساعدهم على حمل رسالة الضلالة، من خرج عن الطريق في رأيكم؟ أنا من يسعى إلى نصرة هذه الأمة ودعمها ضد هذا الغزو الفكري الغربي بمناهج أم هؤلاء الأشخاص الذين غلقوا باب الحوار واكتفوا بانتقادات لاذعة لا تستند للحجة والبيان، يقولون أن كتابي عن الصوفية يباع ب 700 أورو، هل هذا معقول وهو البحث الذي سعيت من ورائه إلى كشف كل الحقائق للأمة الإسلامية؟
*قلتم أن الصوفية وحدت الديانات، كيف ذلك وما هو مفهوم الصوفية في تصوركم؟
الصوفية لم توحد الديانات وإنما سعت إلى تحقيق معادلة التعايش بين الديانات انطلاقا من الآية الكريمة التي يقول فيها المولى تعالى »وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا« وذلك عن طريق تكريس لغة الحوار، فالمسيحيون يعيشون في مصر منذ سنين وهناك تعايش عادي بين مختلف الديانات في لبنان، سوريا.
في كتابي هذا قدمت معلومات والقارئ هو من يحكم ويأخذ ما ينفعه لأن الهدف الأول والأخير مما ورد في كتاب الصوفية هو فتح مجال البحث والمعرفة، فأنا لا أقول هذا أفضل من هذا، صحيح أنني قلت أن الصوفية حافظوا على الذاكرة الإسلامية وأن التصوف مرتبط بالإسلام ارتباطا وثيقا، فالذين كانوا محيطين بالرسول كانوا متصوفين، ويجب أن نعرف كذلك أن التصوف ليس مذهبا، الرجال الذين أحاطوا بالرسول كان منهم المالكيين، الحنفيين، فالتصوف مدرسة روحية والشيخ العلوي كان مالكي المذهب، سني وأشعاري العقيدة، والأمير عبد القادر كان صوفي.
هناك مذاهب نسبت إليها الصوفية وانحرفت، لكن هذا لا يعني أن الصوفية هي طريق للضلالة، فأبو حامد الغزالي كان صوفيا وقدم كتاب »إحياء علوم الدين«، الشيخ عبد الحميد محمود، ابن تيمية عند السلفيين مقدس وهو قادري وكان صوفيا وكتب كتابا عن التصوف، لقد أتيت بكل العلماء وأعظم العلماء والشخصيات التي شرفت الحضارة الإسلامية كانت تنتسب إلى التصوف.
الماديات لعامة الناس أما الخاصة فهي تسعى نحو الزهد ومن هذا المنطلق يتكرس مفهوم التصوف الذي هو زهد ورقي روحي، فالصوفية يقولون إن الرسالة المحمدية جاءت من جهتين، جهة شرعية معروفة لعامة الناس حتى يعبدوا الله عن طريق شرائع إلهية اختارها الله لعبادته والمعاملة بين الناس ثم خص أناس من أهل الله بقربهم إليه وجعلهم أولياءه وهم مذكورين في القرآن الكريم، فلماذا اليوم ننقع اليوم في هذا الجدال الذي لا ترجى منه فائدة؟
*ما هو سر تعارض الصوفية مع السلفية؟
تكلمت عن المدارس الإسلامية والمذاهب التي لم تكن أربعة وغنما اثنان وخمسون مذهبا، حينها لم تكن السلفية والوهابية كرؤية واحدة ضيقة تحرم كل شيئ، لقد منعوا الهاتف النقال في البداية، منعت السيارة، لكن الحضارة الإنسانية فرضت عليهم هذا التطور وأثبتت في الحقيقة وربما ما يجهله العديد هو أن السلفية ولدت سنة 1886 في باريس ولم تولد في القاهرة ولا في الرياض ولا في الجزائر وهناك أي بباريس تكونت جمعية » العروة الوثقى« وذكر فيها لأول مرة اسم السلفية والرجوع إلى السلف وبدأت منذ تلك اللحظة جريدة »المنار« تحت إدارة رشيد رضا توجه هذا الخطاب السلفي من باريس وكان معهم جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده.
هذين الرجلين الذين كان يعملان بهدف تحقيق نهضة في العالم الإسلامي وبالمقابل استغل رشيد رضا الموقف بعد وفاة الشيخ محمد عبده سنة 1903 في الإسكندرية واستولى على ارثه واتصل بالملك سعود ونظموا في سنة 1923 ملتقى في مكة المكرمة وكان أول ملتقى إسلامي ومنذ ذلك الحين بدأ الفكر السلفي المعروف حاليا، لا أحد ينكر أن له ايجابيات باعتبار أنه تصدى للاستعمار لكن تبقى سلبياته قائمة بالنظر إلى التشدد وتضييق رؤية الدين، في وقت نجد فيه أن كل شيئ قابل للنقاش إلا ثوابت الإسلام ومن غيرها هناك مسائل أخرى يمكن طرحها للنقاش بالمقارنة مع تطور الاحتياجات والفكر الإنساني.
*احتكمتم إلى الأزهر حول كتابكم عن الصوفية، هل ستلتزمون بقرار الأزهر؟
صحيح أنني احتكمت إلى الأزهر والقروين والزيتونة، فأنا باحث وشيخ طريقة، لكن ما يجب أن يعلمه الناس هو أن هذا الكتاب جاء على لسان باحث وإذا أتيت بحجة وبيان على أني أخطئت في صورة من الصور أو نص من النصوص، فأنا مستعد لأتراجع ومن لا يتراجع في هذه الرحالة فهو غير منصف، فرأينا خطأ يحتمل الصواب ورأي غيرنا صواب يحتمل الخطأ.
فأعطني حجتك وخذ دليلي، هذا هو منطق البشر وهذه هي قاعدة الإمام مالك، لا أحد يملك كل الحقائق، الأزهر لحد الآن لم يعترض على أي صورة ولم يصلني أي رد مكتوب، فهذه الصور كما قلت موجودة وهي إرث شعبي ولن أرضى بتوقيف الكتاب دون حجة أو دليل حتى لو كان ذلك من طرف الأزهر.
هدفي من الكتاب هو رفع المستوى العلمي والثقافي وكفانا من هذه الدائرة الضيقة في الفهم وفي حال إذا لم يقبل الكتاب فأوربا مفتوحة أمامي وهناك مسلمين في الغرب، في أسيا، أندونيسيا، سأوجه لهم هذا الكتاب الذي سيترجم إلى سبع لغات.
قد لا تملك الدول العربية الجرأة والشجاعة الكافية لنشر الكتاب، لكنه سيكون بداية في البحث في ارثنا وتراثنا وروحانياتنا، فإما أن نعود إلى الوراء خوفا من هؤلاء المغرضين الذين يريدون أن تبقى هذه الأمة في جهل وتحت السيطرة الإيديولوجية والتسلط والفكري والجمود رافضين كل حركة وإما أن نقتحم كل الأبواب ونفتح فسحة للأمل وللمستقبل.
*كيف هي مسؤوليتكم كشيخ طريقة؟
نحن حاولنا أن نجعل من هذا الاحتفال بالذكرى المئوية للطريقة العلوية مناسبة لطرح مشروع مجتمع مركز على الأمل وتقديس الحياة لأمتنا وخاصة منها الشباب وما طرح لمدة 7 أيام من مواضيع مختلفة تتعلق بالبيئة، العولمة، الاتصالات، حديث عن الوحي والروحيات الهدف منه طرح مشروع أمام المجتمع الجزائري والإسلامي لأن الإسلام لا يزال بقوته وروحه ومعنوياته والدليل هو حضور أكثر من 40 دولة و6500 مشارك في بلدة صغيرة كمستغانم.
كل فعاليات المؤتمر جرت بسلام ونجاح كبير، كانت هناك مشاركة للمسلمين ولغير المسلمين وهناك أناس أسلموا خلال هذا الملتقى، وربما السؤال الذي أوجهه لكل من انتقدونا، هذا العمل الذي قمنا به هو لأهل الله للفقراء والضعفاء فأين هو البديل الذي تطرحونه؟ يجب أن تعلموا أن قافلة الأمل طافت بأرض الوطن طيلة ستة أشهر ونزلت بأكثر من 55 مدينة للتحسيس بالمئوية ولعرض مشروع مجتمع وكان هناك خلال المؤتمر معارض لتاريخ الأمير عبد القادر، معارض للقرآن الكريم وأخرى حول التراث الجزائري والإسلامي عامة.
يد المساعدة يجب أن تكون بوحدة الأمة، لقد حضر في الملتقى رئيس مؤسسة عبد الحميد بن باديس وجاء بتصريح من عائلة بن باديس لتشجيع هذا الملتقى ولازمنا لأكثر من 3 أيام، ألقى محاضرته وتكلم باسم المؤسسة وباسم عائلة الشيخ بن باديس رحمه الله.
المؤتمر نجح والدليل أن القضية لم تعد محصورة في مستغانم أو الجزائر، الصحافة الآن من الشرق إلى الغرب تتكلم عن هذا كتاب الصوفية والحوار خرج إلى الميدان الفكري في أوربا وأمريكا وكل دول العالم، إن الهدف من كل ما سبق هو خلق حالة حوار ونقاش في العالم الإسلامي، حوار بين الإنسانية حتى نقول نعم نحن قادرين على حمل هذه المسؤولية لتبليغ هذه الرسالة المحمدية حسب العصر، في معادلة تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
*هل ترون أن تعدد الزوايا والطرق سبيل لتكريس الشقاق والاختلاف؟
حاشا لله أن يكون تعدد الزوايا والطرق سبيلا لتكريس الشقاق والنزاع بين أفراد الأمة الإسلامية، بل هو ثراء وغنى، الأمير عبد القادر، الشيخ المقراني، أولاد شيدي الشيخ وكل أهل النضال كانوا من أهل الزوايا وأصحاب الطرق، وما حدث هو أن تزوير التاريخ منذ الاستقلال إلى يومنا جعل الزوايا في قفص الاتهام بالنظر على الصفات القبيحة التي ألصقت بها من شعوذة وزندقة وهرطقة وغيرها من الممارسات.
*هل صحيح أنكم لا تقرون بشرعية حجاب المرأة؟
كل ما قلته هو أنني ضد حجاب الفكر الموجود عند كل الناس أما الحجاب العادي فالمرأة حرة اتركوا لها حرية الاختيار، فنصف الأمة الإسلامية نساء، لا إكراه في الدين والدعوة تكون دائما بالتي هي أحسن لأن الحجاب الحقيقي هو الحياء، ثم قلت أن الحجاب ليس زي معين يفرض عبر كل العصور وإنما هو مقاييس تتكيف مع التراث الثقافي لكل شعب ولكل حضارة.
المجلس الفرنسي للدين الإسلامي الذي أعتبر من أحد مؤسسيه أصدر فتوى منذ أربع سنوات بعد البلبلة التي أصيرت حول الحجاب في فرنسا وأصدرنا رخصة بعد أن استشرنا إخواننا في انكلترا بإمكانية نزع الحجاب في الدول الغربية وما حدث هو أن هؤلاء المنتقدين لم يتركوا لي المجال لتوضيح الأمور، ولا يفوتني أن أذكركم بأن من أثار البلبلة حول الحجاب في تلك الفترة هما بنتان يهوديتان اعتنقتا الإسلام منذ شهرين.
أنا داعية ولست قاضيا ولا أريدكم أن تعطوني أكثر من قدري، أنا داعية لغير الملمسين ويجب في هذه الحالة أن نأخذ بأسلوب التدرج في الدعوة فنقول لمن تريد أن تدخل الإسلام نحن يهمنا ما في رأسك وليس أن تغطي رأسك، نحن لا ننكر مشروعية الحجاب ولكن إذا كان الحجاب يحول دون دخول المرأة إلى الإسلام فنقول لها دعيه جانبا وقولي لا إله إلا الله محمد رسول الله.
*ما رأيكم في إنشاء مرجعية دينية وطنية بالجزائر، درءا للفتنة والاختلاف؟
من توصيات المؤتمر الخاص بمئوية الطريقة العلوية كانت هناك دعوة إلى بناء أكاديمية صوفية في العالم سيكون مركزها إن شاء الله في الجزائر، فنحن بحاجة إلى العودة إلى أهل العلم وستكون مرؤوسة بعلماء من أعلى المستوى، يجب أن نخرج من قوقعة الماضي ونفتح الباب أمام الحركة النسوية، حيث ستجمع الأكاديمية باحثات وتحقق لهم المساواة فهن كما قال الرسول الكريم شقائق الرجال والمرأة هي أساس بناء المجتمع.
*ما رأيكم في المصالحة الوطنية؟
لا بد من تشجيع هذا الإنسان الذي سمي بعبد العزيز وبالفعل جاء بالعز إلى هذا الوطن، حيث فك هذه الأمة من مصائب عظيمة بعد سنوات من الدم، فالفتنة أشد من القتل، فبعد أن أهدرت الدماء وانتهك عرض ومال ونفس الإنسان، عاد الأمن وعادت الطمأنينة للقلوب والسكينة للنفوس، وأمام هذا لا يمكن لنا إلا أن نقف مع مشروع المصالحة الوطنية ونعمل على بناء مجتمع إنساني فكري واقتصادي والابتعاد من القيل والقال والاهتمام بالقضايا الجوهرية بهدف الرقي بالأمة إلى أعلى المستويات.
علينا أن نزرع الأمل في قلوب الشباب ونتصدى إلى الحراقة ليعلم الجزائريون أن مستقبلهم ليس وراء البحار، بالجزائر تحتل مكانة مهمة في حوض البحر المتوسط الذي هو مهد للحضارات ، علينا كذلك أن نتعايش فيما بيننا ونتجاوز حالة نفور الآخر، فها هو رسول الله يصلي صلاة الغائب على النجاشي ويسمح ل 62 مسيحي بأداء طقوسهم داخل المسجد، فكيف يعاب علينا اليوم أن نستضيف غير المسلمين أو نتعامل معهم. -----------------------------
من هو خالد بن يونس شيخ الطريقة العلوية؟
هو الشيخ خالد عدلان بن تونس بن محمد المهدي ولد بمستغانم سنة 1949 وبها نشأ، ينتسب إلى عائلة عريقة في النسب من أكبر العائلات المستغانمية، ضمت علماء و صلحاء وفقهاء من أبرزهم جده الأقرب الشيخ عدة بن تونس وجده الأكبر مؤسس الطريقة العلوية الشيخ أحمد بن مصطفى العلوي.
ترعرع الشيخ عدلان بين أحضان الزاوية العلوية الكبرى بمستغانم حيث تلقى دروسه الابتدائية والقرآن الكريم وعلوم الدين من فقه وحديث وتصوف، هذا الأخير الذي تلقاه على يد شيخه وأبيه الشيخ محمد المهدي، وكانت دروسه بالزاوية موازاة مع دروسه في المدارس العمومية.
في شبابه المبكر توجه إلى أوربا بإشارة من أبيه، فانتقل إلى فرنسا و منها إلى انكلترا لينخرط في كلية الحقوق بجامعة أكسفورد، ولما لم يتأقلم مع الجو هناك عاد أدراجه إلى فرنسا، ليدخل ميدان التجارة فكانت هذه الممارسة سببا في احتكاكه بعالم أوربا المادي والذي كان على النقيض مما تعلمه من القيم الروحية في رحاب الزاوية العلوية، تلك القيم التي كانت سندا له في اجتياز ذلك الاختبار الصعب، وصقلت تجربته في عالم الدنيا المليء بالمتناقضات.
في سنة 1975 انتقل والده الشيخ محمد المهدي إلى جوار ربه، فعاد إلى مستغانم ليحضر مراسيم الدفن لكن عناية الله شاءت أن يُجْمِع مجلس الحكماء و كافة المريدين بمستغانم على مبايعته خلفا لوالده، وألزموه بذلك لما كان يظهر عليه من الأهلية، ومن حينها أصبح الخليفة الرابع على رأس الطريقة العلوية.
شرع بعد تصدره للمشيخة في تجديد هياكل الطريقة العلوية عبر مختلف الدول، ابتداءً من الزاوية الأم بمستغانم، فشيد الزوايا بداخل الجزائر وخارجها، وأضاف إليها عددا من أقسام الدراسة ومكتبات المطالعة وأحيى العمل الجمعوي، فأسس عددا من الجمعيات كجمعية أحباب الإسلام بباريس و بروكسل، و جمعية الشيخ العلاوي للتربية والثقافة الصوفية بالجزائر، والكشافة الإسلامية بفرنسا، وأخيرا جمعية أراضي أوربا بباريس.
إضافة إلى ذلك، أسس معهد ألف للإعلام الآلي كان الغرض منه إدخال تراث الحضارة الإسلامية في الحاسوب الآلي (علوم القرآن، علوم الحديث، تاريخ الأعلام، و الفقه الإسلامي).
للشيخ خالد بن تونس عددا من الأعمال الفكرية من مقالات ومحاضرات ولقاءات، إلى جانب كتابه التصوف قلب الإسلام، و كتاب الإنسان الباطني على ضوء القرآن، وتحقيقه لكتابي عيسى روح الله، و "هكذا حدثني الشيخ عدة بن تونس صدرا تحت عنوان نغمة الأنبياء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.