تمر، اليوم، ثلاثون سنة عن الربيع الأمازيغي 1980 وتسع سنوات عن الربيع الأسود 2001، ولكن الانشقاقات تستمر في تعكير الأجواء داخل المنظمات السياسية وغير السياسية التي تتزعم أنها تمثل منطقة القبائل، تحول دون توحيد صفوف المناضلين السياسيين والثقافيين الذين يتغنون بنفس الأهداف، لتفقد القضية الأمازيغية مصداقيتها النضالية وتصبح المصالح الشخصية والحزبية تطبع الحركات والأحزاب السياسية التي فرضت نفوذها على المنطقة، ليجد المواطن القبائلي اليوم نفسه بين موالٍ ومعارض، وبين مساند ومؤيد، وبين محايد وفاقد للثقة والأمل· في الوقت الذي تشتد فيه الصراعات بين كل من حزب ''الأرسيدي'' وحركة الحكم الذاتي وحركة العروش، وكلها تحاول استغلال ذكرى 20 أفريل لاسترجاع ثقة سكان المنطقة، ليبقى حزب الأفافاس الوحيد الذي ترك الساحة السياسية في هذه الذكرى التي تلقى احتراما واعتزازا وافتخارا كبيرا في قلوب سكان منطقة القبائل· -- تنظيم ثلاث مسيرات شعبية بتيزي وزو -- حركة العروش لا تمثل إلا نفسها ولم يبق منها إلا التسمية -- حركة الثقافة البربرية تكتفي بإصدار بيان صحفي احتفالا بالربيع الأمازيغي مجيد خطار تحيي ولاية تيزي وزو، اليوم، الذكرى المزدوجة للربيع الأمازيغي تحت اختلافات وانشقاقات وصراعات حادة بين الأحزاب والحركات السياسية صنعتها حرب الكواليس التي كانت تحضر منذ أربعة أشهر، وهدفها كسب مصالح شخصية وحزبية بعيدا كل البعد عن مصالح القضية الأمازيغية، وكل طرف يحاول كسر نشاطات وتظاهرات الطرف الآخر، فحركة الحكم الذاتي لمنطقة القبائل ''MAK'' التي يتزعمها فرحات مهني، برمجت اليوم مسيرة شعبية تنطلق من جامعة مولود معمري إلى مفترق طرق وسط مدينة تيزي وزو، وفي نفس الوقت برمج حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ''الأرسيدي'' مسيرة ثانية تنطلق من نفس المكان إلى غاية مقر الولاية، ليجد هذين الطرفين نفسيهما أمام تنافس حد حول من سينطلق الأول في مسيرته· في الوقت الذي ينظم فيه الطرف المحاور لحركة العروش التي يتزعمها بلعيد عبريكا اعتصاما في مفترق طرق معطوب الوناس، وبعدها تقوم بمسيرة إلى مقر الولاية· أما الطرف غير المحاور لحركة العروش، فقرر أن يقوم اليوم وفي الصباح باعتصام أمام مقر الولاية· كما ستنظم الطالبات القاطنات بالإقامة الجامعية ببسطوس مسيرة من الإقامة إلى مقر الولاية· هذا، في الوقت الذي قرر فيه حزب الأفلان وكمحاولة منه لكسر هذه المسيرات، إقحام مناضليه في كل المسيرات التي ستنظم اليوم بتيزي وزو· حركة الحكم الذاتي تتهم سعيد سعدي بمحاولة كسر مسيرتها كانت حركة الحكم الذاتي لمنطقة القبائل السبّاقة للإعلان عن مسيرة شعبية ل 20 أفريل احتفالا بالذكرى المزدوجة للربيع الأمازيغي، وهذا منذ أكثر من خمسة أشهر، حيث اعتمدت طيلة هذه الفترة على الملصقات والبيانات والكتابات الحائطية في مختلف مناطق القبائل، وكذا عبر منتديات الأنترنت و''الفايس بوك'' لتحسيس وإعلام المواطنين· لكنها تفاجأت بإعلان حزب الأرسيدي منذ شهر عن تنظيمه لمسيرة شعبية في نفس اليوم وفي نفس المكان، ما جعل مناضلي الحركة الانفصالية يوجهون انتقادات حادة وشديدة لسعيد سعدي، واتهموه بمحاولة كسر مسيرتهم، وهذا الأمر -حسب ما أكده مناضلو '''MAK'- دفعهم إلى لعب حرب كواليس حادة على مستوى جامعة مولود معمري، تحضيرا لإنجاح مسيرتهم والتصدي لعراقيل الأرسيدي· الأرسيدي يحاول استرجاع ثقة سكان منطقة القبائل بانتقاد إيديولوجية الحركة الانفصالية كشف مناضلو الأرسيدي أن السبب الرئيسي الذي دفع حزبهم إلى تنظيم مسيرة متزامنة مع مسير الحركة الانفصالية، هو محاولة كسر مبادرة أتباع فرحات مهني، خصوصا وأن ''الماك'' نجح العام الماضي بتنظيم أكبر مسيرة شعبية بتيزي وزو، وهو حسبهم، الحدث الذي أقلق سعيد سعدي الذي أصر على أن لا يفوت فرصة 20 أفريل لهذه السنة وعدم ترك الساحة فارغة للانفصاليين· وأكثر من ذلك اعترف مناضلو الأرسيدي أن هدف حزبهم من تنظيم مسيرة اليوم هو السعي لاسترجاع ثقة سكان منطقة القبائل التي فقدها منذ سنة ,1999 وهذا بتنظيم اجتماعات بين المناضلين وإطارات الحزب، وكذا عقد تجمعات طلابية حيث انتقد فيها بشدة إيديولوجية حركة الحكم الذاتي وأعطى لها وجها قاتما، محاولة لجعل المواطنين ينفرون منها، فيما يريد إيصال رسالة للمواطنين اليوم عبر مسيرته يثبت وجوده في الساحة· حركة الحكم الذاتي تغيب سنة كاملة عن الساحة وتستغل الربيع الأمازيغي و''يناير'' للترويج لنفسها المتتبع للشأن السياسي في منطقة القبائل، يلاحظ أن حركة الحكم الذاتي التي تتزعم تمثيلها لسكان المنطقة، تغيب ولا تظهر على الساحة إلا مرتين في السنة، المناسبة الأولى هي رأس السنة الأمازيغية المعروفة ب ''يناير'' المصادف ل 12 جانفي من كل سنة، حيث يعمل مناضلوها على جمع بعض الطلبة والقيام بمسيرات كلها فاشلة، كون لم يسبق وأن تجاوز عدد المتظاهرين 100 شخص في المسيرة· أما المناسبة الثانية هي ذكرى الربيع الأمازيغي المصادف ل 20 أفريل من كل سنة، والتي تعتمد عليها حركة الحكم الذاتي بنسبة كبيرة نظرا للوزن السياسي والتاريخي والثقافي الثقيلة الذي يتمتع به هذا الحدث في قلوب ونفوس سكان المنطقة، حيث تنظم مسيرة يصح القول أنها طلابية وليست شعبية لأن أكثر من 90% من المتظاهرين من فئة الطلبة، وبعدها تغيب طيلة السنة لتعود في السنة المقبلة، وبعدها يقول زعماؤها إننا نريد فصل منطقة القبائل عن الجزائر، وهذا ما جعل هذه الحركات -حسب شهادات السكان- تفقد الثقة ولا تلقى أي اهتمام ولا احترام القبائليين· معظم مؤطري مسيرة 'MAK''' بتيزي وزو قدموا من فرنسا خصيصا للتأثير على معنويات سكان المنطقة علمت ''الجزائر نيوز'' من مصادر مقربة من بيت حركة الحكم الذاتي، أن معظم مؤطري ومنظمي مسيرة اليوم هم سكان منطقة القبائل الموالين لفرحات مهني الذين يعيشون في دول أوروبا على غرار فرنسا، إسبانيا، ألمانيا وإيطاليا، قدموا منذ عشرة أيام إلى تيزي وزو خصيصا لتأطير وتنظيم هذه المسيرة بهدف التأثير على السكان ورفع معنويات الشباب والطلبة الذين يؤيدون فكرة انفصال منطقة القبائل· وأضافت مصادرنا، أن هؤلاء يتواجدون منذ قدومهم إلى تيزي وزو بجامعة مولود معمري، حيث يحضرون لإنجاح مسيرتهم والسعي لتحدي الأرسيدي· حركة العروش تطبعها المصالح الشخصية وتفقد ثقة سكان منطقة القبائل ولم يبقى منها إلى تسمية ''العروش'' انقسمت حركة العروش منذ سنة 2004 إلى طرفين، جناح يسمى حركة العروش المحاورون الذي يتزعمه بلعيد عبريكا، وجناح يسمى حركة العروش غير المحاورين يفتقد إلى ممثل أو منسق رسمي، وكلا الجناحين فقدا كامل الثقة بين أوساط سكان منطقة القبائل، بعدما اكتشف المواطنون أن بعض الممثلين يستغلون الحركة لكسب مصالح شخصية· وأخطر من ذلك أصبح تبادل التهم بين الجناحين حاد ومستمر، وهذا الانقسام عمّق التصدع الذي أصاب الحركة والتي لم يبق منها حاليا إلا تسمية ''العروش''· فالطرف المحاور قرر في ذكرى الربيع الأمازيغي والربيع الأسود عقد تجمع في ساحة معطوب الوناس وسط مدينة تيزي وزو، ثم تنظيم مسيرة إلى مقر الولاية، والطرف غير المحاور قرر الاعتصام في الصباح الباكر أمام مقر الولاية، وهنا يظهر النزيف الحاد الذي تعانيه هذه الحركة التي أصبحت لا تمثل إلا نفسها· حركة الثقافة البربرية تختفي من الوجود وتكتفي بإصدار بيان ما هو ملاحظ في الحركة النضالية بمنطقة القبائل هو اختفاء حركة الثقافة البربرية '''M' عن الوجود، والتي لم يعد اسمها يردده المواطنون، بعدما كانت منذ أكثر من عشرية تعتبر اللسان الناطق والصوت الصريح والرسمي للمطالب الثقافية واللغة والهوية الأمازيغية، حيث انقسمت إلى ثلاثة أطراف، فالجناح الأول يمثله جمال زناتي أحد أبرز المناضلين السابقين بحزب الأفافاس، والجناح الثاني يمثله ولد علي الهادي الذي كان في حزب الأرسيدي قبل أن يعلن الطلاق ويلتحق بسراب الموالين للحكم، واستطاع والد علي الهادي أن يتمسك إلى يومنا هذا بمنصب منسق الحركة الثقافية البربرية· أما الجناح الثالث فيعتبر محاولة فاشلة من مناضلي حركة الحكم الذاتي لاسترجاع '''M'· وكل هذه الأطراف التزمت الصمت وغابت عن الساحة النضالية، ليقوم جناح ولد علي الهادي بالاكتفاء بإصدار بيان صحفي منذ أسبوع، محاولة محتشمة منه لإظهار وجود الحركة· الأفافاس يترك الساحة في20 أفريل ويتوعد بفضح الأرسيدي حركة الماك والعروش يعتبر حزب الأفافاس الوحيد الذي ترك الساحة في مناسبة 20 أفريل، وسطر برنامجا تمثل في عقد تجمعات كثيفة على مستوى مختلف جامعات كل من تيزي وزو والبويرة وبجاية وبومرداس، وتوعد كريم طابو حزب الأرسيدي وحركة الحكم الذاتي وحركة العروش بفضحهم، وبأدلة قاطعة عن استغلال هؤلاء الأطراف الربيع الأمازيغي لكسب مصالح شخصية بغض النظر عن المواطنين الأبرياء الذين سقطوا في 1980 و,2001 فيما فسر بعض المتتبعين للشأن السياسي بمنطقة القبائل غياب الأفافاس عن الساحة بمناسبة 20 أفريل بالخوف التعثر وعدم استقطاب مناضليه· الهادي لخضيري يعترف في شهاداته بممارسة التعذيب ضد المتظاهرين أصدر الكاتب والصحفي، أرزقي آيت العربي، كتابا جديدا تضمن شهادات ثلاثة من أبرز صناع القرار أثناء أحداث الربيع الأمازيغي لعام 1980 تحت تسمية أفريل ,80 ويتعلق الأمر بكل من المدير العام للأمن الوطني بين سنوات 1977 و1987 الهادي لخضيري، وكذا وزير التعليم العالي في تلك الفترة عبد الحق برارحي، بالإضافة إلى والي تيزي وزو عبد الحميد سيدي سعيد· مراد محامد لأول مرة في تاريخ الجزائر، وبعد ثلاثين سنة من أحداث الربيع الأمازيغي التي كانت بمثابة المنعرج المهم في تاريخ الحركة النضالية الوطنية، يخرج ثلاثة أبرز صانعي القرار في تلك الفترة، الذين عايشوا الأحداث التي هزت أركان الدولة الجزائرية ليدلوا لنا بشهاداتهم التي نقلها كتاب صادر عن منشورات ''كوكو''، ويتحدث هؤلاء بدون أية أحقاد أو ضغائن عن هذه الأحداث· ويعترف المدير العام للأمن الوطني في الفترة بين 1977 و1979 بممارسة التعذيب ضد عدد من الموقوفين والمتظاهرين، لكنه يشير إلى سعيه في تلك الفترة إلى فتح أبواب الحوار من الطلبة المتظاهرين واستقباله لمندوبي الطلبة بتيزي وزو، رفقة الوالي الأسبق للولاية عبد الحميد سيدي سعيد وكذا وزير التعليم العالي عبد الحق برارحي· ويؤكد المسؤول الأول على جهاز الأمن أنه كان ضد مسعى استعمال القوة واقتحام الإقامة الجامعية بزادي عيسي ليلة 20 أفريل، إلى أن جاءت الأوامر باقتحام الإقامة من طرف هيئة أمنية تضم قطاعات مختلفة· ولأول مرة يتحدث كتاب عن الأحداث بهذه الطريقة، وينقل شهادات أشخاص صنعوا الحدث، ويكشف عن خلية الأزمة التي كان يترأسها الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد والمتكونة من القائد العام للدرك الوطني ومسؤولي الأمن العسكري والأمن الوطني وعدد من الهيئات النظامية الأخرى كالاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنسق الأفالان ووزير العمل، كون أن عددا من القطاعات الصناعية بالمنطقة شلّ حركتها العمال الذين انضموا إلى المظاهرة، وهي اللجنة التي أمرت بتنفيذ الهجوم على المتظاهرين وإلقاء القبض على رؤوس المحتجين· ويتألف كتاب أرزقي آيت العربي من أربعة محاور· ففي المحور الأول فينقل شهادات خمسة من قياديي ومنشطي الحركة الاحتجاجية ل 20 أفريل وهم محند واعمر أوسالم، وهو مدرس، وعزيز تاري طالب في العلوم الدقيقة، وسعيد خليل ومولود لوناوسي، وهما طبيبان، بالإضافة إلى شهادة المغني فرحات مهني· أما المحور الثاني في الكتاب، فقد تطرق إلى شهادات جامعيين من كلية الجزائر، من بينهم سالم شاكر وإحسان القاضي ومزيان أوراد· وفيما يخص المحور الثالث، فيتطرق إلى نقل شهادات صناع القرار في تلك الفترة، الذين سبق ذكرهم· أما المحور الرابع، فينقل شهادات عدد من العمال التابعين لمختلف الوحدات الصناعية التي شاركت في المظاهرات· ماذا يعرف الشباب عن الربيع الأمازيغي··؟