ماذا بقي من المطلب الأمازيغي بعد ثلاثين سنة من أحداث ربيع 1980؟ قبل أيام قليلة سمعنا عن دراسة تتوقع انقراض بعض اللغات التي لم تنل حظها من التطوير، وتكون الأمازيغية ضمن هذه اللغات المهددة بالانقراض، وقد مر الخبر مرور الكرام، لم يلتفت إليه أحد، ولم يثر مخاوف المناضلين الذين حملوا هذا المطلب منذ عقود. بدأنا نتأكد اليوم أن بريق الأمازيغية كان مسحوقا سياسيا، فعندما انتهى عهد المتاجرة السياسية باللغة والثقافة ذهب كل إلى سبيله ينشد غايته، ويبحث عن مصالحه في شعارات أكثر بريقا، ولا نجد أي تبرير للوضع القائم حاليا، فالأمازيغية التي هي لغة وطنية بنص الدستور لا تجد من يقبل على دراستها خارج منطقة القبائل، وحتى في منطقة القبائل ذاتها لا أحد يهتم بدراستها والبحث في تاريخها، والاجتهاد من أجل تطويرها وجعلها قادرة على استيعاب علوم العصر وتقنياته. بعد عشرين سنة من التعددية في الجزائر لا نجد اليوم جريدة واحدة تصدر بالأمازيغية، والدفاع عن اللغة والتراث الأمازيغي يتم باللغة الفرنسية دون غيرها، وأرباب المال الذي يصدرون الجرائد بالفرنسية، والأحزاب التي تاجرت بالقضية، ليس من أولوياتها الدفاع عن الثقافة وتمكينها من تمثل قيم هذا الشعب وتاريخه، وهذه إشارة أخرى على أن الضيم الذي لحق بهذه الثقافة لم يأت من النظام السياسي الذي حكم البلد منذ الاستقلال فحسب، بل جاء أيضا من هذه النخب السياسية والإعلامية التي اتخذت من المطلب الأمازيغي مطية لبلوغ غايات سياسية لا علاقة لها بالنضال من أجل إثبات الذات والانتصار للهوية الوطنية ولأصالة هذا الشعب. لقد كانت الأمازيغية وقودا لحروب الساسة الذين تقلبوا بين السلطة والمعارضة لسنوات، وكانت كلمة السر التي جعلت الآلاف في منطقة القبائل ينخرطون في حركات احتجاجية لا نهاية لها، لكن لا أحد يسأل اليوم أين وصل هذا الجهد، لا شيء يستحق الذكر، أهل السياسة ينتظرون فرصة أخرى، وغدا ستصدر البيانات وترفع الشعارات ليعود الجميع إلى السبات العميق في انتظار عام قادم.