فمن المعروف أنه منذ طردت إسرائيل في السبعينات من القرن الماضي من الإتحاد الآسياوي لكرة القدم وانضمامها إلى الإتحاد الأوروبي وهي تضمر الشر للعرب والمسلمين في المحافل الكروية على وجه الخصوص، وها هي بطولة كأس العالم التي هي على الأبواب في جنوب إفريقيا 2010 وقد شهدت محاولات من كل الدول سواء الأوروبية أو الآسياوية أو الأمريكية أو الإفريقية من أجل إثبات الذات، ولا ننسى ما حدث في بطولة كأس العالم لعام 2006 والتي شهدت محاولات إسرائيلية محمومة من أجل إثبات الذات ولأنها كانت غير مشاركة في هذا المونديال فكرت في التواجد من وراء ستار إذ أعلنت محاربتها للمشاركة الإيرانية في المونديال وطالبت بطردها من ألمانيا وسعت لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية للتدخل لمنع إيران من المشاركة ولم تتأخر أمريكا في البحث عن وسيلة تحقق بها هدف إسرائيل حيث استغل الرئيس الأمريكي جورج بوش لقاءه مع المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل في واشنطن قبل انطلاق المونديال في تلك السنة ببضعة شهور في وقت كان فيه التراشق الإعلامي على أشده بين أمريكا وأوروبا وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، بسبب إصرار الأخيرة على تخصيب اليورانيوم رغم الرفض الأمريكي الأوروبي، وزاد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في تصريحاته في ذلك الوقت بأن أقحم منتخب بلاده المشارك في المونديال عند التقاهم للشد من آزرهم قبل السفر إلى برلين مطالبا إياهمهم بضرورة تحقيق إنجاز يضاهي ما حققه العلماء الإيرانيون في تخصيب اليورانيوم ووعدهم بحضور إحدى مبارياتهم، منتميا أن يحققوا ما سبق أن حققوه في مونديال 98 على حساب المنتخب الأمريكي ''الشيطان الأكبر'' كما وصفوه وقتها، وتسببت تصريحات نجاد في إرباك القائمين على أمر تنظيم المونديال وبلغ الحد أن صرح أحد المسؤولين بأن نجاد ليس من بين المدعوين لحفل الإفتتاح أو حضور مباريات البطولة العالمية، ولأن الموقف فرض نفسه في ذلك الوقت وأربك الحسابات، فرض نفسه أيضا على مباحثات بوش وميركل، لكن الثانية أكدت عدم قدرة بلادها على اتخاذ مثل هذا القرار لأنها مستضيفة للبطولة ولا تحدد المشاركين فيها· وألح بوش في طلبه فأخبرته ميركل أن الأمر بيد الفيفا وليس بيد أحد آخر، فطلب بوش من أحد مساعديه التعرف على رأي الفيفا الذي جاء حاسما بأنه لا دخل للسياسة في أمور الكرة، وأن أحدا على وجه الأرض لا يستطيع منع إيران من المشاركة، ساعتها خرجت ميركل من المأزق لكن بوش الذي كان قد اعتاد الصبر في معاركه الخاسرة أملا في التوصل إلى مكسب ولو إعلامي يرضي به إسرائيل راح يطلب من ميركل أن تمنع نجاد من دخول ألمانيا لكن ميركل إعتذرت عن تنفيذ طلب بوش بصورة مباشرة وهدأت من روعه بإعلانها أن بلادها لن تدعو نجاد ضمن الرؤساء والملوك المدعوين في حال إصراره على الحضور، فسيكون بصفة شخصية وليست رسمية وساعتها لن يسمح له بدخول حراسه معه، وهكذا يمنع من الدخول بطريقة هادئة بعيدا عن الدخول في متاهة لا تحمد عقباها قد تؤثر على العلاقات السياسية بين البلدين· ويبدو أن الإشارات والتلميحات التي استقاها الإيرانيون في ذلك الوقت من تصريحات ميركل وبوش وما تردد من هجوم إسرائيلي على المشاركة الإيرانية في ذلك الوقت· فقرر نجاد في ذلك الوقت ألا يذهب إلى ألمانيا وكان القرار صائبا إذ أن إسرائيل لم يشف غليلها عدم حضور نجاد للمباريات في ألمانيا فراحت تؤلب على المنتخب الإيراني الجماعات اليهودية في ألمانيا فخرجت التظاهرات في ذلك الوقت التي تعادي الإيرانيين وهو ما أثر بالسلب على عطاء الفريق الذي تشتت ذهن لاعبيه فخرج من الدور الأول بنقطة واحدة· ولأن الأحداث مرتبطة ببعضها البعض أبت إسرائيل إلا أن ينتهي دورها عند معاداة إيران لأنها لم تعتبر نفسها منتصرة في حملتها عليها فقررت أن تظهر علنا في المونديال لتخطف الأضواء بصورة أكبر من أي فريق شارك في المونديال ولأن المسؤولين الإسرائيلين لا يتركون شيئا للصدفة ولا يتركون الأمور تمضي دون أن يضعوا بصمتهم عليها أو يستفيدوا منها هداهم تفكيرهم إلى حيلة غير مسبوقة إستغلوا فيها سذاجة لاعب من أصل غاني محترف في نادي من نوادي إسرائيل، فقد اتفقوا مع اللاعب هذا والذي يسمى ''جون بانتسيل'' المحترف في صفوف نادي من نوادي تل أبيب أن يرفع العلم الإسرائيلي إذا ما سجلت غانا هدفا في أي مباراة لها في المونديال وجاءت المباراة الأولى أمام إيطاليا وجاءت المبارة الثانية أمام التشيك وهي التي شهدت مفاجأة بفوز غانا بهدفين وعقب كل هدف لغانا كان اللاعب بانتسيل ينفذ ما طلب منه حرفيا إذ يجري إلى خط التماس ويخرج من ''جوربه'' العلم الإسرائيلي ويرفعه للجماهير في لقطة توقف معها كل من شاهدها وارتسمت علامات الدهشة على وجوه كل من رأوها إلا الإسرائليون الذين هنأوا أنفسهم بنجاح مخططهم على يدي اللاعب الغاني الذي لم يكن يعي ويدرك ما يمكن أن يسببه تصرفه الأحمق لبلاده من حرج على الأقل، ولأن هذا اللاعب كان ينفذ حرفيا ما أوكل إليه ولم يكتف برفع العلم مرة واحة وإنما مرتين وسط ذهول الجميع إلا الإسرائيليين الذين حققوا ما أرادوا· ولم تكد المباراة تنتهي حتى انفجرت ثورة غضب عربية عارمة وتحركت عدة دول عربية وفي مقدمتها الجماهرية الليبية حيث استدعت آنذاك سفير غانا طلبا لتفسير ما حدث وكذلك فعلت جامعة عمر موسى وشعرت غانا بالحرج الشديد إزاء الواقعة وعقد وزير خارجية غانا مع سفراء مصر والسعودية وليبيا وفلسطين وسوريا وقدم الرجل إعتذاره عما ارتكبه ''بانتسيل'' ولم يكتف بذلك بل قامت الحكومة العانية بإصدار بيان إعتبرت فيه ما حدث عملا أحمقا وغير مسؤول وأن اللاعب لا علاقة له بالسياسة ولم يكن يعرف ما يمكن أن يجلبه ما فعله من حرج لبلده ووعدت غانا في ذلك الوقت والتي ترتبط بالعرب بعلاقات متميزة وهي ليست كذلك مع إسرائيل بعدم تكرار ما حدث وأرسلت غانا بيانها إلى الفيفا والدول العربية وفلسطين وجاءت المباراة الأخيرة لغانا في الدول الأول أمام الولاياتالمتحدةالأمريكية ورغم فوزها وبلوغها الدور الثاني إلا أنها فقدت تعاطف العرب ولم تجد من يشجعها منهم في مباراتها مع البرازيل التي إنتهت بهزيمتها بثلاثية نظيفة تسبب في أولها اللاعب بانتسيل نفسه لكن الغريب والمريب أن الفيفا الذي يحارب العنصرية ويرفض تدخل السياسة والدين والعرق في ملاعب الكرة وقفت الفيفا صامتة أمام ما فعله اللاعب الغاني وليتها اكتفت بالصمت بل راحت تتحدث عن أن ما حدث أمر عادي لا يستدعي اتخاذ أية عقوبات ضد اللاعب ومنتخب غانا ولا حتى مجرد التحذير أو التنبيه مما آثار حفيظة العرب والمسلمين ووضع علامات استفاهم عديدة حول الفيفا وتصرفاتها التي تكيل فيها بمكيالين· كما لا ننسى مواقف الفيفا المتناقضة في بداية المنافسة على استضافة مونديال 2010 والذي سيقام للمرة الأولى في القارة الإفريقية حيث كان السويسري جوزيف بلاتر رئيس الفيفا من أشد المؤيدين لجنوب إفريقيا في مواجهة أربعة بلدان عربية مرشحة وهي مصر ليبيا تونس المغرب، وأعلن صراحة أن صوته مع جنوب إفريقيا، كما أراد أن يعجز العرب بإصراره على أن يتضمن أي ملف عربي موافقة صريحة على استقبال إسرائيل إذا تأهلت إلى المونديال وهو ما رفضته ليبيا على وجه الخصوص باعتبارها الدولة الوحيدة من بين الدول الأربع التي لا ترتبط مع إسرائيل بأية إتفاقيات أو معاهدات أو اتصالات دبلوماسية على أي صعيد، وبالتالي إستبعد الملف الليبي باعتباره غير كامل ما عكس رائحة إسرائيل في شؤون الفيفا وتأثيرها الكبير على قراراته·