هناك مجانين كرة في هذا العالم، لكن يوجد من لا يعرف بعد أن كأسا للعالم تجري حاليا في جنوب إفريقيا، وقد قرأت في الصحف أن ممثلين عالميين قالوا من هوليوود أن فريق برشلونة هو الذي سيقوز بالكأس العالم ضد فريق الأنتر الإيطالي، لأنهم يعتقدون أن المباراة النهائية ستجري بين هذين الفريقين وليس بين منتخبات وطنية، أي منتخبات الدول، وهذا يؤكد أن لله في خلقه شؤون، بعض الخلق في واد والبعض الآخر في واد، ولكل امرئ هواه في العشق، حسب قول أحد الشعراء· وبالنسبة للبعض منا، انتهى المونديال بخروج المنتخب الجزائري من المنافسة، لكن بالنسبة للبعض الآخر المونديال لم ينته، وأنا من بين هؤلاء، فالمونديال سيدوم شهرا كاملا، وقد خرج ستة عشر فريقا من المنافسة، لكن بقي ستة عشر فريقا آخر يتنافس على اللقب، بينهم فرق مشهورةئ وأخرى مغمورة، مثل كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدةالأمريكية، مغمورة في كرة القدم طبعا وليس في العلم والاقتصاد والتكنولوجيا· وقد تأسفت لخروج الفريق الجزائري من الدورة، لكن العالم بالنسبة إلي لم ينته، ففي كرة القدم، مثل الحياة نفسها، هناك دائما منتصر ومنهزم، والمنتصر والمنهزم، كلاهما حزء صغير من عالم كرة القدم، مثل شعرة المرفق المشهورة التي تكلم عنها الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي، لهذا لم أندهش ولم أكتئب بسبب خروج الفريق الجزائري من المونديال، وكل ما في الأمر أنني تأسفت وتوترت بعض الشيء، لأن المنهزم من بلدي وليس لأنني مهووس بالمنتخب، فأنا في الحقيقة من أنصار الأرجنتين منذ كنت صبيا، ولو لم أكن جزائريا لما ناصرت أبدا الفريق الجزائري، وإنما فريقا أخر هو الأرجنتين، وهو فريق ممتع ويدربه مدرب ممتع ويلعب له لاعبون مبدعون سابقا وحاليا وبالتأكيد لاحقا· وبالنسبة للنوادي، كنت ومازلت مناصرا لفريق برشلونة الإسباني، فهو يضم لاعبين مهرة مثل ليونال ميسي، أحسن لاعب في العالم، وضم في السابق لاعبين كبار مثل كرويف ومارادونا ورونالدو ورونالدينيو وروبرتو كارلوس وغيرهم· وبالنسبة للمنتخبات، فأنا -مثلما قلت من قبل- فمن أنصار الأرجنتين، فهو في نظري أحسن من البرازيل، من ألمانيا وإسبانيا، ربما بسبب وجود مارادونا فيه، لاعبا أو مدربا، أو وجود ميسي، اللاعب الصغير الذي أصبح رمزا للأرجنتين· كنت أخشى، كلما اقترب المونديال أن تلتقي الأرجنتين مع الجزائر، وكنت أقول في قرارة نفسي ''إذا حدث ذلك فسأشجع بلادي''، ففي نهاية المطاف الأرجنتين هي الأرجنتين والجزائر هي الجزائر، وكرة القدم تبقى كرة قدم، سواء تغير الزمن أو بقي على حاله، لكن الحمد لله لم يلتق الفريقان ولم أقع في الحرج الذي تخوفت منه، على حدئ التعبير الرائع للملعب والصديق اللذيذ الطاهر بن عيشة· والحقيقة أنني أجد الأرجنتين أحسن فريق في المونديال، فهو لم ينهزم لحد الآن، ومارادونا هو أحسن مدرب على الأقل بسبب جرأته وقدرته على المواجهة· وقد أعجبت به عندما انتقد اللاعب الأسطورة بيلي وطلب منه الذهاب إلى المتحف، وانتقاده الشديد للاعب ميشال بلاتيني وجوزيف بلاتير، الذي حرمه من حضور قرعة المونديل في جنوب إفريقيا·