لم يكن مونديال 2010 مجرد مناسبة رياضية تقتصر على تصفيات لأحسن منتخبات كرة القدم في العالم من أجل اختيار أجدر فريق في المعمورة يستحق رفع كأس العالم عاليا ويرفرف بشموخ بعلمه في سماء نجومية المستديرة، بل كان مونديال جنوب إفريقيا ملعبا يتبارى فيه السياسيون والنجوم والفنانون العالميون من خلال التسابق نحو التواجد بين مقاعد المناصرين، أو الإدلاء بالتصريحات الخاصة بالرياضة، إلى جانب سعي هذه الشخصيات السياسية والفنية لجلب الأنظار من خلال الرهانات والوعود الغريبة التي يرتبط تحقيقها بفوز الفريق الذي يشجعونه· عندما تكتسي الرياضة حلة سياسية حضور الوجوه السياسية في هذا المونديال كان مميزا، وقد أعطى للمونديال صبغة سياسية، كما أعطى للرياضة صبغة سياسية، فقد استحوذت بطولة كأس العالم المقامة حاليا بجنوب إفريقيا على اهتمام وعقول الرؤساء والحكام في مختلف أركان المعمورة، وشاهد العالم كيف انشغل رؤساء الدول بالبطولة، وكيف أن اجتماع دول ''الثمانية'' وبعده اجتماع ''العشرين'' بكندا سيطر عليه مونديال جنوب إفريقيا، لدرجة أن البعض رتب مواعيده حسب المباريات· وقد ظهرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رفقة رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون في مشهد نادر يتابعون مجريات فوز منتخب ألمانيا العريض على نظيره الإنجليزي في تصفيات دوري الثمانية في كأس العالم بجنوب إفريقيا 2010، خلال قمة مجموعة العشرين في تورنتو الكندية، والتي ركزت على تعزيز الانتعاش الاقتصادي العالمي الهش، حيث تابعت ميركل المباراة بعدما تغيبت وكاميرون عن مجموعة من الاجتماعات على هامش قمة الدول العشرين، وتمكنت ميركل من إنجاز اتفاق يقضي بخفض الدول المتقدمة في مجموعة العشرين إلى النصف، نسبة عجز موازناتها إلى إجمالي ناتجها الداخلي بحلول 2013، وهي معروفة بدعمها للرياضة ووقوفها خلف المنتخب الألماني في مناسبات عديدة· ودفعت بطولة كأس العالم الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، للخروج من أحد الاجتماعات ليرسل برقية تهنئة للمنتخب الأمريكي بعد تأهله للدور الثاني، وتحدث مع مدرب الفريق هاتفيا، قبل أن يبدي حزنه الشديد على خروج منتخب بلاده أمام غانا في دور الستة عشر، وقد كان أوباما المثقل بهموم بلاده الاقتصادية وعبء الديون المتراكمة، ظهر في مجموعة من الصور يتابع بشغف مجريات اللقاء، وتحدثت وسائل إعلامية عن رهانه بصندوق من زجاجات البيرة مع رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون، كل على منتخب بلاده بالتأهل لدوري نصف النهائي· كما ظهر الرئيس الأمريكي السابق، بيل كلينتون، في مدرجات ملاعب جنوب إفريقيا رفقة سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم في مدرجات ملاعب جنوب إفريقيا وقد بدا عليه الحماس لحد الهتاف والتصفيق تفاعلاُ مع أداء المنتخب مساندا لمنتخب بلاده· وقد أعلن الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، استياءه وغضبه الشديدين من المستوى الذي ظهر عليه منتخب ''الديكة'' الفرنسية في مونديال 2010، واستقباله لقائد المنتخب تيري هنري ليعرف منه أسباب ما حدث، وهو ما دفع ''الفيفا'' لإبداء تخوفه وعدم رضاه عما حدث في فرنسا واعتبر الأمر تدخلا حكوميا غير مقبول· وكانت وزيرة الرياضة الفرنسية، روزلين باشلو، وصفت لاعبي المنتخب الفرنسي بأنهم ''أساءوا لصورة فرنسا''· ورأت أن كرة القدم الفرنسية تواجه ''كارثة أخلاقية''، موضحة بعد اجتماع مع ''الزرق''، ''قلت للاعبين إنهم ربما لم يعودوا أبطال أبنائنا وإن ما حطمتموه هو حلم شركاءكم وأصدقاءكم ومشجعيكم''، مؤكدة أنهم ''شوّهوا صورة فرنسا''· وقد نسي الرئيس الغاني، جون إيفانز أتا ميلز، نفسه أمام السحر والغموض والفرحة التي تحققها كرة القدم، حيث هبط لغرفة ملابس منتخب بلاده عقب الفوز على أمريكا في دور الستة عشر ليبلغهم تهنئته بنفسه ويعيش لحظات الفرح مع لاعبيه، وقال إنه صلى من أجل فوز فريقه قبل لقاء أمريكا، وأكد الرئيس الأمريكي أوباما أنه أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره الغاني واتفقا على تبادل القمصان في أول مقابلة تجمع بينهما· كما وضعت السياسة بصمتها على المونديال، وقد وضع رجال السياسة في نيجيريا حدا لإخفاق منتخبهم في المونديال عبر إيقافه عن المشاركة الخارجية لمدة عامين· نجوم في ملاعب جنوب إفريقيا وإلى جانب حضور رجال السياسة في المونديال، كان الحضور قويا كذلك من خلال تواجد العديد من الوجوه الهوليوودية بجنوب إفريقيا لمشاهدة مباريات فرقهم الوطنية أو منتخباتهم المفضلة في هذه المنافسات العالمية من كأس العالم، حيث كان ''مايك جيغر'' نجم الروك الإنجليزي حاضرا لتشجيع منتخبه، كما كانت نجمة هوليوود الممثلة الحسناء شارليز تيرون، التي ولدت في جنوب إفريقيا، كذلك من خلال منافسات كأس العالم بعد أن شاركت في سحب قرعة نهائيات هذه المنافسة إلى جانب نجم كرة القدم ديفيد بكهام والبطل الأولمبي العداء الإثيوبي هايله غيبرسيلاسي· كما كانت نجمة المجتمع الأمريكي ''باريس هيلتون'' متواجدة أيضا بجنوب إفريقيا، وقد ظهرت إلى الأضواء مع قضية احتجازها بتهمة حيازتها للمخدرات. وعود غريبة وتصريحات أغرب قبل وبعد المونديال كثرت الوعود والتصريحات الخاصة بالنجوم العالميين خلال مونديال 2010، حيث قطعت عارضة الأزياء الباراغويانية الشهيرة ''لاريسيا ريكلمي'' على نفسها عهدا بالجري عارية في شوارع بلادها لو نجحت باراغواي في الفوز بمونديال كأس العالم 2010 المقامة حاليا في جنوب إفريقيا، تأتي تلك التصريحات من عارضة باراغواي بعدما نجح منتخب بلادها في الصعود لدور الثمانية على حساب اليابان بضربات الجزاء الترجيحية، بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي· وليس هذا الوعد هو الأول الذي يقطعه شخص على نفسه في المونديال، بل سبقها أسطورة كرة القدم الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا مدرب التانغو بأنه سيسير عاريا في شوارع بيونس أيرس لو فازت الأرجنتين بمونديال جنوب إفريقيا· وقد أدلى بعض نجوم هوليوود بتصريحات قبل المونديال تدل على ثقافتهم المحدودة في كرة القدم، وقد قال الموسيقي والممثل الشهير ''زاك إرفون'' أنه لا يستطيع الانتظار ليرى منتخب أمريكا يلعب مباراته الأولى في المونديال أمام مانشستر يونايتد، وطبعا منتخب الولاياتالمتحدة كان يلاقي إنجلترا، أما الممثل الأمريكي ''جاسون سيغال'' فإنه يطلق على منتخب إنجلترا اسم المملكة المتحدة، كذلك لا يعرف مواعيد بطولات كأس العالم حين قال: لقد بكى صديقي البريطاني العزيز عندما خرجت المملكة المتحدة من كأس العالم قبل (خمس) سنوات، علما أن المملكة المتحدة تتكون من إنجلترا وويلز واستكلندا وإيرلندا الشمالية، كما نجد تصريح مهم لنجم هوليوود الصيني الأصل جاكي شان حول كأس العالم عندما قال: بصراحة أرشح أن يلعب برشلونة مع ميلان في نهائي هذا المونديال، وقد نفت النجمة السينمائية ''إيفا مانديز'' علمها بأي شيء عن البطولة المذكورة، وكذلك لم تختلف عنها كثيرا المطربة والممثلة ''فانيسا هودغينز'' التي أكدت أنها لا تعلم أيضا إن كانت البطولة ستقام هذه السنة أم لا، لكن المغني الأمريكي الشهير ''سنوب دوغ'' كان أكثر علما من غيره عندما رشح البرازيل لكسب كأس العالم في جنوب إفريقيا· وقد جاء الممثل الأمريكي الحائز على جائزة الأوسكار مرتين ''توم هانكس'' ليعلن بأنه سجل مواعيد كل مباريات المونديال على أجندة أعماله، وأضاف هانكس ''كأمريكي أعتقد أنني استثناء بالنسبة لبلادي لأنني أحب رياضة قد تنتهي بالتعادل السلبي بين الفريقين''، ويضيف ''ولكنني أتابع العالم من حولي''، في إشارة ساخرة إلى أن غالبية الشعب الأمريكي نادرا ما يتابع ما يحدث خارج نطاق بلاده، وانضم النجم ''براد بيت'' إلى ولع هانكس بكرة القدم، مؤكدا أنه يؤيد قيام الولاياتالمتحدة بالترشح لاستضافة مونديال 2018 أو 2022 ويبرز أن كرة القدم ''رياضة عالمية بحق'' وإقامة المونديال فيها سيسهم في تحسين صورتها أمام العالم·