صنع الجمهور الجزائري، الذي توافد إلى ملعب “بلاي موبيل فورث“ بألمانيا، الحدث عشية أمس الأول بمناسبة مباراة المنتخب الوطني الودية أمام شقيقه الإماراتي، ليس فقط بوقوفه وراء “ الخضر“ كرجل واحد وتشجيعاته المتواصلة لزملاء زياني، رغم أن الأمر لا يتعدى مجرّد لقاء تحضيري ل “المونديال“، وإنما بصور التضامن الواسع مع سكان غزة ورفع العلم الفلسطيني الذي رفرف عاليا في سماء ألمانيا وهذا ما أثر كثيرا في الإخوة في فلسطين الذين تابعوا ما حدث باهتمام بالغ، وتحوّلت تلك الصور إلى مادة دسمة تناولتها مختلف المواقع العربية ووسائل الإعلام الفلسطينية، التي أكدت أن فرحة الجزائريين بعودة منتخبهم إلى “المونديال“ بعد أكثر من 24 سنة من الغياب لم تنسهم معاناة أشقائهم في عزة وكل الأراضي المحتلة، وأكدوا للمرّة الألف أنهم يبادلونهم المشاعر والأحاسيس نفسها. هكذا كانت بدايات تضامن المنتخب الجزائري مع الفلسطينيين أكد موقع “فلسطين ڤوول”، أمس، أنه ليس من الغرابة على الجزائريين أن يعبّروا في كل مرّة تتاح لهم الفرصة عن تضامنهم التام واللامشروط مع إخوانهم في الأراضي المحتلة، وأكد أن تضامن الرياضيين وخاصة المنتخب الجزائري لكرة القدم تجلّت في أكثر من مناسبة، وكانت بداياتها منذ سنة 1958 في خضم حرب التحرير الشعبية، التي قدّم الجزائريون على مذبحها أكثر من مليون ونصف من الشهداء ... حيث كان خيرة نجوم الجزائر يشاركون في تجمّع للمنتخب الفرنسي، استعدادا لمونديال السويد 1958 .وفجأة لبّى هؤلاء نداء جبهة التحرير الوطني، وتجمعوا سرّا في تونس تحت قيادة المدرب مختار عريبي- رحمه الله- وانطلقوا إلى ملاعب العالم رافعين لواء الحق الجزائري، ومحققين انتصارات على أفضل المنتخبات، من الصين شرقا إلى المغرب غربا، مرورا بفلسطين، التي تحدّث عنها الصحفي الفلسطيني سليم حمدان، واستعاد ذكريات لقاء منتخب جبهة التحرير الجزائري في القدس ونابلس، وتحقيقه انتصارات عريضة على المنتخب الأردني . ويومها تعرّف الفلسطينيون على مهارات نجوم الجزائر، واعترف نجم المنتخب الأردني من أصل فلسطيني أبو العوض استفادة نجوم الأردن وفلسطين من مهارات نجوم الجزائر، وخاصة لاعب “سانت اتيان“ رشيد مخلوفي، الذي يعتبره البعض من أفضل نجوم الكرة عبر التاريخ. الذين انقسموا بين مصر والجزائر في “أم درمان“ كلّهم جزائريون الآن كما عاد موقع “فلسطين ڤوول” للحديث عن موقف الشعب الفلسطيني الذي لم يكن ثابتا بمناسبة المباراة الفاصلة بين مصر والجزائر في “أم درمان“ يوم 18 نوفمبر المشهود، حيث أكد أن الفلسطينيين الذين انقسموا يومها بين مؤيّد لمصر ومناصر لأشبال المدرب الوطني رابح سعدان هم الآن على قلب رجل واحد يلاحقون “الخضر“ في جنوب إفريقيا بالدعاء والأماني، في “مونديال“ مشرّف للكرة العربية والجزائرية على وجه الخصوص. وقد كتب الموقع في هذا السياق قائلا: “نعم، كان الفلسطينيون منقسمين خلال التصفيات، وبعضهم تأثر بمواقف متشنجة صاحبت الاعتداء على حافلة “الخضر“ في القاهرة، وما قيل عن أحداث غير رياضية في أم درمان ... ولكن بعد تأهل الجزائر، نسي الفلسطينيون كل شيء، وأصبحوا ملتفين حول ممثلي العرب الوحيدين في “مونديال“ الأبناء، رافعين الأيدي إلى السماء بالدعاء لمحاربي الصحراء، كي يحفظهم الله، ويسدّد خطاهم أمام الإنجليز والأمركان والسلوفان”. هدف واحد، موقف موحّد ومشاعر مشتركة وتابع الموقع الفلسطيني: “بالعاطفة يشجّع الفلسطينيون منتخب الجزائر، وتتأجج المشاعر عندما يشاهد العلم الفلسطيني مرفوعا إلى جانب العلم الجزائري، ويزداد التصفيق لسليلي حرب التحرير الشعبية، على إيقاع الأهازيج الوطنية التي يردّدها الجمهور الجزائري “ “فلسطين الشهداء” و“جيش شعب ... معاك يا فلسطين“ وغيرها من الشعارات التي تؤكد أن الجزائريين الذين جربوا “الحڤرة” من الدخيل الفرنسي أكثر قدرة على فهم معاناة حماة القدس تحت حرب الاحتلال الإسرائيلي! لم تتأهل فلسطين إلى “المونديال“ منذ إقصائها سنة 1934 أمام منتخب مصر، وسنة 1938 أمام اليونان، ولكن الفلسطيني الحرّ يشعر أنه حاضر في المونديال، ليس فقط من خلال المنتخب العالمي الذي يشجّعه (البرازيل أو الأرجنتين أو إسبانيا)، ولكن من خلال المنتخب الجزائري الأخضر الذي يحمل الهمّ الفلسطيني إلى ملاعب “المونديال“، تماما كما فعل الطليان في “مونديال“ 1982 عندما أهدوا كأس العالم لمكتب المنظمة في روما لمدة أسبوع، تضامنا مع شعب فلسطين، وثواره المحاصرين في بيروت بقيادة أبو عمار . “الخضر“ يُريدونتشريف فلسطين “نعم ستكون فلسطين حاضرة في المونديال، أيا كانت نتائج المنتخب الجزائري، لأن مدرب الجزائر الشيخ رابح سعدان، أعلنها صراحة كما صرّح المعلق حفيظ دراجي، بأن لاعبي الجزائر يريدون التألق في “المونديال“ لتخفيف المعاناة عن شعب فلسطين، وخاصة عن المحاصرين في غزة .نعم ستكون فلسطين حاضرة في المونديال، لأن العشرة آلاف متفرّج جزائري، الذين سيقلعون باتجاه الجنوب الإفريقي سيحملون معهم آلاف الأعلام الفلسطينية، وسيحملون معهم علما فلسطينيا لعله الأكبر، شارك في نسجه آلاف الجزائريين والجزائريات، ممن يؤكدون يوما بعد يوم بأن فلسطين لن تكون وحدها، وبأن انتصار استقلال الجزائر سيبقى منقوصا حتى تستقلّ فلسطين، كما قال الرئيس الراحل هواري بومدين قبل رحيله “راهنوا على محاربي الصحراء“ وفي الأخير، أكد كاتب المقال على موقع “فلسطين ڤوول“ أن بعض الفسلطنيين حزنوا كثيرا بعدما شاهدوا المستوى المتواضع ل “الخضر“ في مبارياتهم الودية، ومع ذلك فقد طالب الفسلطنيين بالبقاء وراء الجزائر سواء كانت ظالمة أو مظلومة وكتب في هذا السياق قائلا: “أعرف أن بعض الفلسطينيين لا يراهنون على منتخب الجزائر، بعد الأداء الودي الباهت أمام صربيا وإيرلندا، وبالنظر للمواجهات الصعبة مع الإنجليز والأمريكان والسلوفينيين ... ولكن من يعرفون الجزائر جيدا يعلمون بأن المستحيل كلام غير وارد في قواميس أمّ الشهداء، ويدركون أن منتخب الجزائر قادر على خلط الأوراق، والذهاب بعيدا في هذا المونديال، لأن من يعمل لتشريف بلاده، وإظهار الحق الفلسطيني سيكون مشحونا بمعنويات يصعب أن تقهر... وقد قال لي المدرب الجزائري المعروف عبد الحميد كرمالي يوما: أن مشاهدة العلم الجزائري يرفرف في المدرجات كفيل بشحن لاعبي الجزائر بشكل لا يوصف ... فكيف إذا كان العلم الفلسطيني خفاقا إلى جانب العلم الجزائري” ؟!