تتواصل فعاليات الطبعة الخامسة للمهرجان الثقافي العربي الإفريقي للرقص الفلكلوري بولاية تيزي وزو تحت وقع رقصات وموسيقى تراثية أصيلة، وصنعت أربعة فرق مشاركة في اليوم الثالث مشاهد مثيرة أمتعت الجمهور القبائلي وجعلته يكتشف تراث ثلاثة بلدان مشاركة، وهي غينيا ومالي والأردن· عرف اليوم الثالث من هذا المهرجان الذي تجري فعالياته بدار الثقافة مولود معمر بتيزي وزو غياب الفرق الوطنية، وحضور إفريقي وعربي وفرنسي، حيث استهلت هذه الأمسية الفنية فرقة ''بابمبا'' من مالي، التي قدمت ثلاث رقصات مستوحاة من التراث المالي العريق تحت وقع الطبول الإفريقية والموسيقى التي حوّلت قاعة الحفلات إلى إحدى مواقع الأدغال الإفريقية، فالرقصة الأولى تسمى ''رقصة العصفور''، التي مزجت بين الحقيقة والخيال، تنقل قصة تراثية مقدسة بمالي، وتحكي قصة ظهور عصفور مرة واحدة في السنة في إحدى أهم مواقع أدغال مالي، الذي يدرك ويقرأ المستقبل، ويعلم الناس بالمستقبل وكل ما يجري طوال السنة الجديدة من بدايتها إلى نهايتها، وينتظره سكان القبائل المالية بفارغ الصبر ليوافيهم بجديد بلادهم ويطمحون منه أن ينقل لهم أخبارا سارة لبلادهم على غرار تحقيق بلادهم للسلم والأمن ووقف الحروب الأهلية والتمرد، ويقومون ببعض الطقوس والطلاسم التي يتفاءلون بها خيرا· وعرضت فرقة بابمبا رقصة ''الختان'' التي تظهر من خلالها الطريقة القبلية والتقليدية لختان الأطفال في مالي بالاعتماد على بعض الطقوس المحلية، والرقصة الأخيرة تسمى ''رقصة الزواج'' وتتمثل في إظهار الطريقة التراثية التي تقام بها الأعراس في مالي، وقد قامت هذه الفرقة بعرض هذه الرقصات بأداء عدة أغاني محلية مستوحاة من التراث المالي تحت وقع الآلات الإيقاعية الإفريقية على غرار آلة التماني، البوتي، الكوني، الجامبي، الكورا·.· وغيرها، وانسجمت هذه الرقصات مع الغناء والسحر والكوميديا لتصنع لوحة فنية في غاية الجمال· الجزء الثاني من هذه الأمسية وقعتها فرقة البادية الأردنية للفنون الشعبية التي قدمت رقصات ميزتها الحركة الدقيقة وتحقيق التوازن بين الحركة الجسدية والروحية مع الأداء الغنائي والموسيقي، وعرضت هذه الفرقة رقصة ''العروس'' التي تنقل من خلالها تقاليد الأردن في قيام الأعراس، وخصوصا الطريقة التراثية بوضع الحنة للعروسين، وبعدها لبس العريس المجوهرات لعروسته والخروج إلى الحارة أو الشارع والمشي في الأمام وورائهما جمع غفير من السكان من الجنسين ومن كل الفئات، يرددون أغانٍ تراثية خاصة بالأعراس ترافقها التصفيقات وزغاريد النساء، وقد استطاع أعضاء هذه الفرقة أن يلهبوا الجمهور القبائلي بعدما قاموا بالنزول من الركح والتوجه إلى الجمهور، حيث كان الزوجان في الأمام والبقية في الوراء، حاملين العلمين الجزائري والأردني، وزادت الصورة جمالا عندما طالب أعضاء هذه الفرقة من العديد من الحاضرين من جزائريين وأفارقة وعرب وفرنسيين الصعود إلى الركح للرقص معا، محققة بذلك مغزى وأهداف المهرجان المتمثلة في التبادل الثقافي بين البلدان العربية والإفريقية· وقد ختمت هذه الأمسية الفنية المجموعة الموسيقية والفرقة الصوتية الوطنية الغينية التي نجحت في نقل الصورة الحقيقة للفلكلور الغيني، حيث أدت عدة عروض راقصة امتزجت بين الحداثة والتقليد، وقدمت عدة أغاني تدعو إلى الوحدة الإفريقية ووقف كل أنواع العنف والتقتيل والأزمات الداخلية التي تحدث في بلدان إفريقية، وقد استخدمت هذه الفرقة آلات موسيقية إفريقية وأخرى محلية على غرار البالافون، لاكوا، البولون، التوني، الكوندي، طوندوندون، الجامبي، التامي، البوتي، البالا، الكارغان، الدوندومبا، الكوني... وغيرها من الآلات الإيقاعية الإفريقية. وتميزت هذه الفرقة على بقية الفرق الإفريقية بالتنوع الموسيقي متجاوزة كل الحواجز الثقافة واللغوية، وجعلت من هذا التنوع مصدرا للثراء والإبداع الفني الإفريقي·