غبت عن الساحة الفنية المحلية لأنني تعرّضت للتهميش في حوار أجرته معه ''الجزائر نيوز'' على هامش أول مشاركة له في مهرجان جميلة العربي، فتح الفنان عبدو درياسة، قلبه للجريدة، وبقدر ما يحمل فيه من أسرار وقضايا لم تعد له القدرة على حملها، نجل صاحب أغنية ''نجمة قطبية'' قال بأنه تعرّض للتهميش، ولذلك لم يظهر كثيرا أمام الجمهور الجزائري خاصة في المهرجانات، وأنه خسر الكثير لما ولج عالم التمثيل، ويا ريت لم يفكر فيه، وأنه تعرّض لظلم كبير من قبل شركات الإنتاج المشرقية خاصة قناة ''روتانا''، وأنه شُتم وتعرّض للسب من قبل العديد من الفنانين المصريين الذين كانت تجمعه بهم صداقة حميمية بعد موقعة أم درمان، كما تطرق في إجابته على الأسئلة المطروحة للعديد من القضايا تابعوا··· هي أول مشاركة لك في مهرجان جميلة، وقد جاءت جد متأخرة، لماذا؟ صحيح، لكن ما حصل ليس بيدي، أكيد لو وجهت لي الدعوة من قبل لما تخلّفت عن الحضور والوقوف أمام الجمهور الجزائري الذي أحبه كثيرا وتمنيت منذ زمن الالتقاء به لتحسين صورتي أمامه، وهو الذي كوّن عني فكرة خاطئة بعد أول دور تمثيلي لي في مسلسل ''فلة والبريء''. هل لك أن توضح أكثر؟ أول دور تمثيلي لعبته لم يكن فأل خير عليّ لأنني فقدت ثقة جمهوري فيّ، وذلك لأن الدور الذي لعبته كان يمثل شخصا يعتبر مثال سيء في مجتمعنا الجزائري، وهي الفكرة التي حملها عني الجمهور الجزائري، حيث أنني لما التقيت بالكثيرين منهم عابوا عليّ ما قمت به، وقال لي بعضهم إني ''طحت من عينيهم'' لأنهم لم يكونوا يعتقدون بأنني هكذا، وهذه فكرة خاطئة أريد أن أوضحها أولا، لأن ما لعبته في الدور لم يكن سوى تمثيل، أما أن يعاقبني الجمهور عليه في الواقع، فهذا أمر مرفوض لأنني لست من تلك الطينة، وأنتمي لعائلة كل الجزائر تعرف تاريخها. وهل كان هذا هو سبب غيابك عن الساحة الفنية؟ أكيد لا، لكن الفرصة المناسبة والظروف هي التي جعلتني أغيب قليلا عن الساحة، لكن لديّ العديد من المشاريع أنتظر الوقت فقط المناسب لإطلاقها، من بينها عمل سيجمعني بالنجمة الشرقية أصالة، ومن المفترض أن نقوم بتصوير العمل في تركيا، وقد تأخر هذا العمل كثيرا لأنني رفضت التسجيل لدى شركات الإنتاج المصرية، التي قاطعتها ولن أتعامل معها أبدا بالرغم من أن ذلك تسبب لي في خسارة كبيرة وضيّعت الكثير من الوقت. وما سبب هذه المقاطعة؟ بكل بساطة لأنني جزائري يغير على بلده وعلى أبناء وطنه، وما حصل ليس بالشيء السهل، ولن تمحيه السنون، لأن من يعتدي على شهدائنا لا يمكن أن نغفر له غلطته، وأن أتعامل مع شركات الإنتاج المصرية هو ما لن يكون مستقبلا بالرغم من أن جميع الفنانين الذين أعمل معهم تربطهم عقود بهذه الشركات، وأنا كجزائري حرّ أفضّل الانتظار على التعامل مع أشخاص يعتقدون أنه لولاهم نحن لا نسوى أي شيء، وهي الفكرة التي أريد أن أصححها. وكيف هي علاقتك مع الفنانين المصريين ممن كانت تجمعك بهم روابط الصداقة؟ للأسف، لقد انخدعت في الكثيرين منهم، حيث أنه وبمجرد انتهاء موقعة أم درمان حتى تهاطلت عليّ المكالمات من عدة فنانين مصريين، وفيها شتموني وتعدوا عليّ بكلمات لا تعكس تماما المستوى الذي يحاولون إقناع العالم بأنهم بلغوه. ومن جهتي، لقد اندهشت لأنني لم أكن أتوقع حصول مثل هذه الأمور، حيث لو كنت مكانهم لاتصلت لأهنئهم، أما أن أشتمهم فهذا ما لن أقدم عليه، لأننا شعب له كرامته ويعرف جيدا الأعراف . ومن هم هؤلاء الفنانون؟ أنا لن أنزل إلى مستواهم، ولن أذكر أسماءهم، لكن ما يمكن أن أقوله أن غالبيتهم فنانين مشهورين. بعد مقاطعتك لشركات الإنتاج المصرية، ألم تفكر في التعامل مع شركات جزائرية؟ للأسف، نحن ليس لدينا صناعة فن في الجزائر، وهو المشكل الذي جعل الكثير من الفنانين الجزائريين يتعاملون مع شركات الإنتاج المشرقية أو الغربية، لأن التسجيل في الجزائر يعني الخسارة المضمونة أولا، لأن السوق تشهد فوضى وما يباع فيها أصبح يقتصر على إصدارات الملاهي، في حين لم يعد للأغنية الهادفة والكلمة النظيفة مكان يضافو لذلك غيّبت الرقابة، فبمجرد إصدار الألبوم حتى تجده يباع على قارعة الطرقات بفرنكات قليلة بسبب القرصنة التي انتشرت بشكل رهيب وأثرت على الساحة الفنية والفنان على حد سواء في الجزائر. مقارنة بالدول الشرقية، أين تصنف الفنان الجزائري في ظل الظروف التي يعيشها في الجزائر؟ في الدرك الأسفل من الحضيض والتقهقر، لأن الفنان الجزائري هو الوحيد الذي لا يملك قانونا خاصا به يحميه ويضمن له حقوقه، والوضع الراهن لا يمكن أن نحمّل مسؤوليته للجهات الوصية فقط، بل الفنانين كذلك ساهموا فيه، لأنهم يرفضون التعاون فيما بينهم وكل واحد منهم يبحث عن مصلحته الشخصية. ومن جهتي، لقد أسست جمعية أسميتها ''sos الفنانين''، لكن لا أحد تضامن معي وعليه فما نعيشه كفانين نحن المسؤولون عنه لأننا لا نريد تغييره. هناك من يقول إن رحيل حمراوي عن التلفزيون كان السبب في غياب عبدو عن الشاشة الصغيرة، ما رأيك؟ ليس إلى هذا الحد، لأن التلفزيون لا يقوم على شخص واحد، لكن صراحة حمراوي حبيب شوقي لم يكن بالنسبة لي مجرد شخص تجمعني به علاقات عمل، بل كان من أعز أصدقائي، ولا أنكر أنه قدم لي الكثير وساعدني كثيرا ليس على مستوى التلفزيون فقط بل على أصعدة أخرى، وأشكره كثيرا على ذلك. أما عن سبب عدم ظهوري في الوقت الحالي على الشاشة، فربما لأن الظروف غير مناسبة فقط، لكن أكيد لو توجه لي الدعوة فلن أتخلف عن الحضور. بعيدا عنك، كيف هي أحوال والدك؟ هو بخير، لكنه جد متحسر على الوضع الذي أصبحت تعرفه الساحة الفنية في الجزائر من تقهقر وضعف في المستوى، ودائما عندما يحدثني يقول لو كان الأمر بيده أو بيد أحد من ممن صنعوا مجد الأغنية الجزائرية لما آلت الأمور لما هي عليه الآن، ودائما يقول لي بأن الحل يكمن في التوحد ولمّ الشمل من جديد. وماذا عن المشكل الذي حصل بينك وبين سليم الشاوي بعد إعادته لأغاني والدك؟ أنا أو والدي لم نعارض أبدا لما غنى سليم بعض أغاني والدي على غرار ''العوامة''، ووالدي يفرح كثيرا لمثل هذه الأمور، لأنه يرى فيها بأنها الخيط الذي يجعله يحس بأن الجيل الصاعد لا يزال متمسكا بتراثه وعراقته، لكن ما حصل مع سليم هو أنه أخذ أحد أغاني والدي وحرّف كلماتها وأعاد تأديتها بطريقة مشوّهة، الشيء الذي رفضناه واحتججنا عليه وطلبنا من سليم تصحيحه. كلمة أخيرة؟ أولا، أشكر جريدة ''الجزائر نيوز''على الفرصة التي منحتني إياها لتوضيح بعض الأمور ونزع اللُّبس عن الكثير من القضايا. أما عن أول مشاركة لي في مهرجان جميلة، فأريد أن أقول إنها كانت جد ناجحة والجمهور كان رائعا وتفاعل معي كثيرا، أتمنى أن تُمح لي فرصة أخرى في الطبعات القادمة، وحينها أعد الجميع بالظهور بوجه أحسن وبكل ما هو جديد وما من شأنه إرضاء الجمهور الجزائري الذواق للفن.