خرج سكان حاسي رمل عن صمتهم، وقرروا التضامن ومساندة أبنائهم الشباب الذين دخلوا في إضراب عن الطعام منذ الفاتح من الشهر الجاري، وهددوا بالخروج إلى الشارع وشن حركة احتجاجية عارمة قصد إرغام المسؤولين على التدخل وإيجاد حل عاجل، قبل أن يصاب المضربون عن الطعام بما لا يحمد عقباه، نظرا للوضعية الخطيرة التي آلت إليها صحتهم، واتهموا ممثلي الشعب بالبرلمان والمجلس الشعبي الولائي والمجالس البلدية بالخيانة، لأنهم لم يجسدوا الوعود التي قدموها لهم خلال الحملات الانتخابية السابقة، والمتمثلة في توفير الشغل· ولم يتجرأ أي منهم التقرب من المحتجين لنقل انشغالاتهم، كما قدموا شهادات وتصريحات نارية تثبت بيروقراطية سوق التشغيل في المنطقة، متهمين المسؤولين بانتهاج سياسة المعارف والرشوة والمصالح الشخصية، هذا في الوقت الذي أعلن صبيحة أمس 23 شابا الالتحاق بالإضراب عن الطعام ليصل عددهم الإجمالي إلى أكثر من 30 شابا· أصبحت قضية الشباب المضربين عن الطعام بحاسي رمل تأخذ أبعادا خطيرة، بسبب تماطل المسؤولين وعدم تدخلهم، حيث ورغم مرور سبعة أيام كاملة على الإضراب والتردي الكبير للحالة الصحية للمضربين إلا أنه لم يتم تسجيل أي تدخل رسمي، الأمر الذي دفع بسكان حاسي رمل للإعلان عن تضامنهم الكلي مع أبنائهم معتبرين مطالبهم شرعية، وقرروا الذهاب بعيدا في هذه القضية، لاسيما وأن نائب رئيس بلدية حاسي رمل قدم تصريحات خطيرة لإذاعة السهوب المحلية، مؤكدا أن نسبة البطالة في حاسي رمل 0 بالمائة· وفي هذا الإطار، كشف سكان حاسي رمل في شهاداتهم المسجلة عبر شريط فيديو تحصلت ''الجزائر نيوز'' على نسخة منه، أن شباب المنطقة ''محفورين ومهمشين''، وأن المسؤولين المحليين يمنحون مناصب الشغل لأشخاص غرباء قدموا من مختلف ربوع الوطن، ويقصون شباب المنطقة، ''حاسي رمل أصبحت بقرة حلوب، وللأسف حليبها يشربه الغرباء'' بحسب تعبير أحد السكان· وأخطر من ذلك، كشف السكان في شهاداتهم أن السلطات المحلية تمنح شهادات الإقامة لموظفين وعمال غرباء قصد الاستفادة من امتيازات في حاسي رمل، في الوقت الذي تلقى مطالب وملفات الشغل التي يقدمها الشباب المحليون رفضا مباشرا، وفي هذا الصدد يقول أحد السكان ''المسؤولون المحليون ومسيرو الشركات والمؤسسات يتحججون بافتقار أبنائنا للكفاءة المهنية، وعدم توفرهم على خبرة عمل تفوق 10 سنوات في الميدان''، ويضيف قائلا: ''هذه حجج ولا أساس لها من الصحة، أبناؤنا يطالبون بمناصب شغل عادية، كما أنه لدينا شباب جامعيين ومتحصلين على شهادات عليا لكنهم يعانون البطالة ومحرومون حتى من مناصب شغل المدرجة في عقود ما قبل التشغيل''، وفي نفس السياق يقول أحد الشباب ''استفادت منطقة حاسي رمل بمصنع جديد يعتبر من أكبر المصانع في العالم ويقوم بتوليد الطاقة الشمسية، وتم تشغيل 1200 عامل وموظف وكلهم غرباء، ولم يتم تشغيل ولا عامل واحد من حاسي رمل في هذا المصنع''، ولم يخف سكان المنطقة في شهاداتهم أن بعض الشباب الذين أثرت عليهم البطالة سقطوا في قبضة العديد من الآفات الاجتماعية على غرار بيع المخدرات ومختلف الممنوعات، امتهان السرقة وغيرها من الأعمال المنحرفة، لاسيما أن منطقة حاسي رمل تغيب فيها فرص الشغل، ما عدا بعض الشركات والمؤسسات الاستثمارية والصناعية الكثيرة والهامة· نحن لسنا ضد توظيف القادمين من الولايات الأخرى في شركات حاسي رمل لكن نطالب بحقوقنا والأولوية لأبنائنا أكد شيوخ وسكان حاسي رمل في شهاداتهم أنهم ليسوا ضد توظيف عمال قادمين من الولايات الأخرى ومنحهم فرص الشغل في منطقتهم ''كلنا جزائريون ولنا الحق في العمل في كل ولايات الوطن، ونحن لسنا ضد مجيء جزائريين للعمل في منطقتنا لكن على المسؤولين والمسيرين منح الأولوية لأبنائنا'' حسب تعبير أحد الشيوخ، وفي نفس السياق، يقول أحد الشباب ''مرحبا بكل الجزائريين في حاسي رمل، وكلهم إخواننا، لكن أن يستفيدوا من عمل ونحن نتعرض للتهميش والإقصاء ونعيش البطالة، فهذا غير مقبول''، حيث ظهر السكان الذين تجمهروا بأعداد هائلة ومن كل الأعمار في مكان قيام الإضراب عن الطعام المقابل لبلدية حاسي رمل في حالات يسودها الغضب والتذمر، منتقدين بشدة صمت المسؤولين· 23 شابا يلتحقون بالإضراب عن الطعام علمت ''الجزائر نيوز'' من مصادر محلية مؤكدة أن عدد الشباب المضربين عن الطعام بحاسي رمل التابعة لولاية الأغواط يفوق حاليا 30 شخصا، وهذا بعدما قرر صبيحة أمس 23 شابا الدخول في الإضراب ومساندة زملائهم، بعدما اقتنعوا أن هذا النوع من الحركة الاحتجاجية السلمية هو الحل الوحيد بالرغم من أنهم يعرّضون حياتهم للخطر· وتأتي هذه العملية بعد تجاهل المسؤولين لمطالب الشباب ''في الوقت الذي ننتظر أن يبحث المسؤولون عنا ويحاولون إيجاد حلول لمطالبنا، يتجرأون على مواصلة الصمت، وتقديم إهانات تسيء بكرامتنا وهذا ما لا نقبله'' بحسب تعبير أحد المضربين عن الطعام في اتصال هاتفي مع ''الجزائر نيوز''· هذا، وقد أبدى المحتجون تمسكهم بقرار مواصلة الإضراب مهما كان الثمن إلى غاية الاستجابة لمطالبهم، وفي جهة مقابلة، أكدت مصادرنا أن اثنين من المضربين عن الطعام تم تحويلهما فجر أمس إلى المستشفى نظرا لتردي وضعيتهما الصحية، ويرفضان التوقف عن الإضراب، حتى وإن حدث ما لا يحمد عقباه·