اليوم رمضان، استيقظت باكرا، أخذت حماما، وتوجهت مباشرة إلى مقر دار الصحافة·· رأسي مملوء بألف مشروع ومشروع، طبعا، ليس لدي من الوقت الكثير لأضع كل هذه المشاريع على السكة وتحت الضوء، لكن مع ذلك اختطت برنامجا، صارما نوعا ما، من أجل إنجاز بعضها في هذا الشهر المعظم·· إنني لأشعر بنوع من الراحة العميقة والرغبة في العمل المتزايد خلال رمضان، وهذا عكس الكثير من الأصدقاء والزملاء الذين يتحول لديهم رمضان إلى رمز للفزع والعصبية والكسل·· المسألة في نظري هي نفسية ومرتبطة بالعادة والإرادة·· عندما دخلت إلى مكتبي الإداري، بحثت عن مفتاح الكوفر لوقت طويل، لكن دون جدوى·· قلت لنفسي، أين وضعت المفتاح؟! حاولت استعمال ذاكرتي، ورحت أتفكر آخر لحظة التي تعود إلى وقت قبل سفري إلى سوريا، وبعد أين، وجدت سكرتيرتي المفتاح الذي كانت قد وضعته في مكان معين·· أعدت بعدها تنظيم المكتب، واجتمعت بمساعدي لإعادة تنظيم ما يمكن تنظيمه خلال الفترات القادمة،، فكرت في استحداث أساليب جديدة، وأعرف مسبقا أنها ستزعج كثيرا، إنها تتطلب جهدا أكثر، بينما غالبية الموظفين في الجزائر تعودوا على عادات راسخة وسلوكات يصعب تغييرها·· اتصل بي أثناء ذلك المسرحي سليمان بن عيسى حوالي ثلاث مرات، ولقد عرض علي مشروعا مشتركا، سبق وأن تحدث إلي عنه، يوم أمس عندما تناولنا الغذاء مع بعض·· قلت له، سأفكر في المشروع بعض الوقت·· اتصل بي أيضا الصديق المسرحي حسان عسوس وكلّمني عن مشروعنا المشترك لعام 2011 المتعلق بمسرحية حول عالم حسن الصباح زعيم حركة الحشاشين أكد علي ضرورة احترام موعد تسليم النص، وبالتالي ضرورة الإسراع في إنجازه، طمأنت حسن عسوس، وقلت له أني اشتغلت على هذا المشروع طيلة الفترة الماضية، لم يبق لي إلا الانخراط في الكتابة بعد عمل شاق من البحث والتوثيق وتسجيل الأفكار الهامة لبناء هيكل العمل المسرحي··· وبالطبع سألني أكثر من صديق لماذا حسن الصباح بعد نون؟! وكانت إجابتي أن هذا العمل أثارني منذ أكثر من 15 سنة، عندما انفجرت أو كانت الجزائر على أبواب الفتنة، شخصية حسن صباح، شخصية معقدة محاطة بالغموض واللبس، هل كان إرهابيا فعلا؟! هل كان ثوريا وصاحب مشروع جديد؟! تتعدد الإجابات والمواقف، لكن هذه الشخصية التي عرفت شخصية مهمة مثل عمر الخيام، تدعوك إلى طرح الأسئلة، وإعادة طرحها من جديد على تلك اللحظة التاريخية المولدة بدورها للكثير من التساؤلات حول علاقة الدين بالسياسة، وباليوتوبيا وبالعنف المسلح؟! البارحة أيضا شرعت في قراءة رواية جديدة صدرت عن رياض الريس، للروائية الجزائرية فضيلة الفاروق، تحت عنوان ''أقاليم الخوف''·· الرواية تتعرض إلى كل هذا الجنون الذي سكن الشرق، جنون الحرب، والإقتتال والبحث عن المعنى في عالم مهووس بكل ما يدل على اللامعنى··· الروائية فقدت عائلتها في شرم الشيخ إثر انفجار إرهابي، هي لبنانية الأصل لكن أمريكية تعود إلى بيروت مع إياد الذي تعرفت عليه في أمريكا وصار زوجا لها، لكنها تكتشف أن الزوج الذي أحبته في أمريكا، كان يلبس قناعا، ولم تعد تتعرف عليه فتسقط في حب صحفي يسكنه كل جنون هذه الحروب في العراق، أفغانستان، كوسوفو وغيرها من البقاع المشتعلة، ومن خلال قصة حبها الجديد تريد استعادة أناها الضائعة في ظل هذا الخراب، وهذه الفوضى التي تعيدنا إلى سؤال البدايات وسؤال التساؤل عن جدوى الصراع والتسابق نحو نهايات حزينة وكئيبة··· الرواية أعجبتني وأثارني تدفقها ونظرتها المليئة بالسخرية المرة والحادة من هذا الشرق المهترئ، ومن هذا العالم الذي أضاع إنسانيته··· اتصل بي أيضا مساعدي جيلالي نجاري وفريد أبركان، من أجل الصياغة النهائية لبرنامج شهر رمضان الذي سندعو فيه شخصيات ثقافية وفنية وفكرية مهمة·