استعاد الروائي أمين الزاوي من خلال ''سهرات الجزائر نيوز'' ذكرى الراحل عمار بلحسن الذي غيّبه الموت قبل سبع عشرة سنة من الآن، حيث تحدث عن بلحسن، الأديب والسوسيولوجي والإنسان· ليلة مرور 17 سنة كاملة على رحيل القاص والسوسيولوجي عمار بلحسن، سنة 1993 في سن الأربعين، بعد معاناة شديدة مع مرض السرطان، تحدث صديقه الروائي أمين الزاوي عنه من خلال ثلاث زوايا (الأديب والسوسيولوجي والإنسان)، مفضّلا البدء بالجانب الأدبي، وتأجيل الجانب الإنساني والحميمي إلى آخر المداخلة· وشبّه الزاوي عمار بلحسن القاص بالكاتب السوري زكريا تامر، ولدى مقارنته بين الكاتبين قال إن تامر أصبح رمزا أدبيا في بلاده، في حين أن بلحسن بكل مهبته ونصوصه المدهشة تم نسيانه بشكل مؤلم جدا، وذكر بالمناسبة شهادة الكاتب المصري محمد حافظ دياب (صاحب كتاب ''سيد قطب·· الخطاب والأيديولوجيا'') الذي قرأ له في مجلة ''فصول'' ذائعة الصيت، وقال إن مقالاته في ''المجاهد الأسبوعي'' حول سوسيولوجيا الثقافة كانت أقرب إلى الإبداع الفني وبشكل مختلف، وقال إنه طوّر لغة الكتابة الأدبية العربية في الجزائر واستطاع تقريبها من اللهجة المحلية· وقال إنه أهم قاص مثقف في الجزائر، واستطاع بحسه الفني الكبير أن يتخلص من مأزق المفاهيم الذي عادة ما يسقط فيه الأدباء المثقفون، وقال إن بلحسن كان يقول إنه يريد أن يؤسس لمدرسة وهران في الكتابة، وبالفعل ظهر جيل من الكتّاب تأثروا بأسلوبه مثل عمار يزلي وجيدل بن الدين وواسيني الأعرج وأمين الزاوي نفسه خاصة في كتاباته الأولى (ويجئ الموج امتداد، كيف عبر طائر الفينيقس البحر المتوسط)· وقال أمين الزاوي إن ما كان يؤرق الراحل عمار بلحسن أنه لم يكن محبوبا لدى تيار اليسار المهيمن في ذلك الوقت، واُتهم مرة بأنه مثقف يميني ومرة بأنه ماوي وأحيانا بأنه تروتسكي· وعن عمار بلحسن المثقف السوسيولوجي، قال أمين الزاوي أنه كان عصاميا فلم يتلق تعليما منظما في بداية حياته واستطاع أن يتدارك الأمر لينال دكتوراه في علم الاجتماع الثقافي، ورغم أنه كان لا يجيد إلا اللغة العربية، فقد استطاع أيضا أن يتجاوز تلك العقدة وأصبح في آخر حياته يجيد التحدث بالفرنسية والترجمة منها وحتى الكتابة بها وله بعض لدراسات السوسيولوجية المكتوبة بهذه اللغة· وقال إن حرصه على تعلم اللغة الفرنسية لم يكن بسبب التمظهر وإنما لأنه كان مسكونا بالتعددية اللغوية، وقال إنه كان بمثابة المثقف الجسر عندما تشنجت العلاقة بين المعربين والمفرنسين، حيث كان صديقا حميما لمثقفين مفرنسين من أمثال الراحلين يوسف سبتي والطاهر جاووت، وقال إن بلحسن كان مثقفا رؤيويا لدى تحليله السوسيولوجي لقضية ''الإرهاب والديمقراطية'' من خلال دراسة أنجزها سنة 1989 وكانه كان يتكلم عما حدث بعد ذلك بسنين· ولدى تطرقه للجانب الإنساني من حياة الراحل عمار بلحسن، قال أمين الزواي إنه لما اكتشف إصابته بمرض السرطان وكان في فرنسا، ذهب إلى جمعية مكافحة السرطان هناك وكتب قائلا فيها أنه في حالة وفاته هناك يوصي بأن تنقل جثته إلى الجزائر، مستعيدا بعض تفاصيل رحلته المؤلمة مع المرض الذي أنهكه شيئا فشيئا، لكنه ظل متمسكا بالأمل والرغبة في الحياة إلى أن استسلم نهائيا للمعاناة ورحل عن عالمنا يوم التاسع والعشرين من شهر أوت 1993 عن عمر لا يتجاوز الأربعين سنة، وترك وراءه مجموعة من الكتب المطبوعة والكثير من الدراسات السوسيولوجية موزعة بين مختلف المجلات والدوريات المتخصصة التي تحتاج إلى جمع وإعادة طبع حتى يعاد الاعتبار لتلك الشخصية الثقافية النادرة·