كاد المسلسل الكارتوني الكويتي أن يحدث أزمة دبلوماسية بين أعرق علاقة صداقة بين حكمين ينتميان إلى حكم من نوع خاص، فإذا كانت الكويت إمارة لأسرة حاكمة متوارثة للسلطة منذ ستينيات القرن الماضي، فإن المغرب هو محصلة لنظام المخزن الذي حكم بملكية متوارثة منذ عدة قرون·· والمعروف أنه لم يكن من الممكن لهذه العلاقة أن تتأثر حتى في الأيام الصعبة، بحكم المصالح المشتركة والانتماء للحكم الوراثي والعلاقات الاستراتيجية مع الدولة الأم، أمريكا، تلك الأم التي أصبحت الآن أماً للكثيرين حتى أولئك الذين أنكروها ذات يوم· مسلسل كارتوني على مدى عرض حلقتين، حول هذه العلاقة المتينة إلى ''علاقة مشكلة''، وأدى إلى احتجاج رسمي من الخارجية المغربية ضد التلفزيون الكويتي الرسمي الذي بث المسلسل·· وانتهت المشكلة باعتذار التلفزة الكويتية للمغرب عما جاء في الفيلم، لكن التداعيات ما زالت قائمة حتى بعد الاعتذار··؟ الغريب أن ما أساء للمغرب في الفيلم الكارتوني هو تناوله لحالة الدعارة في المغرب، وكيفية تعامل الرجل الخليجي مع المرأة المغربية، الذي يأتي للمغرب من أجل أن يقضي فترات ترفيهية مستغلا إمكانياته المادية الوفيرة· الدعارة ليست موجودة في المغرب فقط، لأن عوامل وجودها كالفقر والعنف والتهميش متوفرة في كل مكان من العالم العربي وإن اختلفت من منطقة لأخرى، وحتى وإن كانت قاسية نوعا ما في المغرب، لوجود شبكات كبيرة تعمل على ترويجها في المغرب وفي العالم خاصة في بلدان الخليج الأرقام والإحصائيات·· لكن ذلك لا يسمح بأن تصور من أجله أفلام تسيء للمرأة المغربية المناضلة التي تبذل جهودا فائقة في كل يوم من أجل محاربة كل أنواع العنف المباشرة وغير المباشرة التي منها الدعارة التي تستغل فيها المرأة بشكل فظيع، هل من تخصص الفيلم الكارتوني أن يصور هذه الظاهرة بهذا الشكل وكأن المرأة تفسق وحدها وليس مع الرجل، وبالذات الرجل الخليجي الذي يعرف بهذا النوع من السلوكات والممارسات·· لكننا عندما نقول الرجل الخليجي، لا نعتقد في ذهننا بأنه ينسحب على كل الرجال الخليجيين، في حين عندما يذكرون الداعرات المغربيات لا يستثنون نساء المغرب الأخريات، وهنا الفرق وهنا سبب الاحتجاج في رأيي··؟ المهم في هذه القضية، هو تلك الصورة النمطية التي تحرص وسائل الإعلام العربية على تقديمها، والطرق والصيغ التي تطرح بها قضايا المرأة الحساسة، التي يعتبر التعميم فيها نقصا في القدرات العلمية، وفقرا في المعلوماتية، وهو ما يفقد الإعلام العربي قدرته ومصداقيته في التفاعل مع قضاياه المجتمعية الكبيرة· إن ما يحزنني في هذا الموضوع، هو أن المغرب استطاع برغم حقيقة وجود الظاهرة، أن ينتزع اعتذارا رسميا من القناة والمسؤولين الكويتيين عليها، في حين لم تستطع الجزائر أن تنتزع اعتذارا واحدا من عديد القنوات المصرية التي خاضت حملة شنعاء ضد الجزائر لأسابيع وأيام·· شتمتنا واستهترت بتاريخنا وثورتنا وشخصيتنا وإنسانيتنا، ولم تعتذر·· بل اعتبرت نفسها محقة لأنها تدافع عن حقها في الرد علينا·· وعلى ما تنشره جرائدنا وخاصة جريدة الشروق··؟؟