أفاد تقرير حقوقي إسرائيلي بأن جيش الاحتلال يستبيح دماء الفلسطينيين بشكل منهجي من خلال الامتناع عن مجرد التحقيق مع جنوده ممن يقترفون جرائم قتل بحق مدنيين فلسطينيين· وكشف تقرير لمنظمة ''بتسيلم'' لحماية حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة عام ,67 أن جنود الاحتلال لا يحاسبون على قتلهم مدنيين فلسطينيين، حتى حينما تثار شبهات كبيرة بارتكاب جرائم عمدا وبشكل جنائي· ويستند التقرير الصادر، أمس الثلاثاء، إلى مراجعة وتحليل سياسة المدعي العام العسكري الإسرائيلي في السنوات الأربع الأخيرة· ويوضح التقرير وعنوانه ''قلة مسؤولية''، أن السبب المركزي لهذه الحالة ''البائسة'' يرتبط بامتناع الجيش بصورة مطلقة عن تشكيل لجان تحقيق عقب اقتراف جرائم قتل مدنيين فلسطينيين بأيدي جنوده· كما يفضح التقرير إقدام المدعي العسكري الإسرائيلي على المماطلة المتعمدة في معالجة جرائم القتل وإرجاء النظر فيها لشهور وسنوات حتى تضيع· ويشير التقرير إلى أن ''بتسيلم'' توجهت للمدعي العسكري بطلب التحقيق في 148 جريمة قتل راح ضحيتها 288 مدني فلسطيني في الفترة ما بين 2006 و.2009وأشارت إلى أنه في هذه الفترة قتل جيش الاحتلال 1510 فلسطيني من بينهم 617 لم يشاركوا في أي مجهود عسكري، عدا ضحايا عدوان ''الرصاص المصبوب'' على غزة· ويتبين أن سلطات الاحتلال قررت فتح ملف تحقيق في 22 حادثة قتل، وفي 29 حادثة أخرى قررت عدم التحقيق، فيما ظلت بقية الملفات بدون قرار· وتنبه ''بتسيلم'' -التي تأسست مع بداية الانتفاضة الثانية لمواجهة انتهاكات الاحتلال- إلى أن الجيش يقوم بالتحقيق في الحالات النادرة فقط وبتأخير كبير مما يمس بجدوى تحقيقاته· وتوضح المنظمة في تقريرها أن لجان التحقيق العسكرية تستند إلى إفادات ميدانية يدلي بها الجنود دون اعتماد شهادات ميدانية وعلى بينّات تناقض إفادة الجنود· وتستذكر المنظمة الإسرائيلية أن جيش الاحتلال اعتاد منذ اندلاع الانتفاضة الأولى في ديسمبر 1987 وحتى اندلاع الانتفاضة الثانية في سبتمبر2000 على تشكيل لجنة تحقيق خاصة للنظر في مقتل مدني فلسطيني· ولكن إسرائيل توقفت منذ عام 2000 عن ذلك بعدما أعلنت الوضع السائد في الأراضي المحتلة ''نزاعا مسلحا''، منتهجة سياسة تجاهل الجرائم، إلا في حالات نادرة· وتؤكد ''بتسيلم'' أن إسرائيل تتجاهل الطابع المتغّير لعمليات جيشها في الأراضي المحتلة عام ,67 وتعتبر كل ممارسات جنودها نشاطا قتاليا· ويشمل التقرير المطول نماذج عديدة عن جرائم قتل مدنيين ظل فيها المجرمون طلقاء وبدون محاكمة، منها قتل الشاب ياسر طميزي (30 عاما) من منطقة الخليل في 31 جانفي الماضي· وبحسب التقرير فإن ياسر كان برفقة ولده الطفل ابن السابعة يركبان حمارا وهما في طريقهما إلى أرضهما في قرية أدنا· واستنادا إلى شهادات رعاة، أفادت ''بتسيلم'' بأن أربعة جنود استوقفوا طميزي وقام أحدهم بعد ربع ساعة بلطمه، فرد هو الآخر بدفع الجندي فسقط أرضا، وعندها انقضوا عليه ووثقوا يديه وأمروا طفله بمغادرة المكان، فرفض حتى طلب منه والده الرجوع للمنزل، حيث روى لوالدته ما حصل· ويفيد أحد شهود العيان من الرعاة بأن الجنود عصّبوا عينيه ونقلوه في سيارة جيب حضرت خصيصا، ونقل لحاجز ترقوميا، وبعد ساعات تلقت زوجته نبأ قتله· وبعد عشرة أيام من الجريمة كشفت صحيفة ''هآرتس'' أن جنديا قتل الطميزي في حاجز ترقوميا بعدما تمكن من التحرر من أصفاد وضعت في يديه وحاول الإمساك بسلاح جندي· ونقلت الصحيفة عن قيادة الجيش اعتبارها الحادثة مخالفة خطيرة وتعيينها لجنة تحقيق في الجريمة، لكن ''بتسيلم'' تؤكد أنها راجعت جيش الاحتلال مرة تلو المرة دون الحصول على أي جواب حول نتائج التحقيق· يشار إلى أن محكمة العدل العليا الإسرائيلية استجابت عام 2005 لالتماس قدمته ''بتسيلم''، وألزمت الجيش باعتماد نظام واضح يقضي بفتح ملف تحقيق دون تأجيل بعد وقوع جريمة قتل أي مدني فلسطيني، ولكن الجيش لا يكترث لذلك· وردا على سؤال، أشارت الناطقة بلسان ''بتسيلم'' سريت ميخائيلي إلى أن إسرائيل لا تلاحق جنودها المجرمين لعدة أسباب، منها مواصلة تضييق الفرصة لتقديم دعاوى تعويض ضدها من قبل ذوي ضحاياها منذ 2002 بذريعة حالة ''النزاع المسلح''، التي تنفي ''بتسيلم'' وجودها في الضفة اليوم·