يستمد الفن التشكيلي الجزائري أصوله من الرسومات الصخرية بالطاسيلي، عدد كبير من الفنانين وجدوا في تلك الرسومات مصدر إلهام لإبداعاتهم ليصلوا بالفن التشكيلي لمكانته الحالية، مثل سائر البلدان تستمر الثقافة في الجزائر في التطور والتحرك الدائم، مما جعل هذه الفنون تصل مرحلة من النضوج والميراث الفني يزداد تنوعا وغنى، في مجال الفن بشكل عام والفنون التشكيلية على وجه الخصوص يحفظ التاريخ بالضرورة أسماء فنانين سجلوا مسارهم بإبداعاتهم، محمد راسم، محمد إسياخم، محمد خدة، غرماز، بن عنتر، مسلي، مارتينيز، أكسوح، باية، وجيل أكثر حداثة على غرار أرزقي العربي، رؤوف براهمية، حسين زيان، نوردين بوردين، حمزة بونونة وغيرهم كثير· ضمن هذه القائمة الطويلة يبرز إسم فنان تشكيلي شاب تثير أعماله الإنتباه، أعمال صادمة مستفزة ومبهرة· يتعلق الأمر بجودت قسومة، فنان شاب متعدد المواهب رقيق المشاعر، ولد جودت قسومة سنة 1966 متحصل على شهادة من المدرسة العليا للفنون الجميلة بالعاصمة، ينتمي جودت لقائمة الفنانين الموهوبين دائمي الغليان، فهو لا يتوقف عن البحث على أساليب التعبير عما يختلج في صدره، حتى وإن لم يجد من يستمع إليه، فهو يملك على الدوام أشياء يعبر عنها عبر لوحاته، منحوتاته، ديكورات الأفلام أو كتاباته، تتجلى عبقريته ومواهبه عبر مختلف أنواع التعبير الفني· تنتمي أعمال جودت ضمن تلك الأعمال الفنية العصرية الطامحة للعالمية والمستمدة من صميم المحلية· أعماله تجسيد لإبداعات أصيلة فريدة من نوعها مليئة بالمعاني، تثير لدى المتلقي رغبة التأمل والتفكير، إذا ما سئل عن مصدر إلهامه يجيبك قسومة بقوله أنه اختياري في ذوقه على اعتبار أنهم من أفاق متنوعة ومختلفة: ''أعشق كل من نيكي دو سانت فال بسبب حريته الكبيرة في التعبير وقدرته على تجاوز القيود· إلى جانب جون تينغلي و عبقريته المسخرة في سبيل المرح بلا حدود، بيكاسو وقدرته على ابتداع الأشكال الحديثة، بالإضافة إلى ميرو لحريته اللامحدودة، روبير كومباس، كما أحب الهاشمي عمور من أجل أفكاره المتجددة في المنمنمات، محمد راسيم من أجل تركيباته، نورالدين فروخي، خدة، مارتينيز، الرسوم المصورة العصرية، نساء جنوب إفريقيا الذين يرسمون على الحيطان، كما أحب نساء منطقة ''معاتقة'' بالقبائل حين ينغمسن في عمل الطين على الحيطان··· بشكل عام أعشق الأعمال الملونة المفاجأة والتركيبات الحرة غير المقيدة، بخلاصة أعشق كل ما يأتي من القلب والعين ويشكل تناغم في الألوان ساحر يأسر العقول''· أما بخصوص مصدر إلهامه فيقول: ''الإلهام يأتيني من كل ما يحيط بي من تلك الروائح، الألوان، الملابس، الطبيعة، رسم الأطفال على الحائط أي شيء يثير اهتمامي، أعتقد أن الرغبة في الرسم حاجة بيولوجية، عشقي للحرية سبب رغبتي في الرسم''، هذا العشق للرسم وللحرية والرغبة في التعبير عن الذات ظاهرة للعيان لهذا الفنان المفعم بالحيوية والنشاط والمتعدد المواهب، هذه المواهب التي تظهر في أعماله في ديكورات الأفلام، مصطفى بن بولعيد، مسخرة، ديليس بالوما، روائح من الجزائر· كما أنه منشغل بأعمال إشهارية وبكتابة روايات، كما يساهم في صياغة كتب حول المسارات السياحية وهي التجربة التي يقول عنها: ''أنها ممتعة من حيث أنه يتقاسم مع القراء عشق السفر''· ماتزال العديد من المشاريع تراود هذا الفنان، من ضمنها كتاب من نوع الكتب الجميلة القيمة حول الأماكن السياحية بالجزائر، الطبخ المحلي والرغبة في السفر، من المقرر أن يقيم الفنان في فصل الشتاء المقبل معرضا خاصا به، ويصدر كتابا بمناسبة مرور 02 سنة على حياته المهنية تحتفي عبر اللوحات بعشقه للأساطير على غرار أسطورة'' الأتلنتيد'' وعشقه للتقاليد الجزائرية وإفريقيا· سيخصص تحية خاصة للزعيم ''مانديلا'' وبلاده وتحية خاصة للرياضي الجامايكي ''أوسين بولت''· بعبارة أخرى لكل من نجح في تحقيق نجاحات متميزة، إلى جانب شخصيات نجحت في تجاوز الراهن والنظر للمستقبل، بالرغم من آلام الماضي والنقائص الكبيرة الراهنة تستمر الجزائر في المضي نحو الأمام بفضل أسماء على غرار جودت قسومة من أبناء الجزائر المتألقون·