اختتم مهرجان الجزائر للمسرح المحترف، مساء أول أمس، عروضه مع مسرحية ''التمرين'' لمسرح الناس من تونس، التي أخرجتها دليلة مفتاحي عن نص للجزائري امحمد بن قطاف· جمهور المسرح الوطني محي الدين بشطارزي الذي شاهد مسرحية ''التمرين'' أكثر من مرة، أعاد اكتشاف النص من جديد بعيون تونسية· والمسرحية -كما هو معروف- لمن شاهدها من قبل، تتلخص قصتها الإطار، في ممثلتين ومخرج داخل قاعة عرض مسرحية، يتدربون استعدادا لعرض المسرحية· وأثناء فترة التدريب تلك، يتعرضون لمشاكل كبيرة من طرف مدير القاعة الذي يرغب في طردهم من أجل استثمار القاعة في أشياء أخرى لا علاقة لها بافن المسرح· لقد عمل فريق ''مسرح الناس'' على ترجمة النص المسرحي من اللغة الجزائرية المحلية إلى لغة المسرح التونسية، مع الحرص على إبقاء تفاصيله الفنية إلا في حالات نادرة جدا، وتمكن بالفعل من تونسة المسرحية، رغم بعض الإشارات إلى أن الإطار العام يحدث في الجزائر، إلا أنه يبدو أنه صالح لكل بيئة تتشابه مع هذه البيئة حضاريا واجتماعيا· الجميل أن العرض المسرحي هذا سبق وأن تم في المسارح التونسية، وقدّم للجمهور المسرحي التونسي، تجربة من المسرح الجزائري، وجاءت المناسبة ليكتشف الجمهور الجزائري، كيف قرأ الآخر هذه المسرحية· لقد بدا أن النص، أراد القول من خلال هذا الشكل الكثير من المواضيع الفنية، وحتى الاجتماعية والسياسية، واعتمد على طريقة المسرح داخل المسرح، الذي يمثل فيها الفنانون مشاهد داخل مشاهد، ويؤكدون أنهم ممثلون، ويذكرون للجمهور أسماءهم الحقيقية (مع أنها ليست حقيقية) وأسماءهم داخل المسرحية، وهي لعبة مسلية جدا تجعل المسرح يقول أشياء كثيرة في حيز زمني ومكاني ضيق جدا، بل ويعيد قراءة النصوص المسرحية الكلاسيكية الكبرى على غرار ما حدث لمسرحية ''هاملت'' داخل هذا العرض· ورغم أن مسرح الناس تمكن بالفعل من ترجمة لغة العرض إلى المحلية التونسية، إلا أن العرض بدا للجمهور ثقيلا إلى حد ما، ربما لأن الجمهور الجزائري تعوّد على المسرحية باللهجة الجزائرية، وصعب عليه تقبّل النص بهذه الصيغة من الوهلة الأولى· الخير· ش بعد حوالي 12 يوما من النشاط مهرجان المسرح يسدل الستار :مهرجان الجزائر بأعين ناقدة أجمع مختلف النقاد والمسرحيين العرب والغربيين الذين تحدثت إليهم ''الجزائر نيوز'' على نجاح الطبعة الثانية من مهرجان الجزائر الدولي للمسرح الذي اختتمت أشغاله أول أمس· وبالإضافة إلى الكم الهائل من الفرق والدول المشاركة في المهرجان، أكد المشاركون أن نوعية الندوات الفكرية والحرية التي تركت للمشاركين في التدخل تعتبر من أفضلها في مختلف التظاهرات العربية، متمنين أن يواصل المهرجان تألقه في الطبعات القادمة· خالد جمال الشايتجي (أستاذ مسرح وناقد من الكويت): أولا، الشكر للجزائر لإتاحتها الفرصة لاجتماع أربع بقاع العالم هنا، والعروض الصريحة والقوية التي سمحت لها بالوجود في الجزائر دون بحرية ورقابة، كما هو موجود في بلدان أخرى· أما عن لكل عمل إذا اكتمل نقصه، أعتقد أن التقييم في مثل هذه المهرجانات لا يكون على أساس السلبيات أو الإيجابيات، خاصة أن هذه الطبعة من مهرجان الجزائر الدولي للمسرح ليست إلا الطبعة الثانية، بل حتى تلك السلبيات التي لن تكون عن قصد، هذا أكيد دليل على جدية العمل، فمن يعمل يخطأ ومن لا يعمل لا يخطئ، لكن التواجد الهائل المكون من 18 دولة من مختلف قارات العالم أكبر دليل على نجاح المهرجان الذي نتمنى أن يواصل على هذا المنوال، وبالتأكيد تصحيح تلك الأخطاء الصغيرة التي جاءت أكيد عن غير قصد، والابتعاد قدر الإمكان عن التكرار والرتابة التي تميز بعض المهرجانات في الوطن العربي، لكن هذا لن يأتي إلا من خلال إقامة جلسات نقاش وإسماع تشارك فيها مختلف الجهات المعنية قبل وعقب كل دورة· الدكتور نادر القنة (أستاذ أكاديمي وناقد مسرحي من فلسطين): أعتقد أن مهرجان الجزائر الدولي للمسرح هو أول المهرجانات المسرحية التي استطاعت أن تقرب مختلف الفنون التعبيرية من بعضها، من خلال برنامج ''فنون الكلام'' الذي عني بفنون الكلام كالفوال، البراح أو الحكواتي، وكذا برنامج ''الأدب في ضيافة المسرح'' الذي جمع العديد من الفنون الأدبية في مبنى المسرح الوطني الجزائري· كما أن المهرجان لم يغفل الجانب التكويني والأكاديمي من خلال الورشات المتعددة التي أقيمت على هامش المهرجان في النقد، التمثيل، الكتابة المسرحية وحتى تقنيي المسرح، وهذا شيء جميل، حيث سيكون هناك جيلا جديدا متمكنا في تقنيات العمل المسرحي على أيدي أساتذة وأكاديميين، حتى وإن كان معظم المشاركين من أهل الاختصاص· لكن الجانب التطبيقي يعتبر أكثر فائدة من الجانب النظري، ما يجعل هذا المهرجان أحد الدعائم المهمة في النافذة الثقافية العربية، الذي يفتح نافذة نقدية ونقاشية مع التجارب المسرحية المقاربة لرؤانا، أيضا وجود العديد من الفرق الشابةالجديدة التي تشارك لأول مرة في المهرجانات الدولية، كما سيكون للجزائر نصيب من النجاح أيضا في السنة القادمة من خلال أهم مشروع لم يدرس بعد، ألا وهو المسرح الإسلامي الذي يفتح لأول مرة للنقاش في الجزائر من خلال تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية· جورج مبوسي (مخرج مسرحي من الكونغو) أعتقد أن مهرجان الجزائر يعتبر البوابة التي تسوق به البلدان الإفريقية وكذا العربية لثقافتها عامة ومسرحها خاصة، نظرا للوجود المميز والحضور المكثف للدول الأوربية والأمريكية وحتى الآسيوية، ما يسمح لك بالاحتكاك وتبادل الأفكار والخبرات، لكن ما لم أجده وما استغربته هو الوجود القليل للمسرحيين الجزائريين، فبغض النظر عن المشاركين والمنضمين لم يوجد هناك الكثير من المخرجين والممثلين أو النقاد المسرحيين الجزائريين في فعاليات المهرجان، ما كنت أتمنى أن يحصل من أجل التعرف والتعريف أكثر بالمسرح الجزائري· كريستوف كوتري (مخرج مسرحي فرنسي مقيم ببلجيكا): إذا تحدثت عن تجربتي الشخصية في المهرجان، فبكل صراحة، ودون تفكير، ستكون العلامة الكاملة من نصيب الجمهور المسرحي الجزائري، فالعرض الذي قدمناه في الجزائر كان من أفضل العروض من حيث التجاوب الجماهيري مع كل ما قدمناها في أوربا أو المشرق العربي· أما عن مجريات المهرجان ككل، فكان التنوع من حيث المسرحيات المقدمة سواء من حيث المدارس المسرحية المختلفة الحاضرة، أو من حيث التواجد الجغرافي (أوربا، إفريقيا وآسيا) يسمح لك باكتشاف العديد من التجارب المميزة· أما عن السلبيات - ولست هنا في موقعة اللوم - لكن فقط من أجل لفت الانتباه، فكان من الأفضل تنشيط ندوة أو نقاش بين المختصين ورجال الإعلام بعد كل عرض لكي يتسنى للجميع تقديم رأيه والاستماع إلى آراء الآخرين، أرجو أن يؤخذ هذا بعين الاعتبار· خالد المصور(مخرج من فلسطين): في الحقيقة، مهرجان الجزائر الدولي للمسرح ظاهرة رائعة، وهو من بين التظاهرات القليلة في الوطن العربي، وهذا غير معروف عن الجزائر التي تفسح دائما الميدان للوفود العربية والفلسطينية خاصة، هذا ما يدل على حب الجزائريينللفلسطينيين، وإيمانهم وتعلقهم بقضيتهم، لكن نحن لا نريد أن نحمّل الجزائريين مسؤولية أخرى، فمحافظة المهرجان أدرى بالأصح والأفضل للمهرجان· جمعها: يزيد بابوش دليلة مفتاحي، مخرجة ممثلة في مسرحية ''التمرين'' نص مسرحي جزائري ''متونس''، ويقدم للجمهور الجزائري، كيف حدث هذا؟ إنها تجربة جميلة بين بلدين مغاربيين، فيا حبذا لو دخل معنا ممثلون من المغرب وآخرون من الجزائر، فأنا سعيد جدا بالاشتغال على هذا النص المسرحي الجزائري الذي أعدت تقديمه إلى الجمهور الجزائري· وما الشيء الذي أضفتموه للنص الأصلي عند ''تونسته''؟ نحن لم نقم بتونسته، نحن فقط اشتغلنا عليه دراميا باللهجة التونسية، فقط، أبعدنا الألفاظ الغارقة في محليتها في النص الأصلي، مع الحفاظ على كل تفاصيله· وكيف كان رد فعل الجمهور التونسي عند عرضه هناك، وما رأيك في العروض التي تمت في هذا المهرجان؟ كان رد الفعل جميل جدا، وتوج من أفضل الأعمال في تونس في الفترة الأخيرة· أما عن هذا المهرجان، فقد شاهدت عروضا قيّمة جدا، كما أن هناك عروضا متوسطة، وفي كل الحالات أعطت قفزة نوعية للجزائر في هذا المجال· سألها: