وصلنا إليها !؟·· بعدما كان أقصى ما يحلم به الجزائري هو الحصول على منصب شغل ومسكن وعائلة، تدنى حلمه إلى أسفل الدركات التي يمكن أن يحلم بها الإنسان في حياته قاطبة·· الحلم بالحصول على كيس واحد من الحليب·· تعيش الجزائر التي تحصي في خزائنها قرابة ال200 مليار دولار، منذ شهر ونصف تقريبا وضعا شبيها بالأزمة الإقتصادية التي عرفتها البلاد بداية التسعينيات مع الخبز·· في كافة الأحياء الشعبية وغير الشعبية للوطن، ترى الطوابير الطويلة وهي تتلوى كالثعابين العملاقة مع الجدران وتحت البنايات، في الليل كما في النهار، وهي تطلب الحليب· وتسمع من الكلام بين تلك الطوابير ما يندى له الجبين وترى فيها بين الناس ما تأسى له القلوب، على حال الجزائريين الذين تقف السلطات التي انتخبوها والتي لم ينتخبوها عاجزة على توفير كيس الحليب· أكثر من ذلك، بل الأخطر منه، يقول مسؤولنا ليس هناك أزمة حليب في الجزائر ويقصدون بذلك أن هذا المنتوج الأساسي في سلسلة غذاء الجزائريين التي تتشكل من الخبز والبطاطا أيضا، لا يعرف ندرة في الإنتاج أو توفير المسحوق، بل المشكل في آليات توزيعه المنعدمة· ويبدو هذا التبرير الذي أصبح يقدمه المسؤولون من وزير الفلاحة إلى ديوان الحليب مرورا بالمحولين واتحاد الفلاحين، يبدو غريبا للغاية، لأنه قبل شهر ونصف قبل ظهور أزمة الحليب، كان بإمكان الجزائري أن يشتري كيسه من المحلات في أي وقت خلال اليوم، بل ويصل الحليب إلى أقصى البلاد وأدناها·· فأين اختفى الموزعون في ظرف شهر ونصف؟! هذا التبرير يقود إلى الإعتقاد بأن الأزمة الحليبية مفتعلة، وإذا كانت غير ذلك، فعلى المسؤولين تقديم مبرر آخر، ولعل محاولة رفع سعره في السوق لتعويض عدم إدراج أي ضريبة جديدة على الجزائريين في قانون المالية ,2011 تعتبر أنسب تبرير في الوقت الراهن، وإلا كيف تفسرون أزمة حليب في وقت رفعت الدولة عن كاهل منتجيه العديد من الأشكال الضريبية في نفس القانون؟!