اعتبر الناقد الفني المصري طارق الشناوي، أن زيادة الأعمال الدرامية على مستوى الكم في شهر رمضان ناتج في الأساس عن المردود التجاري للإعلانات ( الإشهار) فضلا عن الزيادة الكمية لعدد القنوات الفضائية العربية التي أضحت بحاجة إلى تعبئة المساحات الفارغة· ويؤكد الشناوي في حوار خص به '' الجزائر نيوز'' ، أن الأعمال التي تجسد شخصيات فنية كبيرة لم ترقَ حتى الآن للمستوى الفني الذي حققه مسلسل أم كلثوم لإنعام محمد علي· نلاحظ ارتفاعا كبيرا في نسب الأعمال الدرامية المعدة لشهر رمضان الكريم هذا العام والتي تقارب المائة عمل، هل في رأيك هناك تنامي نوعي مع هذا التضاعف الكمي ؟ أولا : علينا أن ندرك جيدا أن الزيادة الكبيرة على مستوى إنتاج الأعمال الدرامية المعدة لشهر رمضان الكريم تأتي كنتيجة منطقية لحالة الولادة السريعة جدا وللتكاثر الذي يحدث على مستوى القنوات الفضائية، وهذا يعني اتساع المساحات الفارغة في هذه القنوات والتي ينبغي شغلها بالمسلسلات والبرامج والأعمال الفنية الأخرى· ثانيا: فيما يتعلق بشهر رمضان الكريم، فإنه يعد الموسم الأهم لتقديم الأعمال الجديدة خاصة على مستوى المسلسلات، حيث يشهد نموا موازيا لفرص الإعلانات ( الإشهار) التي تقدم لتلك القنوات الفضائية وبالتالي تضمن المردود التجاري والمالي لعرض أكبر قدر من الأعمال الفنية من مسلسلات درامية او ما يسمى ال''سويسش كوميدي''· ثالثا: العاملين السابقين حفزا النجوم الكبار للحرص على التواجد في أعمال رمضان، نظرا للأجور الكبيرة التي أضحوا يتقاضونها، فمثلا يحي الفخراني تقاضى عن آخر عمله مبلغ 7 مليون جنيه (مليون و أربعمائة دولار أمريكي)· بالتالي فإن الزاوية المتعلقة بالنوع وسط هذا الكم أعتقد أنها تحتاج إلى دراسة موضوعية للأعمال أولا، وبالتأكيد أن الكم لا يعبّر دوما عن النوع، ولكن قد يساهم في إفراز النوع في مرحلة ما· هناك مبادرة قامت بها مجموعة دبي للإعلام تتمثل في تخصيص مبلغ مليون درهم إماراتي كجائزة لأحسن عمل درامي يقدم على شاشاتها خلال شهر رمضان المبارك ··أي أن القنوات الفضائية أضحت لا تكتفي بشراء حقوق البث فقط، بل تساهم في تكريم الأعمال وتقيمها؟ هذه البادرة جيدة من حيث المبدأ، أي أنها قد تساهم ضمن عوامل أخرى في إفراز النوع، من خلال تكريم الأعمال الأكثر جودة· لكن السؤال يتعلّق بالجهة التي ستقوم بعملية الفرز والتقييم، وعليه سيتم اختيار هذا العمل من خلال تصويت الجمهور، وبالتالي يتم تكريم العمل الأكثر جماهيرية وليس بالضرورة الأكثر جودةً من الناحية الفنية ! أم سيتم من خلال لجان فنية مختصة تقوم بعملية التقيم الفني للأعمال المقدمة وبالتالي تُمنح الجائزة للعمل الذي يستحق ذلك ·· هنا في اعتقادي يبدو الفيصل· نلاحظ أيضا عودة قوية لمسلسلات '' السير الذاتية للفنانين'' كما هو الحال بالنسبة لمسلسل ''ابو ضحكة جنان'' الذي يجسد شخصية اسماعيل ياسين، و''قلبي دليلي'' الذي يجسد شخصية ليلي مراد ·· هذا صحيح ··لكن للأسف منذ مسلسل ''أم كلثوم'' لإنعام محمد علي، لم نشاهد أعمالا درامية بذلك الحجم والزخم والأداء، فيما يخص الأعمال التي تجسد شخصيات فنية معينة· رغم أن المحاولات كانت كثيرة كما هو الحال بالنسبة لمسلسل سعاد حسني و مسلسل ''أسمهان'' الذي كتبه السيناريست السوري نبيل المالح ،وأخرجه التونسي شوقي الماجري· فبالرغم من جودة تلك الأعمال إلا أنها لم تنل حظها من النجاح - كما حدث مع أم كلثوم مثلا - والواقع أن مسلسلات السير الذاتية غالبا ما يكون أمامها خياران، إما النجاح الكاسح أو الفشل الذريع ولا تعرف مستوى متوسطا· هناك أيضا مآخذ على مقدمي مثل هذه المسلسلات أنهم يركزون على الجوانب الإيجابية المشرقة فقط من الشخصية فيما يتغاضون عن الجوانب السلبية ·· ألا ترى ثمّة خلل هنا ؟ بالتأكيد، هناك خلل في التركيز على الجانب الإيجابي من الشخصية لأنه يحمل وجها واحدًا من الحقيقة ·· شخصيا أنا ضد تقديس المبدعين لدى تجسيد شخصياتهم في أعمال فنية· وللأمانة فأن نبيل المالح قد قدم ''اسمهان'' الحقيقية بكل جوانبها السلبية والإيجابية وهذا مهم لأن علينا أن نتعاطى مع شخصية لمبدع كبشر ليس أكثر من ذلك بأي حال · هناك أيضا توجه جديد نحو الأعمال الكوميدية ضمن مسلسلات رمضان ··وهي ظاهرة جديدة ؟ ما يسمى ب''سويسشن كوميدي'' هي موضة نجحت في المواسم الأخرى وانتقلت إلى شهر رمضان، والفيصل في استمرارها من عدمه قائمٌ عن مدى قدرتها على لمحافظة على النجاح الذي حققته·