انطلقت أمس أشغال الملتقى الدولي لنصرة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، مشكلة فرصة سانحة للحديث عن الذين يقبعون بالمعتقلات الإسرائلية، من الأسير الفلسطيني الشهيد حسن اللاوي الذي قبع في سجون الاحتلال عشرات السنين، بعدما أن أورثه الاحتلال البريطاني إلى الإحتلال الصهيوني، إلى الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي الذي صدرت في حقه عدة أحكام بالمؤبد· إنها مأساة شعب ينقسم إلى قسمين إما معتقلا في السجون الإسرائلية أو محاصرا في المدن· وليس هناك ما يحسد فيه قسم القسم الآخر· 8000 أسير في السجون الإسرائيلية تستمر معاناة السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية والبالغ عددهم -حسب التقديرات- حوالي 8000 أسير يلقون أسوأ معاملة، إذ أن كل التقارير الصادرة عن المنظمات الإنسانية تؤكد ضرب إسرائيل المواثيق الدولية عرض الحائط، وبالرغم من ذلك يستمر التعامل مع هذا الملف الإنساني الشائك بكثير من التجاهل في ظل استمرار معاناة الأسرى وذويهم بفعل التعتيم حول مصير السجناء، ولعل هذا ما دفع بالسلطات في القطاع المحاصر لإيجاد هيئة تعنى بشؤون السجناء، حيث تم تخصيص وزارة قائمة بذاتها تهتم بمتابعة ملفات السجناء والتنسيق مع عائلاتهم للحصول على المعلومات بشأن المنسيين في سجون إسرائيل، حتى لا يخفت صوتهم ولا يتم نسيانهم خلف أسوار العدو. المثير أن أسر السجناء مصرة على إسماع صوت أبنائها للعالم بالرغم من عدم تجاوب سلطات الكيان الصهيوني مع مواقف المنظمات القانونية والإنسانية لاحترام المواثيق الدولية، وفي مقدمتها حق التواصل مع ذويهم من خلال الزيارات، الرسائل أو المكالمات الهاتفية، حتى أن المحامين الدوليين المكلفين بالدفاع عن الأسرى باتوا يجدون صعوبة في رؤية موكليهم، بفعل التماطل الإسرائيلي في منح التراخيص اللازمة، أكثر من ذلك تشير كل التقارير والمعلومات إلى أن الوضع الصحي للسجناء شارف على مرحلة الخطر، دون أن تتمكن أي جهة رسمية من وقف ما يحدث مع السجناء الفلسطينيين، رجال كانوا أم أطفال أو نساء· 340 طفل فلسطيني مهدورة حقوقهم في سجون الاحتلال اعتقال الأطفال الفلسطينيين على يد جيش الاحتلال ليس سياسة جديدة، بل اُستخدمت هذه السياسة قبل توقيع اتفاق أوسلو، وتحديداً خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية العام ,2000 اعتقل ما لا يقل عن 7000 طفل فلسطيني تتراوح أعمارهم بين 10- 18 سنة· ووفق أحدث الإحصائيات، فإن 340 طفل فلسطيني مازالت تحتجزهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي في سجونها، يفتقرون لأدنى مقومات حياة الطفولة، ويتعرضون لانتهاك حقوقهم بشكل مدروس من قبل إدارات السجون· وأوضحت إحصائية أن غالبية الأطفال الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال تم اعتقالهم من الشوارع أثناء اللعب، أو أمام مدارسهم، أو اقتحام بيوتهم، ما يثير الذعر والخوف بينهم، بحجة أنهم يقومون بإلقاء الحجارة على الجيش ''الإسرائيلي''، مضيفة أن الاحتلال حاكم أكثر من 231 طفل، وأن أكثر من 100 طفل أسير موقوفون وهم بانتظار المحاكمة، فيما مارس الاحتلال ضد الأطفال الأسرى سياسة الاعتقال الإداري دون توجيه أي تهمة لهم، معتبرا أن ذلك مخالفة واضحة للقوانين والمعاهدات الدولية، سيما تلك التي تهتم بحماية حقوق الإنسان والأطفال خصوصا· وأوضحت الدراسات أن الأطفال تمارس بحقهم - كغيرهم من الأسرى- سياسة الإهمال الطبي التي تنتهجها سلطات الاحتلال وإدارات السجون بحق الأطفال الأسرى، منوّها إلى أن الأسرى الأطفال محرومون من مستلزمات ومتطلبات الطفولة، وأن إدارة السجن تحرم الأطفال داخل السجون في كثير من الأحيان من الحصول على احتياجاتهم ومستلزماتهم كالملابس··· وغيرها· وأضافت أن سياسة الإهمال الطبي أدت إلى زيادة عدد مرضى الأطفال الأسرى، حيث أصبح عددهم 50 أسيرا مريضا من الأطفال، وأن الاحتلال لا يقدم لهم العلاج اللازم، ويرفض أن يحضر لهم طبيبا متخصصا لكي يطمئن على حالتهم الصحية، مؤكدا أن أغلب الأمراض التي يتعرض لها الأطفال الأسرى هي انتشار حالات التسمم، كما حدث عندما سجلت 10 حالات تسمم بين الأسرى الأطفال في سجن تلموند نتيجة تناولهم لوجبة معلبات فاسدة قدمتها لهم إدارة السجن بإشراف رسمي· بلخادم يكشف عن موقف جزائري غير معلن إزاء صراع الإخوة الفرقاء: لا تنتظروا وساطة من الجزائر لأنكم لا تتمتعون بسلطة قرار فاجأ الأمين العام لجبهة التحرير الوطني إعلاميا فلسطينيا سأله عن احتمال دور وساطة جزائرية لحقن دماء الداخل الفلسطيني، بقوله ''لقد خرج القرار من بين أيديكم أنتم الفلسطينيين، والجزائر كانت تفعل ذلك عندما كانت القضية الفلسطينية فلسطينية، أما اليوم وقد دخل على الخط طرف ثالث فلا يمكن ذلك''· عبد اللطيف بلقايم كشف الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، عبد العزيز بلخادم، عن موقف جزائري غير معلن إزاء ما يحدث داخل فلسطين بين الإخوة الفرقاء، قد يبدد آخر أمل لكل الفصائل الفلسطينية التي كانت تعقده على دور جزائري حازم في القضية، إذ قال، في ندوة صحفية بالأمس على هامش ملتقى نصرة الأسرى، ''عندما قامت الجزائر بوساطة في القضية الفلسطينية في الدورة السادسة عشرة للمجلس الفلسطيني كان لا يزال الملف فلسطينيا فلسطينيا، أما الآن وبعد دخول طرف ثالث على الخط كان شقيقا أو عدوا فهذا معناه أن القرار خرج من بين يدي الفلسطينيين''. وأضاف بلخادم ''إن الجزائر إيمانا منها بضرورة استقلالية القرار الفلسطيني، تدرك أنه لا يمكن تحصيل نتيجة والبحث عن هذه النتيجة قد يكون في غير المكان الذي تعتقدون بأنها فيه''، بل راح أبعد من ذلك عندما قال ''عندما اجتمعت الفصائل الفلسطينية لم يكن الأمر مرتبطا بالهدف بل بوسائل الوصول إلى الهدف''، مشيرا إلى وجهات النظر المختلفة التي تم التطرق إليها برسم أشغال الملتقى، مضيفا على قوله ''بالنسبة إلى الجزائر الأهم في كل شيء هو أن يكون للفلسطينيين صف موحد وسلطة قرار ونحن لسنا من المزايدين على الفلسطينيين''. وعلى الرغم من معرفته أن تحديد وجهة الدبلوماسية الجزائرية من الاختصاص الشخصي لرئيس الجمهورية، فإن الأمين العام ذهب إلى غاية القول ''إذا أردتم المقارنة بين التجربة الجزائرية في التحرر والفلسطينية، رغم أنه لا مجال للمقارنة، فنقول لقد عرضت علينا الثلاثية التي عُرضت عليكم وهي وقف إطلاق النار ثم الانتخابات ثم التفاوض، فالفلسطينيون قبلوا بها كما هي. أما نحن فقلبنا ترتيبها، إذ قلنا وقف للنار، لأنه لا شيء يمكن فعله تحت النار، ثم مفاوضات فانتخابات''. أما عن مدى إلزامية توصيات الملتقى للحكومات العربية، فقال بلخادم أن المشاركين من الأحزاب المناضلة والمعارضات وفعاليات المجتمع المدني عليها النضال من أجل تفعيل التوصيات فيما بعد. علي فيصل عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ل''الجزائر نيوز'': ربع الشعب الفلسطيني مر على معتقلات إسرائيل علي فيصل أحد المقربين من نايف حواتمة أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يدلي بشهادته حول ملف الأسرى الفلسطينيين في هذا الحوار مع ''الجزائر نيوز''· حاوره عبد اللطيف بلقايم ما هو الوضع السياسي الحقيقي لملف الأسرى في سياسة السلطة الفلسطينية والأحزاب والفصائل؟ هذا الملف يحتاج إلى أولوية كبرى من كافة الفصائل والأحزاب السياسية ومكونات الشعب الفلسطيني، لأن هؤلاء الأسرى هم عنوان الصمود والكفاح والشعب الفلسطيني، بل واعتقلوا من أجل القضية الفلسطينية نفسها· وبالتالي ينبغي في كل الأحوال أن يكون ملف الصدارة، وأن يكون حاضرا في كافة الملتقيات والمناسبات ومنظمات حقوق الإنسان الحكومية وغير الحكومية، وعلى رأسها الصليب الأحمر· وقد شهدت فلسطين العديد من الاعتصامات من أجل إطلاق سراحهم، وكل آخر خميس من كل شهر في فلسطين، وخاصة غزة هناك اعتصام من أجلهم، وهناك حركة نشطة لفلسطينيي الشتات الذين يرفعون على كاهلهم هذا الملف في الخارج، بهدف الضغط على المجتمع الدولي، لكي يحتل سلم الأولويات لدى كافة مراكز القرار الفلسطينية والدولية وعلى رأسها السلطة والولاياتالمتحدةالأمريكية والأمم المتحدة· كما أنه على أية مبادرة للمفاوضات أن يكون الملف حاضرا فيها، وجعله شرطا من شروط انطلاقها، كونهم روح القضية الفلسطينية بلا منازع· وهناك إحصائية تقول إن ربع الشعب الفلسطيني دخلوا المعتقلات منذ الاحتلال، أضف إلى ذلك أن الشعب الغزاوي محاصر ووضعه شبيه بوضع المعتقلين كثيرا، لأنهم في سجن كبير· لكن الواقع أن ملف الأسرى الفلسطينيين لا يملك هذه الأولوية التي تتحدثون عنها؟ بالتأكيد أن ملف الاستيطان حاليا هو الملف الذي يُناضل من أجله لإنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية حرة، وهذا الملف الخاص بالمعتقلين هو ملف كافة الفلسطينيين، أينما وجدوا، ومن أجل أن يُطلق سراحهم ينبغي أن تحرر الأرض· هناك حركة وطنية أسيرة في السجون تناضل في الداخل، وهناك حركة وطنية تناضل في الخارج· ينبغي أن يعرف الرأي العام أن مشروع تحرير الأرض وعودة اللاجئين هي قضية وطنية تصب في نهايتها لصالح الأسرى، ويستمر الشعب الفلسطيني بفضل مثل الملتقيات التي تنظمها الجزائر، في النضال والذي هو عنوان لمقاومة جزائرية سابقة· فهذا الملتقى نعول عليه كثيرا انطلاقا من إعلان الجزائر الذي من المرتقب أن يخرج بتوصيات مفادها أن كل الحركة الدبلوماسية العربية يجب أن تصب في إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين والتنديد بجرائم الحرب في حقهم ورفع لائحة حقوق الإنسان واتفاق جنيف· إن الممارسات الإسرائيلية ضد هذه الفئة تخالف إعلان كافة مواثيق حقوق الإنسان المطلقة عبر التاريخ وبالتالي ينبغي أن تنتهي هذه المحاولات بإرغام إسرائيل على قبول الحلول التي يفرضها واقع القضية الفلسطينية عاجلا أم آجلا · كيف تطلعون على أوضاع المعتقلين؟ هناك جسر تواصل معهم عبر أهاليهم ومراسلين ووسائل سرية يتم اعتمادها وهناك منظمات الصليب الاحمر التي تعطي تقارير دورية بعد كل زيارة تقوم بها فرقها إلى المعتقلات وأيضا الاتصالات التي تجري بين الفترة والأخرى في إطار التحركات داخل السجون وخارجها· هناك من قال إن الجيش الإسرائيلي يقوم بتجارب علمية على الأسرى، هل هذا صحيح؟ نعم هذا صحيح وهذا مثبت فهناك اختبارات لأدوية عديدة على أجساد الأسرى وهناك من استشهد عقب اختبارات وتجارب علمية عليهم وهذه جريمة حرب لا غبار عليها وجب على المجتمع الدولي متابعة إسرائيل بسببها هل هناك أدلة موثقة؟ نعم هناك أدلة موثقة بحوزة محامين نعرفهم جيدا، بما فيهم محامون إسرائيليون وشكاوى ودعاوى باسم المعتقلين الذين استشهدوا داخل السجون ومرضى لا يزالون يخضعون لاختبارات علمية· كم هو عددهم حاليا في المعتقلات الإسرائيلية؟ حوالي خمسة آلاف و700 معتقل ولكن تعتبر أرقام الأسرى الفلسطينيين أرقام نسبية، كون الطوق الإسرائيلي حول الملف طوق شديد· كما أن الاعتقالات لا تتوقف أبدا وإذا أفرجت عن أسير واحد فإنها تعتقل ألفا، وهذه سياسة الباب الدوار، فنحن نسجل مئات عمليات الاعتقال· لقد دعا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى إطلاق سراح الأسير الفلسطيني جلعاد شاليط، في حين يموت آلاف الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية دون إطلاق دعوة مماثلة من المصدر نفسه، كيف تقرؤون هذه الدعوة؟ هذه نقيصة أخرى تسجلها السلطة الفلسطينية على نفسها، ويجب أن تتحرك من أجل الأسرى الفلسطينيين وليس جلعاد شاليط، فهو موجود في أمان ثم إن ملفه بين يدي الولاياتالمتحدةالأمريكية وحكومة إسرائيل اللتان تديران ظهرهما لآلاف الفلسطينيين المعتقلين وما يعانونه في السجون، على السلطة أن تفعل ما فعلته كافة حركات التحرر عبر التاريخ وهي أن تجعل ملف المعتقلين أساس كل عمل سياسي من أجل التحرر ولها أن تأخذ المثال الحي عن الجزائر· وماذا عن المعتقلين لدى السلطة وحماس؟ هذا الملف الذي يندى له الجبين، ففي وقت نحن نناضل فيه من أجل إطلاق سراح المعتقلين في السجون الإسرائيلية، تجد طرفي النزاع يعتقلون بعضهم بعضا، وهذا ليس مشجعا على دفع ملف الأسرى قدما وعلى الجانبين إطلاق سراح بعضهما البعض، لكي ننصرف إلى القضية الأم، لنقبض بقبضة واحدة على جدران سجون إسرائيل، لأن هؤلاء المعتقلين الداخليين لهم مكان في النضال والمقاومة السياسية والمسلحة وبدونهم نبقى منقوصي القوة؟ ما الذي يعطل مبادرة كهذه؟ المصالح الفئوية هي التي تعطل وتتحكم في الاتجاهين والصراع على السلطة· نحن نريد أن نتصارع مع الاحتلال وليس مع بعضنا البعض· فالسلطة لا تزال تعيش تحت الاحتلال ويجب أن نحافظ على قوتنا من أجل المواجهة لا أن نضعف أنفسنا· إيمان نافع إحدى الأسيرات الفلسطينيات تم تحريرها: إسرائيل تخصص سجونا للمرضى يخرجون منها في توابيت هنا شهادة أسيرة فلسطينية قضت 10 سنوات في سجن الرملة لقوات الاحتلال الإسرائيلي، تروي قصتها وقصة إخوانها وأخواتها بشكل جد مؤثر··· حاورها: