تعيش المحاكم الجزائرية، هذه الأيام، نشاطا مضاعفا، بفعل الاعتقالات التي تلت الاحتجاجات وأعمال الشغب التي شهدتها العديد من ولايات الوطن· ففي الوقت الذي أعلن وزير الداخلية دحو ولد قابلية عن إطلاق سراح الشباب القصر المشاركين في الاحتجاجات، انقسم القانونيون بخصوص طريقة التعامل مع بقية المعتقلين من الراشدين، على اعتبار أن هناك من يصر على منحهم صفة ''المعتقلين السياسيين''، لأنهم نزلوا الشارع من أجل الدفاع عن موقف سياسي وإن لجأوا إلى التكسير والعنف في إبداء موقفهم· ومن هؤلاء المدافعين المحامي مصطفى بوشاشي الذي يرى أن الحل للمشكلة لا يكمن في المتابعات القضائية للشباب المعتقل الذي عبّر عن موقف سياسي، في إشارة إلى أن ما حدث من أعمال شغب إنما مرّده الأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها البلاد· بالمقابل، هناك من يرى أن الاحتجاجات المشروعة التي رافقتها أعمال شغب كانت فرصة للكثيرين من ذوي السوابق العدلية لاستغلال الفرصة من أجل ارتكاب عمليات سرقة منظمة، ما يعني ضرورة التعامل معهم من منطلق ارتكاب سرقات والتعدي على ممتلكات الغير· بهذا الخصوص تقول المحامية سامية بن دريس، ''لا بد من التفريق بين من خرج لمجرد الاحتجاج ومن ارتكب عمليات سرقة وتخريب للممتلكات العمومية والخاصة، في هذه الحالة الأخيرة يبدو الخيط رفيعا بين الاثنين، ومع ذلك فإن القانون قادر على التفريق بين الاثنين وذلك من خلال التحقيق وتقديم الأدلة· وفي كل الأحوال، الاحتجاجات الأخيرة أفرزت وضعية استثنائية لابد من التعامل معها من هذا المنطلق، على اعتبار أن كل الذين خرجوا للاحتجاج أقدموا على عمليات تخريب تفاوتت في حجمها، وعليه فإن الأمر متروك لحكمة القضاء في إدانة المعتدين وإطلاق سراح الأبرياء''. هكذا بدا جليا أن القضاء الجزائري واقع في معضلة، في طريقة التعامل مع المحتجين، بالنظر إلى صعوبة إثبات الدلائل القاطعة على المتهمين بالتخريب والسرقة، وعليه فإن الملاحظين يرجحون التعامل بشدة مع ذوي السوابق العدلية، خاصة ممن ثبتت في حقهم عمليات السرقة، في حين يتم إطلاق سراح كل الذين واجهوا مشكلات مع العدالة لأول مرة·