لم نسمع من الحكومات العربية، من المحيط إلى الخليج، كلمة واحدة عن الأحداث في تونس طيلة شهر كامل· واستمر الصمت بعد سقوط الرئيس زين العابدين بن علي· ومن القنوات التلفزيونية من يخيل إليك وأنت تتابع برامجها أن زين العابدين لا يزال هو حاكم تونس· كل ذلك طبيعي من أنظمة تفترش التبن، كما يقال· ما حدث في تونس، وما يحدث، هو المثال الوحيد الذي يجب تجنبه· والدرس الوحيد الذي يجب أن يحفظ من جانب واحد: كيفية تجنبه· ومع ذلك فإن دولة عربية صغيرة، لا يجوز وصفها بالديمقراطية إلا تجاوزا، ولا يحفظ عنها أنها مثال في احترام حقوق الإنسان واحترام الحريات، إنها دولة قطر·· أبدت موقفا واضحا إلى جانب إرادة الشعب التونسي· قد لا تكون هي الأخيرة، وقد تصرح الحكومات العربية بعد دراسة الأمر وتمحيصه، كما صرحت الجامعة العربية·· ولكن يبقى أن قطر كانت سباقة حتى قبل مواقف عدد كبير جدا من الدول الغربية· ما الذي يجعل هذه الدولة الصغيرة تسارع إلى إعلان موقف لا يختلف كثيرا عن موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية وسط عالم عربي لا يؤمن بالحريات وإرادة الشعوب· صحيح أن دولة قطر أظهرت في السنوات الماضية نوعا من التفرد في سياستها الخارجية مقارنة بباقي الدول العربية، وصحيح أن قطر استفردت، ولسنوات بالوسيلة الإعلامية الأكثر انتشارا في العالم العربي، قناة الجزيرة·· ولكن استفرادها هذه المرة اتجاه الأحداث في تونس، يدعو فعلا إلى الإعجاب بهذا النضج السياسي وهذه الديناميكية الديبلوماسية وتلك الاستقلالية عن القوى العربية الجهوية، مثل مصر والعربية السعودية· فقد ينظر المصريون والسعوديون إلى الموقف القطري كعامل تحريض لبقية الشعوب العربية للنهوض والثورة اقتداء بالشعب التونسي· ولا تسل عن نظرة السعوديين وهم يستقبلون زين العابدين بن علي ويحيطونه بالحماية التي رفضتها فرنسا وربما دولا غربية أخرى· بل إن السعودية تعرف وتعرف أن قطر تعرف بأن زين العابدين اختار عن قصد ودراسة العربية السعودية لأنه يخشى إن هو احتمى بدولة غربية أن يحاكم فيها بمجرد تقدم تونسي واحد بشكوى واحدة· ولكن هناك قراءة أخرى اقترحها علينا الصديق نور الدين عزوز· قال: إن الدولة القطرية، ومنذ فوزها بتنظيم كأس العالم لسنة ,2022 وضعت نفسها ضمن ما يمكن أن نسميه الأجندة الغربية· فهي تحرص أن تكون في المستوى السياسي والاقتصادي وخاصة الديبلوماسي الذي يفرضها مركزها· ويجب أن يتوقع منها، من الآن، فصاعدا مثل هذا الموقف الذي يعتبره الغرب من طبيعته، وتعتبره قطر من واجبها، وتعتبره الشعوب العربية تقدميا·