يقول العلماء والفقهاء والحكماء إن حرق النفس حرام وغير لائق ولا جائز ويدعون الشعب ''المخبول'' إلى التظاهر بطرق أكثر تحضرا من النار.. قال حماري وهو يتأمل هذه الفتاوى.. نعم معهم الحق فالحرام حرام.. ولكن لماذا لم نسمع عن علماء وفقهاء وحكماء يحرمون على الحكام جورهم وظلمهم ويدعوهم إلى أن ''يخزيو الشيطان'' ويتقون الله في شعوبهم.. قلت له ضاحكا.. يا حمار الدنيا مع الواقف و''الطايح'' لا أحد ينظر إليه.. أصبحت الفتوى عند البعض ضربا من ضروب التملق والمجاملة للحكام.. قال ناهقا.. يا سبحان الله في كل الحالات الشعب هو المخطئ.. حرق أم لم يحرق.. غضب أم لم يغضب.. فهو الغالط.. والحاكم دائما هو صاحب العقل والصواب وكل ما يفعله هي ''الحكمة''.. قلت له أيها الحمار لماذا ترهق نفسك في التحليل والكلام.. فنحن نقضي القسم الأول من الحياة في اشتهاء القسم الثاني، وينقضي القسم الثاني في التأسف على القسم الأول.. قهقه حماري عاليا وقال.. ولكن ليس للحياة قيمة إلا إن وجد فيها شيئا نناضل من أجله.. ضربت كفي.. وهززت رأسي وقلت له.. فعلا أنت عنيد وتحب المشاكل.. قاطعني صارخا.. لو كنت كذلك لأحرقت نفسي أنا أيضا.. قلت له.. احرق ومن مسكك؟ قال.. لأنني متأكد من شيء واحد فقط هو أنه عندما لا ندري ما هي الحياة كيف نعرف ما هو الموت؟ قلت له كفاك فلسفة، الحياة كلها مجرد بصلة، نقشرها طبقة طبقة في كل مرة، وفي بعض الأحيان نبكي..