الحريريون في لبنان فقدوا حسهم الحريري وخرجوا محتجين؛ يتظاهرون، يقطعون الطرقات ويطلقون النار، منددين بحزب الله· إنهم عازمون على مواصلة تحركاتهم ''حتى يعود الحق لأصحابه''· والحق في نظر هؤلاء هو بقاء ''سعد الحريري'' على رأس الطائفة السنية، ذلك أنهم لن يرضوا بأن ''يعيّن لهم خصومهم غيره ممثلا لهم''· ولفظة (غيره) لا تعني سوى النائب ''نجيب ميقاتي'' الذي وصل إلى البرلمان ضمن تحالف مع الحريري، وها هو اليوم ينافس الحريري دستوريا وينتصر عليه، بعدما حصل أمس على تأييد غالبية أصوات النواب لتسميته رئيسا للحكومة اللبنانية· الحكومة محتكرة للطائفة السنّية بمقتضى اتفاق الطائف· والطائفة السنية محتكرة لسعد الحريري بمقتضى اللعبة الديمقراطية· والديمقراطية يقف وراءها طرفان متناقضان؛ واشنطن بمواجهة طهران والرياض بمواجهة دمشق· ولم يبق للبنانيين إلا الشوارع واللافتات والعجلات المطاطية والشعارات الطائفية والعرقية· الحريريون يقولون باختصار: ''إننا نرفض الوصاية الفارسية ولن ننضم إلى حكومة ''ولاية الفقيه''· في الجهة الأخرى، ظهر منذ أربعة أيام الرقم الصعب في المعادلة اللبنانية، الدرزي وليد جنبلاط وأعلن وقوفه ''إلى جانب سوريا والمقاومة'' في الأزمة الحالية ببلاده، واعتبر موقفه السياسي هذا مناسبا لمواجهة هذه المرحلة وتعقيداتها وحيثياتها· إن ''جنبلاط'' إلى جانب سوريا وليس إلى جانب لبنان، وإلى جانب المقاومة وليس إلى جانب الديمقراطية· الفريق الأول ينتصر لقوى أجنبية؛ واشنطن والرياض، على حساب لبنان، وشعاره ''المحكمة الدولية'' التي تنظر في اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في فيفري 5002· هذه المحكمة التي لا يختلف إثنان أنها تخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية· الفريق الثاني جماعة ينتصرون لقوى أجنبية مضادة، طهران ودمشق وشعارهم ''المقاومة'' التي اتخذوا منها ذريعة للتسلح بغرض مواجهة إسرائيل، والواقع أنهم فعلا يواجهون إسرائيل ليس إلا خدمة لإيران وإسرائيل نفسها· أيها اللبنانيون تريدون أن تكونوا بخير··؟·· إذن انتصروا للبنان ولا تعبدوا إلا ترابها وماءها وهواءها··· تآخوا سُنة وشيعة·· مسلمين ومسيحيين·· دروزا وموارنة·· وانبذوا الأذناب المتكالبة عليكم وبكم وفيكم·· كونوا مع بيروت ضد واشنطن والرياض، كونوا مع بيروت ضد طهران ودمشق، كونوا مع بيروت البيروتية·