منذ مدة لم أرَ حماري نشيطا وحيويا بهذه الطريقة، وهذا ما دفعني للسؤال عن السبب الذي يجعله بكل هذا النشاط·· نهق عاليا وقال·· إيه الأسباب عديدة يا صديقي·· أولها حمدت الله أني من الشعب ولست حاكما يعيش ''الويل''·· وثانيها أني أول مرة أحس أن الشعوب لها قيمة تصرخ وتعبّر وتطيح بالأفاعي والثعابين قلت له ضاحكا·· من يسمعك لا يقول إنك أنت من كنت تلعن لأنك ''مواطن'' بسيط لا حول ولا قوة لك وكم تمنيت أن تحكم ليوم واحد حتى تتلذذ بالحكم وما حوله·· نهق من جديد وقال·· بدلت كلامي يا سيدي·· أنا جد سعيد بوضعي ''كشعب''·· قلت ساخرا·· لا تفرح كثيرا·· الوضع سيتغير وأنت الخاسر الوحيد·· قال·· الشعوب فعلا تخسر ولكن عندما تثور لا أحد يستطيع إيقافها يا صديقي والأدلة أمام عينيك لا تحتاج إلى أمثلة·· قلت·· لم أظن أنه سيأتي يوم وتحمد ربك على أنك من ''الغاشي'' وأنت الذي تمنيت كثيرا أن تصبح مسؤولا عظيما خاصة وأن تكوينك الثقافي والسياسي والفلسفي والحياتي يجعلونك تتقلد أعلى المناصب·· قال·· نعم أملك كل ما تقول وكم تمنيت أن أعيش ولو ليوم راعيا لا من الرعية ولكن ''ماكتبتش'' والحمد لله على ذلك وإلا كنت اليوم أندب حظي·· قلت له ضاحكا·· أعرف أيها الحمار أنك لو حكمت مسؤولية ولو بسيطة فإنك ''تخليها''·· قال مندهشا·· وكيف عرفت ذلك؟ قلت·· ''العنوان باين من بابو''·· أنت حمار سلطوي وتحب السلطة رغم فقرك وبساطتك ولكن كل هذا ستتحوّل إلى ''غول'' لو مناك الله بها يوما·· قال·· الأمر ليس كذلك ولكن الزعامة تحتاج إلى كاريزمة وشخصية وغيرها من الوجاهة·· قهقهت وقلت له·· افعل ما تشاء فقط لا تكون مثل القذافي·· ستكون الكارثة لو عرف العالم زعيما آخر مثله··