نزولا عند رغبة صديقي الحمار قررت مرافقته إلى البحر، فعلى حد قوله ''البحر يكاد ينقرض ونحن لم نذهب إليه مثل خلق الله''· قلت له·· أنت تعرف رأيي في الموضوع·· أنا لست ضد البحر وجماله وزرقته وسحره ولكن كل ما يزعجني هو الاكتظاظ غير الطبيعي وكذا الأوساخ·· ولكن أمام إصراره اللحوح قررنا الذهاب باعتبار أن الصيف قارب على المضي وغيره من الحجج·· وصلنا إلى الجهة البحرية التي اختارها حماري ''العارف بكل الأمور'' وبعد أن اتخذنا مكاننا وظللناه بشمسية استلقى على ظهره ووضع نظارته السوداء وأخذ ينظر إلى نوعية الرمل ويقول··لا باس لا باس·· قلت له ضاحكا·· من يراك تتأمل في الرمل يظن أنك خبيرا في شؤونها·· واستطردت كلامي·· هيا لماذا أنت تتبرطح هنا مثل عاجز·· ألم تقل أنك تريد البحر·· هيا تفضل وادخل إلى الماء؟؟ نظر إليّ من تحت نظارته وقال·· من قال لك أني أريد أن ''أسبح''؟؟··· لم يكن هذا قصدي من مجيئي··· أنا قلت إني أريد الذهاب إلى البحر وليس بالضرورة السباحة· نظرت إليه·· وقلت باستنكار·· ولماذا يذهب الناس إلى البحر يا غشيم·· في هذه الحرارة العالية وهذا الصيف الحار وكل ظروف النقل الصعبة التي واجهتنا منذ الصباح وحضرتك الآن لا تريد ''العوم''· نهق حماري عاليا وقال·· انظر يا صاحبي إلى هذا الكتاب·· أحضرته معي حتى أقرأه في البحر حتى أحافظ على ثقافتي وبرستيجي·· يبدو أنك لا تعرف متعة القراءة في البحر···؟؟ تركته غارقا في صفحات الكتاب·· وقلت له أعرف جيدا متعة القراءة أمام سحر البحر ولكن ليس وسط ضجيج الناس وصراخ الأطفال·· ونهضت من مكاني مسرعا لأرمي بنفسي أمام أول موجة صادفتني حتى أغرس رأسي في الرمل ولا أرى هذا الحمار المثقف!!