إن الناظر في واقع العالم اليوم، وواقع الإسلام وواقع الصحوة العالمية يبشر بأن الإسلام قادم وأن وعد الله عز وجل قد اقترب وأن ما أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله: (ثم تكون خلافة على منهاج النبوة) رواه أحمد وقال: رجاله ثقات. وآية اقتراب النصر وعلامة تحقق الوعد أنك ترى شباب الإسلام بل وكهوله ونساءه يرتقون رويداً رويداً ليصلوا إلى ''منهاج النبوة'' فها هم يقيمون دعوتهم على أصل الأصول في دعوة الأنبياء والمرسلين ألا وهو: ''توحيد الله سبحانه، والبراءة من الشرك وتحرير ولائهم لله ورسوله والمؤمنين، ومنابذة أعداء لا إله إلا الله'' و''البراءة منهم''· و الدعوة إلى التوحيد، ونشر عقيدة ''أهل السنة والجماعة'' كل ذلك يحتل مساحة شاسعة من خريطة دعوتهم، أليس هذا هو جوهر منهاج النبوة، ولبه وقطب رحاه؟ - وها هم يحيون الدعوة إلى تحكيم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما يعرض من مشكلات وقضايا· - وها هم يجددون الدعوة إلى نبذ الفرقة والاختلاف، والاعتصام بحبل الله والائتلاف بالتمسك بالسنة، والبراءة من الظلم و الطغيان· - وها هم ينفضون الغبار عنهم ويعودون إلى أخلاقهم وعبادتهم التي تلقوها من مشكاة النبوة دونما كدر ولا دَخن· وبالرغم من كل ذلك نرى الصحوة الإسلامية القائمة على الأصالة، وعلى الاقتباس من منابع ديننا الحنيف الذي حملت رسالته - والتي يريد أعداء الإسلام تجفيفها - وحفظت أمانة هذا الدين العظيم أمة القرآن الخالدة، فكان أن امتزجت به مشاعرها، وجرت في سبيله دماؤها وأصبح هو حياتها وفكرها، ومبدأها ومعادها، ونبض قلوبها· وقد تتابعت الحملات العسكرية والفكرية، للقضاء على هذا الدين الخالد وأهله، وخُيِّل إلى أعداء الإسلام أن الأمة مجتمعة قد استجابت لجهودهم وأزمعت أن تودع الإسلام إلى غير رجعة· وإذا بعلماء الأمة الربانيين يتصدون عن وعي واقتدار في كل عصرٍ ومصر لأعداء الإسلام ويبشرون الذين تسرب اليأس إلى قلوبهم بقوله تعالى: (ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) يوسف: 87 . وقوله عز وجل: (سيجعل الله بعد عسر يسرا) الطلاق: 7. وقوله سبحانه: (وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد) الشورى: 28. وقوله جل وعلا: (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون) يوسف: 21. وإذا بشباب في ريعان الصبا، وفتيات في عمر الورود في مشارق الأرض ومغاربها ينسابون من كل حدبٍ وصوب، ينضمون إلى ركب الإيمان، ينادون بالعودة إلى كتاب الله وإلى دين الله ، حاملين أنفسهم وأنفاسهم وأموالهم وأوقاتهم وزهرات شبابهم على أكفهم، باذلين ذلك كله في سبيل إعلاء كلمة الله متحملين العذاب والاضطهاد والتشريد والتنكيل واثقين بوعد الله ، موقنين بوعد الله بالنصر والتمكين· لقد تجاوبت الآفاق بأصداء دعاء جند الإيمان والتوحيد (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا) آل عمران: 193. حين ردَّدَها شباب مصر واليمن وتركيا وباكستان وجزيرة العرب والشام، والجزائر وتونس والسودان، وفلسطين ولبنان وسائر أنحاء ديار الإسلام، بل في أعماق أوروبا وأمريكا، وراحوا ينهلون من كتاب الله سبحانه، وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وقد وجهوا قلوبهم ووجوههم شطر البيت العتيق، وولوا ظهورهم لكل ما هو بعيد عن الشرع والدين· لقد أذهلت الصحوة الإسلامية العالم أجمع شرقيه وغربيه عربيه وأعجميه، فأخذت التصريحات والحملات والمخططات تتوالى لوأد الصحوة، والقضاء على أنفاسها· ولكن هيهات أن ينال أعداء الإسلام من هذا الدين الخالد، وهيهات أن يسيطروا على أتباعه، أو يجففوا منابعه كما يزعمون وما أكثر الإرهاصات والبشارات التي تبشر باقتراب موعود الله عز وجل الذي وعد به عباده المؤمنين، قال عز وجل: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) الصف: 9. وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (لا يذهب الليل ولا النهار حتى تعبد اللات والعزى). قالت قلت يا رسول الله، إن كنت لأظن حين أنزل الله تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) أن ذلك تام، قال: (إنه سيكون من ذلك ما شاء الله) رواه مسلم. ومما يوضح هذه البشارة: ما رواه شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها) رواه مسلم. وعن تميم بن أوس الداري عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مَدَرٍ ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزًّا يعز الله به الإسلام وذلاً يذل به الكفر) رواه الإمام أحمد. ويظهر لك شدة خوف أعداء الإسلام من الصحوة الإسلامية المتنامية، من خلال صرخاتهم وآناتهم واستغاثاتهم، ويظهر لك من هلعهم اقتراب نهايتهم، وفريق منهم يتحدث بلسان المنصف بعد دراسة متعمقة ومعرفة عن قرب لحقيقة الإسلام، وطبائع المسلمين وعقائدهم، فمن أقوال أولاء وأولئك ننقل لكم ما يفهم منه لا محالة أن المستقبل للإسلام· هذا بن غوريون يرتجف ويقول: (نحن لا نخشى الاشتراكيات، ولا الثوريات، ولا الديمقراطيات في المنطقة، نحن فقط نخشى الإسلام، هذا المارد الذي نام طويلاً، وبدأ يتململ من جديد) - وهذا ''شعيا بومان''، وهو كاتب يهودي، يصيح في هلع وفَزع: (إن على أوروبا أن تظل خائفة من الإسلام، ذلك الدين الذي ظهر في مكة، لم يضعف من الناحية العددية، بل هو في ازدياد واتساع، ثم إن الإسلام ليس ديناً فحسب، بل إن من أهم أركانه الجهاد، وهذا ما يجب أن تتنبه له أوربا جيدًا). (ويقول المستشرق ''شاتلي'': إذا أردتم أن تغزو الإسلام، وتخضوا شوكته، وتقضوا على هذه العقيدة التي قضت على كل العقائد السابقة واللاحقة لها، والتي كانت السبب الأول والرئيسي لاعتزاز المسلمين وشموخهم، وسبب سيادتهم وغزوهم للعالم، عليكم أن توجهوا جهود هدمكم إلى نفوس الشباب المسلم والأمة الإسلامية بإماتة روح الاعتزاز بماضيهم، وكتابهم القرآن، وتحويلهم عن كل ذلك بواسطة نشر ثقافتكم وتاريخكم، ونشر روح الإباحية، وتوفير عوامل الهدم المعنوي، وحتى لو لم نجد إلا المغفلين منهم والسذج البسطاء لكفانا ذلك، لأن الشجرة يجب أن يتسبب لها في القطع أحد أغصانها. وغير ذلك من الأقوال والصيحات التي تستشعر قرب الانهزام أمام الإسلام، والتي لا تجد لها تفسيرًا إلا أن المستقبل للإسلام· أرق نفسك بنفسك وتداوى الطب البديل بداية الرقية الإقرار بأن الله القادر والشافي: خلق الله عز وجل الإنسان ونفخ فيه من روحه الزكية، وجعل الروح جوهر الحياة والجسد وعاء حافظا لها إلى أجل مسمى، مقيدا قدرتها على الانطلاق والتحليق في آفاق الكون· وقد انفرد الحق عز وجل بالكمال المطلق وكتب على خلقه النقص في الأموال والأنفس والثمرات لأسرار اقتضتها حكمته وخبرته وكمال علمه· والإنسان وهو روح وجسد تعتريه الأمراض النفسية من قلق واكتئاب واضطراب وتذبذب في الشعور والإدراك ووسوسة تفرز التردد والشكوك والانهيار النفسي وكذا السحر والعين وما يليهما· لمن كان له قلب التفكر في حقارة الدنيا وتعظيم حرمات الله التفكر في حقارة الدنيا حتى يزول التعلق بها من قلب العبد، قال الله تعالى: (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن مطعم ابن آدم قد ضرب للدنيا مثلاً، فانظر ما يخرج من ابن آدم وإن قزحه وملحه، قد علم إلى ما يصير) رواه الطبراني· وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه أو علماً أو متعلماً) رواه ابن ماجه· ومن الأمور المجددة للإيمان في القلب: تعظيم حرمات الله، يقول الله تعالى: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) الحج: الآية 32· وحرمات الله هي حقوق الله سبحانه وتعالى، وقد تكون في الأشخاص وقد تكون في الأمكنة وقد تكون في الأزمنة، فمن تعظيم حرمات الله في الأشخاص القيام بحق الرسول صلى الله عليه وسلم مثلاً، ومن تعظيم شعائر الله في الأمكنة تعظيم الحرم مثلاً، ومن تعظيم شعائر الله في الأزمنة تعظيم شهر رمضان مثلاً: (ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) الحج: الآية30، ومن التعظيم لحرمات الله عدم احتقار الصغائر وقد روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه)· وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلاً كمثل قوم نزلوا أرض فلاة فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود، والرجل يجيء بالعود، حتى جمعوا سواداً فأججوا ناراً وأنضجوا ما قذفوا فيها رواه أحمد· خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى، واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى، لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى· إن من الشعر لحكمة في بلدٍ أفكارُه منكوسة تُثقلُه بصائرُ مطموسة يقدسون الكلبَ والخنزيرَ ويبصرونَ غيرَهم حقيرا ما عرفوا اللهَ بطرفِ ساعة وما استعدوا لقيامِ الساعة فهم قطيعُ كشويهاتِ الغنم جدٌ وهزلٌ وضياعٌ ونغم السنة منهاجنا قال حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم: (ما من نبي إلا قد رعى غنما) قيل وأنت يا رسول الله قال: (وأنا) موطأ الإمام مالك قرآننا شفاؤنا قال تعالى: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سورة النور: الآية 24 الله قريب مجيب (اللهم إني أعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، اللهم لا أستطيع ثناءً عليك ولو حرصت ولكن أنت كما أثنيت على نفسك) آمين يا قريب يا مجيب..