النتائج التي أفضى إليها الإستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية في مصر، في التاسع عشر من مارس الجاري، دفعت قطاعات واسعة من الفئة المصوتة ب ''لا'' للتعديلات، وعدد آخر من الكتاب إلى الركون للإحباط والتفرغ لصناعة ''الرهبة والخوف'' من المرحلة المقبلة، باعتبار أن ال 77% التي وافقت على ''التعديلات'' هي ''كتلة'' واحدة وقوية تتمثل في الإسلاميين· والواقع أن هذه ليست الحقيقة المطلقة في التحليل الموضوعي للمشهد، وإن كان جزء منها واقعيا من حيث أن ''الإخوان المسلمين والسلفيين'' قد شحدوا كل قوتهم من أجل دعوة الناخبين للتصويت ب ''نعم'' واستخدموا من أجل ذلك كل المنابر بما في ذلك المساجد وخطب الجمعة السابقة للإستفتاء، معتبرين أن رفض التعديلات قد يفضي إلى صياغة ''دستور جديد'' يسقط المادة الثانية الناصة على إعتبار ''الشريعة الإسلامية مصدرا رئيسيا للتشريع''· إلا أن كل ذلك لا يمكن أن يؤكد أن المصوتين بنعم يمثلون كتلة واحدة، أو أنهم إسلاميون أو موالون للتيار الديني، وذلك لعدة أسباب، حيث أن هناك قوى سياسية كفلول ''الحزب الوطني'' دعت إلى التصويت بنعم مثلا، وهي كتلة تصويتية لا ينبغي الإستهانة بها، وهي بأي حال من الأحوال ليست موالية أو متوافقة مع التيار الديني الإسلامي· كما أن هناك قواعد شعبية لا تدين بولاء لأي تيار سياسي، إلا أن تداعيات ''الثورة الشعبية'' قد أثرت سلبا على مصالحها الاقتصادية وحياتها اليومية، سيما سكان الأحياء الشعبية، والعمال اليوميين (الأجراء) الذين تعطلت مصادر رزقهم، ويبحثون عن أي وسيلة للخلاص من الحالة الانتقالية القائمة، وبالتالي يعتقدون أن الانتقال إلى انتخاب المجالس التشريعية لا يتم إلا بالموافقة على الدستور الحالي من أجل تجاوز الحالة السائدة التي تتميز بالركود، حسب رأيهم· وهو الموقف ذاته الذي تتخذه طبقة أخرى مغايرة، وهي ما يصطلح عليها ''الرأسمالية الوطنية''، وهي طبقة أخرى متضررة من ''الحالة القائمة''، وإن لم تكن متضررة من الثورة ككل، فهي تسعى إلى تجاوز الحالة الراهنة، من أجل إعادة جذب رؤوس الأموال، وافتتاح البورصة وعودة الحياة الاقتصادية لانتعاشها الطبيعي في سبيل تعويض الخسائر الفادحة التي تعرض لها المجال الاقتصادي / والاستثماري بوجه خاص·· ومع اختلاف النتائج التي ستحققها الطبقتان السابقتان، فإن آليات تطبيقهما بدت واحدة وهي التصويت بنعم من أجل الإسراع من وتيرة التحوّل· وهناك ثمة من يضيف إلى ذلك ''الثقافة المجتمعية / أو السياسية'' التي ظلت سائدة لستة عقود في البلاد، وشكلت نوعا من الفرضية القائمة على أن مفردة ''نعم'' هي النتيجة الطبيعية لأي استحقاق يستفتى فيه الشعب، وهذا العامل بالرغم من محدوديته خاصة بعد الثورة التي قلبت موازين ''الفرضيات السابقة''، فإن البعض يصر على إيراده كجزء من حقيقة بعض القطاعات المصرية التي شاركت في الاستفتاء· لكن ما ينبغي الاهتمام به في هذا الصدد هو الفترة الفاصلة بين إتمام اللجنة المكلفة بالتعديلات لعملها، وبين تنظيم الاستفتاء، وهي فترة محدودة وقصيرة للغاية لم تمكن الأحزاب المعارضة والشخصيات المرشحة للانتخابات الرئاسية، فضلا عن تجمعات شباب الثورة، من قيادة حملة دعائية واسعة، سيما وأن هذه الحملة تحتاج إلى إمكانات مادية باهظة وخبرة عملية واسعة، وهو ما لم يكن متوفرا -على الأقل لشباب الثورة - بينما كان متاحا أمام ''الإخوان'' لتجاربهم الطويلة في هذا المجال· كل ذلك إنما يشير إلى أن ''عمليات صناعة الخوف والرهبة'' القائمة الآن، إنما هي جزء من الدعاية الانتخابية للجهات المستفيدة من مثل هذه العمليات التي ستنتج حتما في حال نجاحها ''إحباطاً وتراجعا من قبل الفئات التي صنعت الثورة لصالح تيارات دينية ظلت لصيقة الصلة بالنظام السابق وعلى رأسها السلفيون الذين ما فتئى شيوخهم يؤكدون صلتهم الطبيعية والعضوية من أجهزة النظام المنهار''· وبالتالي، فإن أمام الفئات المستنيرة جميعها (من شباب 25 يناير وأحزاب المعارضة والشخصيات الوطنية) مهام عدة خلال الأشهر القادمة أهمها ''تطليق أجواء الرهبة والإحباط'' من النتيجة، حيث لا وقت للوقوف طويلا أمام ال ''نعم''، والسعي نحو ابتكار الوسائل المناسبة للحملات الانتخابية المضادة· ------------------------------------------------------------------- في تظاهرة شارك فيها ناشطون وأئمة مساجد : الإعلاميون المصريون يثورون ضد فساد ماسبيرو نظم نحو 2000 من العاملين باتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري ، بالاشتراك مع نشطاء سياسيين ومواطنين، وقفة احتجاجية أمام مبنى التلفزيون (ماسبيرو ) للمطالبة بإقالة من أسموهم برموز الفساد بالتلفزيون المصري، وإقالة رؤساء تحرير الصحف القومية، وإقالة المحافظين· وردد المتظاهرون''عايزين تليفزيون مصر وانتهاء تلفزيون القصر''، ''الشعب يريد تطهير الإعلام، ولا الحزب ولا إعلامه ولا فلوله ولا أتباعه''· انطلقت المظاهرة بعد أداء صلاة الجمعة بالمسجد الذى يقع خلف مبنى ماسبيرو، وخطب فى المتظاهرين الداعية صفوت حجازى، والذى أكد فى خطبته على عدة مطالب موجهة للمجلس العسكرى ورئيس الوزراء الدكتور عصام شرف، على رأسها رحيل رموز الفساد بالتليفزيون المصرى، وإقالة رؤساء الصحف القومية وإقالة الرؤساء الفاسدين بالجامعات المصرية، مديناً ما حدث لطلبة الإعلام خلال تظاهرهم للمطالبة بإقالة سامى عبد العزيز الذى أكد أنه المخطط الأول لكل الحملات الإعلامية للرئيس السابق محمد حسنى مبارك والحزب الوطنى المتمثلة فى شعاراته ''الفكر الجديد·· ومن أجلك أنت''، قائلا لم نأتِ للاعتصام أو خلق ميدان تحرير آخر، وإنما لوقفة سلمية لن نعطل بها المرور فأسرعوا الخطيب· وقال حجازى أن الثورة لم تنتهِ بعد، قائلا جئنا اليوم لنذكر المسؤولين والمجلس العسكرى بمطالبنا، موجهاً حديثه للمجلس العسكرى قائلا ارتضينا بكم وما زلنا·· لكنكم تكاسلتم بعض الشىء·· فلا يزال فى مبنى ماسبيرو أباطرة الفساد الذين جعلوا من مبارك إلهاً·· فلا نريد للإعلام أن يكون هدفاً أو وسيلة لخلق ثورة مضادة، والشعب قال سابقاً نريد إسقاط النظام، إلا أنه لم يسقط سوى البعض، ولا يزال البعض الآخر قائماً، ورأى حجازى أن تطهير ماسبيرو ليس بإقالة وزير الإعلام فقط، إنما بإقالة رؤساء القنوات والمذيعين الذين حرضوا ضد الثورة، وكذلك البرامج التى حرضت على كراهية مصر· وقال حجازى موجهاً حديثه لرؤساء الصحف القومية اتقوا اللهب، مشيرا إلى أن النفاق لا يزال يقطر من دمائهم فيسقطون فى كل الأحوال، قائلا اجئنا لننزع هؤلاء كما خلعنا سيدهم من قبل· وأكد حجازى على وحدة الشعب المصري مسلمين وأقباطاً وجيشاً، حيث قال إذا وصل الأمر لإشعال ثورة أخرى فإننا قادرون، ولكننا لن نفعل، لأن مجلسنا العسكرى ورئيس الوزراء يتفهمون مطالبنا، ويعرفون أنها مطالب الثورة، ولن ننقلب على جيشنا فهو جيش الكرماء· وأشار إلى أن صندوق الاستفتاء لم يكن حرباً بين المسلمين والأقباط، أو المسجد والكنيسة، ولم يكن أبداً ذلك إلا فى أفكار بعض الكتاب البالية، فنحن سنظل شعباً واحداً، ولا يوجد شخص يتحدث باسم المصريين وكل شخص يتحدث باسم نفسه، مضيفاً هناك شيخ على سبيل المثال من الشيوخ فى إمبابة لا يتحدث إلا باسمه، وعندما تحدث قامت الدنيا ولم تقعد، وفى المقابل يتكلم نائب رئيس الوزراء ولم يحاسبه أحد، وأقول للصحفيين لماذا تهاجمون الإسلام فأنا إسلامى، ولن نسمح بإهانة الإسلام· وعن واقعة الاعتداء على الدكتور محمد البرادعى، قال حجازى إن من اعتدى عليه هم نواب وميليشيات الحزب الوطني·