أخيرا، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، منذ سنوات طويلة، أقر المجلس الشعبي الوطني اقتراح لائحة لإنشاء لجنة تحقيق في ندرة المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، حولها إلى لجنة المالية والميزانية· لجنة التحقيق هذه التي اقترحها نواب الأفلان ستتطرق بلا شك إلى الأحداث التي اندلعت في جانفي الماضي بسبب ارتفاع أسعار الزيت والسكر، وإلى خلفياتها، وإن كانت هذه اللجنة جاءت متأخرة عن الحدث بأكثر من ثلاثة أشهر، وحدد لإعطاء نتائجها مدة 6 أشهر قابلة للتمديد بشهرين، إذا لم يستطع النواب المحققون الوصول إلى نتائج ملموسة· المبادرة جيدة، بل ومفرحة، لأنها تقول لنا إن البرلمان يتحرك من أجل الصالح العام للمواطن المستهلك، غير أنها تطرح علامات استفهام كثيرة بشأنها، أهمها أن هذا البرلمان ذا الأغلبية البرلمانية المنتمية إلى أحزاب التحالف الرئاسي، لم يسأل الحكومة ذات الأغلبية الوزارية من التحالف الرئاسي، منذ بداية الأزمة إلى يومنا هذا، عن خلفيات ما حدث· وزير التجارة قال إن ارتفاع أسعار الزيت والسكر كان سببه ارتفاع أسعارها في السوق الدولية، وهو ما أكده وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، ومن ثم كان قرار المجلس الوزاري المشترك بأن تخفض بعض الضرائب على المستوردين وبائعي الجملة لتسقيف الأسعار، وبعدهما أكد الوزير الأول أن ما حدث نتيجة تحالف المافيا المالية مع بارونات التجارة الموازية، وأن الحكومة اضطرت لهدنة اقتضتها مصلحة البلاد· ما الذي يمكنه أن يضيفه 15 نائبا تضمه هذه اللجنة؟ هل ستحقق مع تجار الجملة الذين لا يملكون سجلات تجارية والذين يعملون دون فوترة والذين يدفعون نقدا؟ أم ستحقق مع بارونات الاستيراد الذين استفادوا من الإعفاءات الضريبية؟ أم مع تجار الأرصفة؟ لا أعتقد أن ذلك ممكن، ولكن بإمكانهم، وهم نواب التحالف، مساءلة حكومة التحالف·