اسمه محمود·· محمود كذا، بمعنى أن لديه لقبا عائليا، لكن الناس ينادونه أحمد اليدوي· يقال أنه كان خبيرا في تعديل كل الأشياء فيجعلها تؤدي وظائف غير التي أنشئت من أجلها: ''خذها·· إنها دراجة جيدة·· فقط انتبه أن المكابح هي في الواقع الدواسات وأن الدواسات هي في الواقع كذا وكذا''· هذه إحدى عبارات محمود اليدوي الذي أصبح بقدرة قادر شيخ بلدية، وقد أساء التصرف لعدة مرات فجاء كثير من الناس وطالبوا بعزله· لكن محمود الفاشل في إدارة البلدية كان أنجح خلق الله في تفريق الاحتجاجات باستعمال يديه الضخمتين· إنه يخرج من وظيفة قائد مجلس شعبي منتخب، إلى قائد فرقة تدخّل سريع· قال له رجل درك ذات مرة: ''لا تفعل هذا مجددا·· إن لدى الدولة أشخاصا مدربين على التدخل السريع وأنت·· أنت ما عليك إلا أن تتدرب على تسيير شؤون بلديتك·· على كل واحد يا محمود أن يؤدي الوظيفة الموكلة له·· كف عن أن تكون يدويا''·· محمود يسكن في بيت استأجرته له شركة كان يشتغل بها، لكنه نجح في الاستيلاء على هذا البيت· وعندما صار شيخ بلدية حاول تسوية الوضع القانوني لبيته، فلم يحالفه التوفيق، فاهتدى إلى فكرة شيطانية· لقد اشترى كل قطع الأرض المحيطة بمسكنه وصار يملك كل ما يحيط به، لكن الأرض التي يضع عليها سرير نومه ليست ملكه·· يا إلهي أيعقل هذا··!!·· لمحمود فضائل شتى، فهو رجل متدين ومهتم بالأعمال الخيرية، أقام مهرجانات تضامنية عديدة، مع أهالي قطاع غزة الذين تقطع عنهم إسرائيل الكهرباء·· لقد أقام تلك المهرجانات بينما كانت الكهرباء مقطوعة على أهالي بلديته· لكنه فعلا رجل متدين وهو مستعد أن ينمي ثروته بكل الطرق إيمانا منه بأن ''المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف''، لكن بغض النظر عن شرعية هذه القوة ومصدرها· أما حكاية الأعمال الخيرية، فهي محور فلسفته في التسيير· إنه يوزع السكنات على المواطنين ليحصل على حسنات من الله تضاف إلى رصيده ثم يدخل الجنة بعد ذلك· ويستعمل عبارات من قبيل: ''هؤلاء سنعينهم على قضاء أمورهم الدنوية''، أو''إن هذا الرجل يستحق كل خير وسنعمل على فك كربته''·· و·· و·· تلك هي العبارات الأكثر ترددا في قاموسه· زملاء ''إسماعيل كيكي''، الفلاح المواظب على عمله، احتجوا أمام مكتب شيخ البلدية هذا، فحصلوا على محضر تنصيب، ثم عادوا للاحتجاج مرة أخرى، وطالبوا بحضور مسؤول عن ''العامة للامتيازات الفلاحية''، الشركة التي تشرف على مشروعهم الاستصلاحي· لكن شيخ البلدية أخرجهم بالقوة مستعملا كالعادة ساعديه القويين قائلا لهم: ''اخرجوا من عندي·· واذهبوا حيث شئتم··''·· لكن جماعة الفلاحين لم تتوقف عن الاحتجاج ولو بطريقتها الخاصة· لقد امتلك الفلاحين الغضب الشديد فاشتروا مكانس، وصاروا يكنسون كل شيء أمامهم·· كنسوا ساحة البلدية وكنسوا الأرصفة·· وانضم إليهم شباب آخرون معجبون بمهنة الكنس·· في نهاية اليوم بدأ الفلاحون يدونون (كتاب الكنس) فكانت هذه الفقرات: المادة الأولى: المكنسة ليست أداة·· المكنسة فكرة·· المادة الثانية: وراء كل رجل عظيم مكنسة·· المادة الثالثة: من يريد منكم أن يطيح بالمير، فليكنس أمام منزله·· وهكذا·· وهكذا··· يتبع··