إذا كانت لجنة التحقيق الجامعية التي أوكلت لها مهمة النظر في الفضيحة العلمية للدكتور الطاهر بن خرف الله الذي سلخ رسالة دكتوراه من كتاب آخر، لم تصدر نتائجها بعد، فإن الملتقى الذي نظم أمس حول الكتاب الأكاديمي في الجزائر خرج بإجماع واحد، هو أن ''الكثير من الأطروحات والمذكرات والدارسات الجامعية منقول''، لا سيما من خلال التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال، ناهيك عن ''كون نصف هذه الأطروحات ضعيف المستوى''، مما يفسر العدد الضئيل للمنشورات الجامعية· وترى الجامعيتان مريم بجاوي وفاطمة الزهراء فرشولي أن تكنولوجيات الإعلام والاتصال، لاسيما الاتصال سمحت بنشر سريع للمعارف والكشف عن الأبحاث ذات المستوى ''الضعيف'' و''المنقولة'' والمترجمة عن طريق برمجيات الترجمة. واعتبرت الأستاذة مريم بجاوي أن هناك الكثير من الأبحاث الجيدة التي لقيت وعودا بنشرها ولكنها ''لم تنشر أبدا'' بسبب غياب الإرادة والتشجيع. من جهتها أشارت الأستاذة فاطمة الزهراء فرشولي مختصة في الأدب النسوي إلى تقلص الأعمال الأكاديمية على مستوى السوق بسبب ''الفوضى السائدة في دور النشر الجزائرية''. أما أستاذة الأدب المقارن مليكة بن بوزة فتطرقت إلى السبل الكفيلة بإيصال الكتاب الأكاديمي إلى جمهور أوسع الذي تراجع أمام الكتب التجارية، مبرزة دور وسائل الإعلام والإنترنيت والجامعات في ترقية الكتاب الأكاديمي، إضافة إلى مراجعة أسعار الكتب الأكاديمية التي تعتبرها مرتفعة. ويرى المتدخلون أن التنافسية والتطور في بلد ما يتوقفان على قدرته على الإنتاج والابتكار في مجال المعلومات، من حيث إن المعرفة تعد المفتاح الرئيسي للنمو الاقتصادي المحقق بفضل الكفاءات. واعتبر الأستاذ فوزي عبد الرزاق من العراق ومدير دار نشر أن ''الكتاب الرقمي له مستقبل واعد''، نظرا لتأثير الثروة الرقمية على عالم النشر. وكانت ''الجزائر نيوز'' قد فجرت في ماي الماضي، قنبلة ثقيلة في الوسط الجامعي والعلمي، حين كشفت عن السرقة العلمية التي اقترفها ''الدكتور'' الطاهر بن خرف الله الأستاذ بمعهد علوم الاتصال والإعلام، حين سلخ سلخا رسالته الدكتوراه من كتاب الدكتورة مايسه الجمل ''النخب السياسية في مصر''، وقد مست السرقة العلمية كامل الجزء النظري والتأسيس لإشكالية البحث. وقد أكد مدير المدرسة العليا للصحافة وعلوم الإعلام الدكتور ابراهيم براهيمي وقتها ''إن قضية السرقات العلمية داخل الجامعة الجزائرية ليست جديدة، حيث شهدت هذه الأخيرة كثيرا من الحالات التي لم يكشف إلا عن القليل منها''، محملا مسؤوليّة الوضع الذي آلت إليه الجامعة إلى مرحلة الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، حيث كان الالتحاق بالجامعة يتم دون الحصول على بكالوريا، وبمسابقات مزوّرة، ما أدى إلى تفشي ظاهرة خطيرة جدّا، خاصّة في كليّات الحقوق والإعلام والعلوم السياسية، وهي وجود عدد كبير من الأساتذة والدكاترة دون شهادة بكالوريا، بعضهم عمداء كليّات ورؤساء جامعات. ماهي حدود التهميش في البحث العلمي؟ في ذات السياق، نبه أحد القراء ''الجزائر نيوز'' إلى تشابه غريب يلامس السرقة الأدبية بين مقال للصحفي الخير شوار صدر له، منذ سنوات، في جريدة الشرق الأوسط بعنوان ''كتّاب الضواحي'' الجزائريون يكسرون عزلتهم بالتمرد والانترنت: كل ما هو خارج العاصمة لا يستحق الضوء''، وبين بحث للأستاذ سعادة لعلى من قسم الآداب بجامعة محمد خيضر ببسكرة، نشره مؤخرا على موقع الجامعة تحت عنوان: أدب الهامش نغمة للغناء وأخرى للبكاء. وفي هذا المقال، ينبه القارئ إلى أن الأستاذ سعادة سلخ معظم فقرات مقال الصحفي الخير شوار وضمنها مقاله. ولئن كان الأستاذ قد همش لما أخذه عن الصحفي شوار، وهنا تطرح إشكالية إلى أي حد يمكن الاستفادة والاقتباس من غيرنا دون أن نضر بأصالة البحث؟، فإنه أخذ مصطلح أدب العاصمة و''أدب الضواحي'' وتبناه دون تهميش لصحابه، على الرغم من أن المصطلحين أساس الإشكالية التي يطرحها موضوع أدب الهامش في الجزائر. والمشتغلون على البحث العلمي يجمعون على أن أصالة التأسيس للبحث هي أصالة البحث في حد ذاته.