تحصي منطقة القبائل منذ ست سنوات حسب مصادر أمنية اختطاف مواطن واحد كل أسبوع، وزادت حدّته بعد أن غادرت قوات الدرك الوطني منطقة القبائل تحت ضغط الشارع المحلي، ليصل عدد المختطفين بمنطقة القبائل إلى 365 شخص منذ أول أمس باختطاف أحد أطباء تالة بونان في بني دوالة· لم تجد السلطات المحلية بمنطقة القبائل حلا نهائيا لظاهرة الاختطافات التي أصبحت تنفرد بها دون غيرها من مناطق البلاد، سوى من خلال تكاثف جهود السكان وتنظيم المسيرات ضد الجماعات الإرهابية والمافيوية التي أصبحت تكرّس لمصدر مالي جديد، من خلال اختطاف أبناء وذوي الثروة، هذا فضلا عن نصب حواجز بين الفينة والأخرى في مناطق متفرقة من منطقة القبائل، لابتزاز السائقين والعائلات على الطرقات· هذا الوضع جعل العديد من العائلات بمنطقة تيزي وزو، باعتبارها المدينة الأكثر تضررا من الاختطافات، تزيل نهائيا مظاهر الثراء، وهناك حتى من غيّر من نشاطاته التجارية أو حوّلها إلى خارج الولاية، حسب مصادر محلية· واستحدث السكان آليات دفاع جماعية اجتماعية لإنهاء الظاهرة، كالمسيرات والتهديد بالتسلح والتوغل في جبال وغابات المنطقة من أجل تحرير المختطفين الذين أوقعت بهم الجماعات الإرهابية، إلا أن التحدي الاجتماعي الكبير، يبدو أنه لم يثمر بالشكل المأمول، على اعتبار أن تسجيل معدل اختطاف واحد كل أسبوع -حسب آخر الإحصاء- يعكس هول الوضع الأمني في المنطقة، خاصة وأن الظاهرة لم تعد من اختصاص الجماعات الإرهابية الباحثة وراء التموين والدعم، بل أصبح ممارسا حتى من مجموعات الأشرار وقطاع الطرق الذين حاولوا إيهام الرأي العام بأن بعض الاختطافات كانت من إنجاز مجموعات إرهابية، خاصة بعد انسحاب الدرك من المنطقة بعد أحداث .2001 وإذا كان الوضع الأمني في منطقة القبائل يعرف تصعيدا من فترة لأخرى من بقايا الجماعة السلفية للدعوة والقتال (قاعدة المغرب الإسلامي)، فإن ''مافيا البشر''، أصبحت تضع ولايات من منطقة القبائل، خاصة تيزي وزو، في ريادة ولايات الجريمة المنظمة، وهو ما عبّر عنه صراحة المدير العام عبد الغني الهامل في ماي الفارط لدى زيارته تيزي وزو، واعدا بتوفير ''تغطية أمنية شاملة لمنطقة القبائل، فعمليات الاختطاف محصورة بين الإرهاب والمافيا''، موضحا أن ''عمليات الاختطاف التي تعرفها ولاية تيزي وزو بدأت تأخذ أبعادا خطيرة لعدم وجود خط فاصل بين الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية، ما صعب عملية تحديد هوية الخاطفين''· واعترف هامل، على هامش مراسيم اختتام فعاليات الأيام الإعلامية للشرطة التي احتضنتها تيزي وزو بداية الصيف الماضي، ''بصعوبة توفير الأمن لهذه المنطقة، مرجعا ذلك إلى الخصوصيات الجغرافية لتيزي وزو ذات الكثافة السكانية الكبيرة، إذ يبلغ عدد سكانها 1.6 مليون نسمة''، معلنا عن ''برنامج لتدعيم صفوف الشرطة بأعداد جديدة من الأعوان سواء على المستوى الوطني، أو ولاية تيزي وزو لتصل نسبة التغطية الأمنية إلى معدل شرطي لكل 320 مواطن''، معترفا ''بصعوبة تسيير هذا السلك عبر تيزي وزو، بسبب انتشار مختلف أشكال الجريمة المنظمة وغير المنظمة''، لكنه غير معارض لفكرة ''إنشاء مدرسة للشرطة في المنطقة في حال توفرت قطعة أرضية بها تصلح لذلك''·