تراجع، وبشكل محسوس، الإنتاج الفلاحي بقسنطينة خلال الموسم الماضي عكس السنوات الأخيرة التي احتلت فيها الولاية المراتب الأولى وطنيا·· وتأتي على رأس الأسباب التي كانت وراء التراجع الذي أقلق أهل الاختصاص التوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية وحاجة الولاية إلى جيوب عقارية لتجسيد مختلف المشاريع السكنية، الحالة التي ينتظر أن تتأزم أكثر مستقبلا والجهات المسؤولة تعتزم بناء ما لا يقل عن 12 ألف وحدة سكنية جديدة في إطار المخطط الخماسي القادم، حيث أن قسنطينة التي تتربع على مساحة فلاحية تقدر ب 198 ألف هكتار، ما هو مستغل منها في الوقت الحالي لا يتجاوز ال 130 ألف هكتار، 67 ألف منها مستغلة في زراعة القمح بنوعيه الصلب واللين، بالإضافة إلى الشعير والخرطال، وهي المساحة التي سمحت بإنتاج 4,1 مليون قنطار الموسم الفلاحي الماضي بتراجع قارب ال 600 ألف قنطار أي بنسبة 27% عكس السنة ما قبل الماضية التي جمعت فيها المصالح الفلاحية بالولاية ما يربو عن 2 مليون قنطار من مختلف الحبوب، والسبب في ذلك يعود للتوسعات الإسمنتية على حساب الأراضي الخصبة خاصة على مستوى منطقة عين اعبيد وابن باديس وعين اسمارة وعلى طول سهلي وادي بومرزوق وواد الرمال· من جهة أخرى، يعد قدم المعدات من بين الأسباب التي تقف وراء تراجع الإنتاج، حيث أن الإحصاءات الأخيرة التي قامت بها المصالح الفلاحية أظهرت بأن 80% من العتاد مستغل غير صالح للاستعمال سواء بسبب قدمه، حيث أن معظم الآلات يفوق عمرها ال 25 سنة أو أنها تتواجد في حالة عطب مستمر، يضاف لذلك سوء التسيير وتأخر عمليات البيع بالتقسيط التي أقرتها الدولة فيما يتعلق بالآلات والعتاد الفلاحي، يضاف لذلك الهجرة الجماعية من قبل الفلاحين وإمساك زمرة من اللوبيات لزمام الأمور، حيث أنها تسهر على تسيير كل ما له علاقة بتوزيع الأسمدة والحبوب، في حين يحتل الفلاح الضعيف ذيل الترتيب في قائمة الحصول على مختلف المزايا التي سخرتها الدولة ووضعت لإنجاحها آلاف الملايير· هذه الوضعية أقلقت أهل الاختصاص، وهو ما دفع بالفلاحين -حسب ما ذكر ممثل عنهم- إلى مطالبة السلطات بإعادة النظر في استراتيجية التوسع العمراني واختيار مناطق بعيدة عن الأراضي الخصبة والزراعية في بناء المدن الجديدة وتجسيد البرامج السكنية· تجدر الإشارة إلى أن قسنطينة تتوافر على حوالي 4 آلاف مزرعة 7 منها نموذجية، بالإضافة إلى 420 مستثمرة فلاحية جماعية إلى جانب حوالي 1200 أخرى فردية، بينما سمح الامتياز الفلاحي بخلق 220 مستثمرة أخرى، في حين يقدر عدد المعاهد الفلاحية المتخصصة ب 5 معاهد، وهي مؤهلات -حسب المختصين- تكفي لتكون الولاية في الصدارة لو تم استغلالها أحسن استغلال مع وضع حد للزحف العمراني على حساب الأراضي الخصبة مع وضع برنامج استعجالي لاستصلاح ال 70 ألف هكتار غير المستغلة·