ينتهي فيلم المخرجة اللبنانية نادين لبكي عند مفترق طريق، داخل مقبرة، لا يعرف موكب جنائزي أين يدفن فقيده، فالكل يسأل ''والآن إلى أين نذهب''· نادين اختارت الفرحة لتحكي الخلاف، وبدل السواد الذي توشحت به نساء القرية النائية، اختارت الغناء والرقص لتضع حدا للصراع الطائفي بين اللبنانيين، شغلت بال المتفرج الوهراني، لتمرر مشهد الصليب فوق صومعة الجامع الصغير، فيما أبقت الكنيسة على حالها· وجه نادين لبكي، على الشاشة أضفى مرحا مميزا، فهي ''آمال'' الفتاة المسحية التي تعشق ''ربيع'' وهو شاب مسلم· تعيش ''آمال'' وسط مجموعة من النساء في قرية معزولة عن العالم الخارجي بسبب ألغام تحيط بها من كل حدب وصوب، يتطوع شابان يافعان لنقل البضائع من وإلى القرية، عبر طريق ضيق من خلال دراجة نارية بدائية· تحاول الساكنة تجاوز الخوف والصراع، وبدل الدم المهدور تقرر النسوة وضع حد لاقتتال الرجال فيما بينهم، في وقت نجحن في التعايش وفهمن القصد من الحياة· كان ظاهرا أن نادين اشتغلت على فيلم عاطفي، فهي أهدت عملها إلى كل الأمهات العربيات، مسلمات ومسيحيات، لهذا اختارت أن تكون الممثلات نساء لم يمثلن من قبل، لكنهن مفعمات بالحيوية والحركة وبشاشة الوجه وخفة الدم، اعتمدت عليه لبكي لتقلب القرية رأسا على عقب· المشاهد الخارجية كانت حاضرة بقوة في فيلم لبكي، ما أعطاه نفسا حيا جميلا، خاصة وأن القرية التي صورت فيها مجريات القصة منحت فريق التصوير ألوانا وإضاءة طبيعية مناسبة· خلصت المخرجة اللبنانية، في سياق بحثها عن الحل، إلى أبعد من التعايش، بل قررت أن يصبح المسلم مسيحيا، وأن يتحول المسيحي إلى مسلم، في خطوة غير متوقعة من قبل الرجال، مرجحة أن فك النزاع يكون بتقبل الديانات السائدة في لبنان· كما جمعت المخرجة وكاتبة السيناريو بين الإمام والقس، لكن في لقطة من اللقطات، أظهرت لنا صومعة الجامع الصغير وقد وضع عليه الصليب، لنكتشف وهي تفتح زوم كاميرتها، أنها لم تضع هلالا على الكنيسة المحاذية للجامع؟ وقد انشغل الجمهور المتفاعل مع القصة، بالمواقف الهزلية والساخرة ولحظات الرقص والحيلة النسوية· جدير بالذكر أن هذا الفيلم الذي يحظى بامتيازات لا متناهية، من حيث التوزيع والاهتمام الإعلامي، أنتج بدعم من مجموعة من المؤسسات الفرنسية، على رأسها ''كنال +'' و''سيني سينما'' ومؤسسة الدوحة للأفلام، وغيرها من المؤسسات المسيحية·