خلقت الندرة الحادة في زيت السيارات الأصلي في السوق المحلية، وبالضبط على مستوى محطات نفطال التابعة للدولة، حالة من الاحتقان وسط أصحاب السيارات، تطورت مع مرور الوقت وارتفاع حدة الندرة والغش الذي يتعرض له أصحاب المركبات إلى ما لا يحمد عقباه، حيث أصبحت المحطات التي كان يقصدها المواطن في وقت سابق لتشحيم سيارته والتزود بالوقود إلى حلبة لمعارك يومية، حيث وقفت ''الجزائر نيوز''، صباح أمس، على مستوى محطة نفطال بالخروبة، على مشادات واشتباكات بالعصي وتبادل اللكمات بين عمال المحطة ومواطنين لم يتمكنوا من تشحيم محركات سياراتهم بمشاركة مديرة المحطة التي كانت تحمل بيدها عصى كبيرة استعملتها في الهجوم على أحد المواطنين تعرض لجروح على مستوى وجهه بعد دخوله عراك مع العمال قبل أن يلوذ بالفرار للنجاة بحياته· أما عن السبب الذي كان وراء الحادثة، فيتمثل في عدم تمكن المواطن من الحصول على الزيت قبل أن يدخل في مناوشات كلامية مع أحد العمال ثم مشادات فاشتباك تبادل خلاله الطرفان اللكمات ثم استعمال العصي· الحادثة التي ذكر مصدر من داخل المحطة أنها أصبحت تتكرر بشكل يومي، وصارت عادة يقف عليها كل من يزور المحطة، بالرغم من أن المسؤولية لا تقع على العمال لأنهم يشتغلون بما هو متوفر على قلته، وعند نفاذه لا يمكن استقبال الزبائن، الأمر الذي يرفض الكثير من المواطنين تقبله وعادة ما يتسبب في حوادث مؤسفة كان من المفروض ألا تسجل في بلد يحتل قائمة الدول المنتجة للمواد الطاقوية· الرشوة والمحسوبية للحصول على الزيت الأصلي في ظل الأزمة التي يعيشها سوق الزيوت في الجزائر، الكثير من أصحاب السيارات ممن تضرروا من استعمالهم للزيت المغشوش، وبعد أن كان بعضهم يلجأ للمحسوبية والرشوة من أجل قضاء حاجاتهم المستعصية، حاليا أصبحوا يعمدون لمثل هذه الطرق من أجل الحصول على زيت أصلي لمحركات سياراتهم· عبد الحكيم وهو صاحب سيارة أجرة جماعية قال ''نعم أصبحنا ندفع الرشوة ونلجأ للمحسوبية من أجل الحصول على الزيت لمحركات سياراتنا في ظل الندرة الحاصلة على مستوى المحطات والمواد المغشوشة التي تملأ الأسواق، حيث أني كنت في وقت سابق أغير زيت سيارتي مرة في الأسبوعين، أما الآن فكل يومين، حيث أني قمت بتشحيم محرك السيارات قبل يوم واحد على مستوى محطة خاصة بولاية سطيف واستعملت زيتا معبأ في دلو يحمل علامة نفطال، وبعدها انطلقت باتجاه العاصمة وقبل وصولي إليها، اشتعلت العلامة التي تفيد بنفاذ الزيت، وأنا حاليا أنتظر دوري بمحطة نفطال بالخروبة لتغييره لأن ما يباع فيها أصلي، لكن على ما يبدو أنا لن أتمكن من ذلك لأن الكمية نفذت قبل وصول دوري''· هذا، وذكر أحد عمال المحطة بالخروبة بأن طوابير طويلة وعريضة أصبحت تسجل يوميا على مستوى الوحدة الخاصة بالتشحيم بسبب الإقبال الكبير للمواطنين عليها لأنها مضمونة عكس ما يباع في الأسواق التي لم نستطع، يضيف ذات المتحدث، التحكم فيها لأن الكمية التي نحصل عليها يوميا محدودة، بينما ارتفع عدد الزبائن بشكل كبير، موضحا في ذات السياق أن سبب الندرة غير معروف، ولإيجاد الحل الذي يرضي الجميع، أصبحنا لا نبيع الزيت لمن يريد الحصول عليه في الدلاء وحصرنا خدماتنا داخل المحطة في التفريغ والتشحيم وذلك للحد من الاحتكار ومنح الفرصة للجميع· الخواص يشتكون من شح التمويل ويحمّلون نفطال مسؤولية ما هو حاصل من جهتهم، حمّل أصحاب المحطات الخاصة ممن التقتهم ''الجزائر نيوز'' مسؤولية ما هو حاصل لمؤسسة نفطال، وقالوا إنها المتسبب في غزو الزيت المغشوش للأسواق المحلية بعد إصدارها تعليمات إلى وحدات البيع التابعة لها، وتنص على تقليص عدد الطلبيات اليومية المقدمة من طرف أصحاب محطات بيع الوقود إلى حد بيع برميل بسعة 200 لتر من زيت السيارات الخام يوميا، بينما تفوق حاجات المحطات ذلك بخمسة أضعاف، الأمر اضطرهم، حسب غالبيتهم لقبول ما يعرض عليهم من زيت وإعادة بيعه للمواطنين حتى ولو أنهم يجهلون مصدره، غير أنهم يرون في أن توفر المغشوش منه خير من عدم تواجده نهائيا لأن ذلك يعني توقف نصف الحظيرة الوطنية للسيارات عن السير· أما عن سبب ارتفاع أسعار الزيت في المحطات الخاصة مقارنة بتلك التي تباع بها في المحطات التابعة للقطاع العام، قال من تحدثت إليهم ''الجزائر نيوز''، أن السعر يتماشى مع ذلك الذي يشترون به البرميل ويصل إلى 55 ألف دينار، بينما لم يكن يتجاوز في السابق عتبة ال 25 ألف دينار· هذا، وأجمع أصحاب المحطات على أنهم لم يكونوا ينتظرون أن تأخذ هذه الأزمة كل هذا الوقت دون أن تجد طريقا للحل، باعتبار أن إدارة شركة نفطال أكدت لهم بأن هذه الأزمة كانت نتاج عملية صيانة وحدات التكرير، وأن إعادة تفعيل نشاط هذه الوحدات لن يستغرق وقتا طويلا، لكن في الأخير وجد مسيرو المحطات أنفسهم يواجهون واقعا آخر خصوصا بعد نفاد الكميات المخزنة من المادة على مستوى وحداتها· الناقلون الخواص في حملة لجمع توقيعات يطالبون فيها وزير الطاقة بالتدخل هذا، ولم يجد بعض الناقلين الخواص من شيء لإسماع صوتهم سوى الشروع في حملة لجمع توقيعات يطالبون فيها مؤسسة سوناطراك بالتدخل وإيجاد حل، على أن يوجهوا رسالة أخرى إلى وزير الطاقة يطالبونه فيها بالتحقيق في مصدر زيوت المحركات المتداولة في السوق السوداء، وسبب غيابها لدى نفطال وتوفرها باستمرار في السوق السوداء بأسعار تتعدى قيمتها الأصلية بثلاثة أضعاف· أما عن عواقب الأزمة، فذكر الناقلون أن المشكل ليس متعلقا فقط بندرة زيوت السيارات، بل الأمر تعدى ذلك باعتبار أن العديد من نقاط بيع المادة أصبحت تتداول الزيوت المغشوشة بعد ارتفاع الطلب، الأمر الذي من شأنه أن يتضاعف مستقبلا في حال استمرار الوضع، خاصة وأن أصحاب السيارات استنفدوا كميات الزيوت التي قاموا بتخزينها·